المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

نحو إحياء ” ملكة التفكير “

نحو إحياء ” ملكة التفكير “

(1) ذوق طعم التفكير:
إنّ الله سبحانه وتعالى أمر عباده بالتفكير وحثّهم عليه قال تعالى: ((إنّ في خلق السموات والأرض وإختلاف اليل والنهار لأيات للأولي الألباب))، وقال سبحانه و  تعالى: ((وفي أنفسكم أفلا تبصرون))
فإذا جئنا بهذه الآيات وتدبرناها، وقمنا بتفعيل " ملكة التفكير " كما أمر الله تعالى بشرط ألا نفكر في الأمور التي لا تدركها عقولنا كأمور الغيب؛ وصفات الله تعالى وكيفيتها، لخلُصنا إلى نتائج عظيمة تزيد من عظمة الله تعالى في نفوسنا، وتأتي بثمرات عظيمة كأننا نتذوقها فنحس بطعمها!!!! وللأسف الكثير من الناس لا يُعمل "ملكة التفكير" إلاّ في أمور سطحية بل أمور معاشية! مثل: أي الطرق أقرب الى البيت؟ ماذا سنأكل هذا اليوم كيف نتاجر بأموالنا؟…..إلخ وأشياء من هذا القبيل.

(2) تفعيل ملكة التفكير:
فإذا فعّلنا "ملكة التفكير" في أقرب الأشياء إلينا كالليل والنهار، وما فيهما من آيات تدل عليها وما التأثير الذي يؤثره على الناس؟
وعلى ضوء ما سبق فلنأخذ الإنسان الذي يعيش بالقطب الشمالي والإنسان الذي يعيش في الشرق الأوسط والذي يعيش في جنوب خط الاستواء فكل من هؤلاء يتأثر بالشمس وإسقاطها!؟
فالذي يعيش في القطب الشمالي الجو عندهم شتاء طول السنة، والشمس لا تظهر إلى أحياناً فهي مائلة فبالتالي شكله طويل القامة ولونه أبيض وعواطفه متبلدة وشعره مسترسل وعقولهم قليلة الفهم (فطير) أو كما يقال!
وإنسان جنوب خط الاستواء فنهاره طويل والشمس عمودية ودرجة البرودة قليلة في الشتاء وجسمه أسود وشعره متجعد وعوطفه متوقدة !
أما إنسان الشرق الأوسط فالليل والنهار متوسطان ومعتدلان
فالبشر في الشرق الأوسط أعطاهم الله سبحانه وتعالى الوسط في كل شيء: في الأخلاق وفي اللون وفي الشعر, تجدهم وسط في كل شيء وهذا من فضل الله تعالى. ولهذا كان أغلب الأنبياء من هذه المنطقة، ونجد أن هذه المنطقة منطقة الصراعات إلى أن تقوم الساعة وعلامات الساعة الكبرى تقع في الشرق الأوسط.
فإذا أختلف إنسان ما مع شخص من جنوب خط الأستواء حيث حرارة الشمس مرتفعة جداً فماذا يحدث؟ لتجد صاحبنا هذا قد انفجر غضباً كمثل الثور الهائج لا أدري ما سيوقفه؟ أما الشخص من الشرق الأوسط نجده هادئ الطبع متزن الجناب متوسط في كل شئ في حياته تقريباً

(3) دعوة للتفكير:
وقد تختلف طباع الناس تبعاً لعوامل أخرى لكن يمكن ان تتغير أيضاً. كما في وصية النبي صلى الله عليه وسلم  لبعض أصحابه قال: ((لا تغضب)) فردد مرارا قال: ((لا تغضب))
أما في جانب السنة نجد أنّها دعت إلى الفقه والفهم أكثر من الحفظ, لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيراً يفقه في الدين)) وقال: ((رب حامل فقه من هو أفقه منه)) ودعا النبي صلى الله عليه وسلم لإبن عباس – رضي الله عنهما –  قائلاً: ((اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل)) وهذا إعمال لـ"ملكة التفكير".
وقال بعض الحكماء:
إذا كنت في حاجة مرسلاً               فأرسل حكيماً ولا توصه
ولذلك كان الإسلام يبعد كل ما يعطل هذه الملكة (التفكير)
فلأجل ذلك حُرم الدجل والشعوذة فقال صلى الله عليه وسلم: ((من أتى كاهناً أو عرّافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد))، وذلك حتى لا يؤثر على عقل الإنسان ويعطله.

(4) يفكرون في حدود المألوف؟!
وكذلك مثل قصة مغيث مع بريرة فقد كان مغيث يحبها حباً جماً ملك عليه قلبه وعقله، بل وأثر عليه, فقد كان يمشي خلفها في الطرقات وهو يبكي وهي تبغضه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبريرة راجعيه! فقالت: أتأمر فيه أم تشفع؟ قال: بل أشفع! فقالت: لا رغبة لي فيه؟!
وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن الذين يفكرون تفكيراً صحيحاً لا تتجاوز نسبتهم 2%
و  98% يفكرون في حدود المألوف؟!
فيا ترى متى نفكر تفكيراً صحيحاً ؟؟؟؟؟