المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

أثر الإسلام على حياة الفرد

أثر الإسلام على حياة الفرد

ليس الإسلام زينة تلبسونها  أو حلة تتباهون بها.. بل الإسلام أعظم من ذلك وأعمق أثراً في حياة أتباعه بحيث يربط ظاهرهم بباطنهم ويرد ذلك كله لله.

فإذا تنفس المسلم فبالله ولله، وإذا قام أو قعد أو عاد أو سالم أو أحب أو أبغض أو أعطى أو أخذ فكل ذلك بالله ولله.

وإلاّ كان الإسلام عنده مجرد حروف لا صلة لها بالمعاني وظلال شخوص ما قامت في أرض الواقع فلا ينفعه ذلك إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغ.

أفضل جيل جلّى الصورة المشرقة الكاملة للإسلام – دين الله الذي ارتضاه لعباده – هو جيل الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين – لأنهم أخذوا ماء الإسلام من كف المعلم الأول للأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

فكانوا في النقاء أعظم من البلور، وفي الصيانة كالؤلؤ في الأصداف، وفي الصلابة عند المواجهة والصدام أشد من الماس.

عبّروا عن ولاءهم لله بالنفس والمال وهجر الأوطان، وسبقت أفعالهم أقوالهم، كما صبغت مشاعرهم أشعارهم، فلا تسمع منه جعجة بعشر ما ترى منهم طحيناً.

فهذا الجيل هي المقياس الذي تحاكم له أي تجربة تحدث بعده من حيث قربها أو بعدها عن الإسلام فلا تقل لي هذه حكومة إسلامية أو حزب إسلامي أو جماعة إسلامية حتى تحاكمها بإنصاف من خلال قرب أو بعد أقوالها من أفعالها.

حكت السير أنّ سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ولي القضاء في خلافة سيدنا أبو بكر – رضي الله عنه – فمكث سنة لم ترفع له قضية فما كان منه إلا أن قدم استقالته لخليفة رسول الله بإعتبار أنه يتقاضى راتب بغير عمل فقال له سيدنا أبو بكر إلى أي شيء تعزو ذلك فقال: "هؤلاء قوم رباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفوا حقهم فلم يأخذوا غيره وعرفوا حق غيرهم فأدوه على الوجه الأكمل".

وحكت السير أن سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – مُذل المجوس لما قدم بعض جنوده من فارس بقافلة محملة بالأحجار الكريمة والمعادن النفيسة من الذهب والفضة والزمجرد والياقوت وبلغت تلك الغنيمة الثمينة المدينة دون أن ينقص منها شيء ولو يسير قال ساعتها أمير المؤمنين رضي الله عنه: "إن قوم أدوا هذا لأمناء! فقال له سيدنا علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -: "عففت عفت رعيتك ولو أنك رتعت لرتعوا".

الآن بسبب غياب أو قل ندرة القدوات والعلماء العاملين جاء جيل يأخذون عرض هذا الأدنى وتركوا ميثاق الكتاب فغرسوا في نفوس السامعين حالة نفسية تنظر للإسلام من خلال اتباعه فكانوا عفا الله عنا وإياهم حاجز صد عن سبيل الله من خلال تهافتهم على المادة على حساب المبدأ وحبهم للعاجل والعمل له، ولو كان ذلك بطرق محرمة شرعاً من دسٍ وكيدٍ ونفاقٍ ومداهنةٍ على حساب الآخرة.

والدين ورضى رب العالمين مع ما عندهم من علم بحرمة ما يرتكبون والعقوبة الكبرى المترتبة عليه ولكنهم أخلدوا إلى الأرض وساروا سيرة بلعم بن باعوراء.

رسالة لكل من حرم النظر وكان أدنى عند الله وعند أهل الإسلام الحق من الحشر، من عاش بلا رابط وفعل وقال بلا ضابط، كتلة من اللحم خالية من الفهم، مبشرة بالجسم الذي لا يعرف من هو؟ ولماذا جاء؟ وأين يذهب؟

أقول له الإسلام يحاكم للنص وليس للشخص لأن الشخص قد تقع منه الهفوة وتصيبه الصبوة وتغلبه الشهوة فتذل قدمه بعد ثبوتها وبعد ذلك لا يعتد بتعبيره العملي لمجافاته روح الحقيقة ولا تفسيره العلمي لمخالفته مقصود الرب سبحانه ومراده من النص.