المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

الجنيه السوداني في منطقة خطرة

الجنيه السوداني في منطقة خطرة

عاد الجنيه السوداني للتدهور أمام الدولار بدرجة أثارت الجدل بشأن الأسباب الحقيقية، في الوقت الذي تعلن فيه الحكومة مرارا أنها تسعى لمعالجة الأمر عن طريق إجراءات اقتصادية.

وهوت العملة السودانية مقابل الدولار بنسبة فاقت 70% خلال أقل من ثلاثة أشهر، ليتجاوز سعر الدولار 16 جنيها في السوق السوداء مقابل 6.6 جنيهات في منافذه الرسمية، وهي فجوة يصفها اقتصاديون بالمنطقة السوداء “التي يصعب الخروج منها لأي اقتصاد”.

ولم تفلح الإجراءات الحكومية التي اتخذت حتى الآن في إيقاف هذا التراجع الذي أفقد الجنيه السوداني أكثر من 35% من قيمته، لكن الحكومة ترى أن سياستها كافية لمعالجة الأمر.

الحصار الأميركي

ففي حين يوجه عدد من الاقتصاديين نقدهم للسياسات الاقتصادية المتبعة والتي اعتبروها السبب في تدهور مجمل الاقتصاد السوداني ترى الحكومة أن الحصار الأميركي المفروض على البلاد منذ أكثر من عقدين من الزمن هو السبب الرئيس لذلك.

لكن الحكومة مع ذلك تقلل من شأن تدهور العملة السودانية مقابل كافة العملات الأخرى حسب وزير ماليتها بدر الدين محمود الذي قال إن أي ارتفاع في سعر النقد الأجنبي سيظل أمرا مزعجا “لكن هو أيضا انعكاس لأوضاع القطاع الخارجي ولأوضاع العالم والإقليم من حولنا”.

وأوضح في تصريحات صحفية السبت الماضي أن ما حدث للسودان من حصار أميركي أفقده كما هائلا من النقد الأجنبي مع إحداثه صدمة كبيرة “استطاع امتصاصها في زمن صعب جدا وفي ظروف اقتصادية إقليمية ودولية معقدة”.

وحسب رأي الوزير، ليس كل التدهور في سعر الصرف مشكلة “بل إن ذلك يزيد من التنافس في صادرات البلاد ويزيد من حجمها، وينعكس إيجابا بخفض الواردات وتقليل الطلب على النقد الأجنبي، وهذه كلها مزايا”.

غير أن الخبير الاقتصادي محمد سر الختم يرى أن السودان لا يتعامل مع وسائل دفع المعاملات وفق ما يتطلبه المنطق الاقتصادي.

ويقول إن وسائل الدفع من دون تسوية المعاملات -وهي مقايضة بين طرفين- تجعل العملة السودانية “تتوارى أمام عنفوان الدولار الأميركي والعملات الحرة الأخرى”.

الإنتاج والصادرات

ويضيف للجزيرة نت أن افتقار السودان لوسائل إنتاج حقيقية بجانب توقف الصادرات بشكل كامل ومشاكل إدارة الاقتصاد كلها عقبات حقيقية أمام استقرار سعر الجنيه مقابل الدولار أو غيره.

أما أستاذ الاقتصاد عبد العظيم المهل فيرى أن بنك السودان غير قادر على توفير احتياطي من العملات الحرة ليتخذ بموجبه سياساته النقدية “ولهذا أصبح الدولار لدى القطاع الخاص وتجار العملة بدلا من منافذه الرسمية”.

وباعتقاده أن التدهور الحالي يرجع إلى زيادة الطلب الحكومي بصورة كبيرة على الدولار بجانب حاجة القطاع الخاص في ظل قلة المعروض منه.

ويقول المهل إن الطلب على الدولار في الفترة الحالية لم يكن حقيقيا “بل أصبح الدولار يعامل وكأنه سلعة معروضة في السوق تتوفر لمن يدفع أكثر”. ويضيف أن الجميع أصبحوا يهربون من الجنيه إلى عملات حرة أخرى للمحافظة على قيمة مدخراتهم.

المصدر: الجزيرة