المصدر: الهداية/ سودان تربيون تسابق بعثة حفظ السلام بدارفور “يوناميد” الزمن لتشييد قاعدة عملياتها المؤقتة في “قولو” بجبل مرة، لكن الكثير من المعلومات المتعلقة بالقاعدة في هذه المنطقة الاستراتيجية تظل مجهولة أو طي الكتمان. ورغم أن مجلس الأمن حدد مواقيت إغلاق المواقع الميدانية لكنه لم يحدد سقفا زمنيا لبقاء القاعدة “المؤقتة” التي يجري تأسيسها في […]
المصدر: الهداية/ سودان تربيون
تسابق بعثة حفظ السلام بدارفور “يوناميد” الزمن لتشييد قاعدة عملياتها المؤقتة في “قولو” بجبل مرة، لكن الكثير من المعلومات المتعلقة بالقاعدة في هذه المنطقة الاستراتيجية تظل مجهولة أو طي الكتمان.
ورغم أن مجلس الأمن حدد مواقيت إغلاق المواقع الميدانية لكنه لم يحدد سقفا زمنيا لبقاء القاعدة “المؤقتة” التي يجري تأسيسها في أعلى الجبل، كما لم يتم تحديد عدد القوات التي ستتمركز في هذه القاعدة.
وينتظر أن تعمل قوات يوناميد في جبل مرة على إنجاز مهام عملياتية تستهدف معالجة الحالة الأمنية من واقع نشاط التمرد في جيوب صغيرة أعلى الجبل، وحالة إنسانية تتمثل في آلاف النازحين.
ويقول العقيد ركن جعفر محمد أبكر معتمد محلية “قولو” بولاية وسط دارفور إنه تم منح يوناميد الأراضي المخصصة للقاعدة في منطقة تحدد الحوجة الأمنية للسلطات المحلية وبما يمكنها من السيطرة على القاعدة.
ومنحت الحكومة المحلية بولاية وسط دارفور، في 28 يناير الماضي بعثة حفظ السلام قطعة أرض مساحتها 356,614 مترا مربعا، أي حوالي 80 فدان شمال شرق مدينة قولو، حاضرة محلية وسط جبل مرة.
ويشدد المعتمد أنه بالرغم من أن إنشاء القاعدة كان قرارا سياديا يخص الحكومة في أعلى مستوياتها لكنه لن يؤثر على المجتمعات المحلية في قولو، لأن الإنشاءات ليست في مناطق مأهولة.
وأوضح أن الحالة الأمنية مستتبة وأن وجود يوناميد في المنطقة سيجعل المجتمع الدولي يتلمس مستوى الاستقرار الذي تحقق، قبل أن يقر بأن ثمة نشاط ضئيل للتمرد قطعا يؤثر على الحالة الأمنية.
لكن حجم الإنشاءات والتأسيسات التي تقوم بها يوناميد على الأراضي التي منحت لها في جبل مرة يفتح الباب أمام الكثير من التساؤلات حول مهام القاعدة سواءً الآن أو مستقبلا.
وحول هذا يقول معتمد قولو إن ما يلي حجم ونوع الإنشاءات أمر يخص وزارة الخارجية.
وسبق أن بثت البعثة في 19 فبراير صورا لأعمال التشيد الأولية لقاعدة العمليات المؤقتة في قولو، ثم عادت ونشرت، يوم الإثنين، صورا أخرى تظهر جرارات ضخمة تنقل حاويات في طريقها الى “طويلة “من الفاشر، حيث يوجد مطار يسمح بهبوط طائرات ضخمة.
وبحسب نشرة للبعثة فإن عناصر قوات حفظ السلام الصينية التابعة ليوناميد قادت مركبات محملة بمعدات ثقيلة عبر تضاريس صعبة مستغرقين عدة ساعات لقطع مسافة لا تزيد عن 100 كلم كجزء من رحلتهم إلى قولو بوسط دارفور لبناء القاعدة المؤقتة.
ويقول سليمان جاموس، أحد أهم القيادات المؤسسة للحركات المسلحة في دارفور، إن جبل مرة ومنطقة قولو على وجه الخصوص هي بمثابة “قلب دارفور” لأنها منطقة حيوية جدا.
ويبدي جاموس في حديث له أمله في أن لا تشكل قاعدة قولو منطلقا لأي تحركات من الأراضي السودانية في أي مهام تتجاوز الحدود.
ويتابع قائلا “وجود قاعدة كبيرة في قولو يعني وجود سبب آخر غير دارفور”.
ويؤكد أنه “بشكل عام إذا كان وجود يوناميد في جبل مرة بدون تغيير في تفويضها فإن وجودها من عدمها سيكون سيان”، مشيرا إلى أنه في حال استمرار واستقرار “الأمن النسبي” حاليا ومعالجة أسباب الصراع فإن الحالة الإنسانية لن تشكل “مشكلة” لإنسان دارفور.
لكن الطيب أحمد إبراهيم عضو البرلمان عن دائرة كتم بشمال دارفور يرى أن جبل مرة يمثل موقعا مهما واستراتيجيا لأنه أعلى قمة في وسط وغرب أفريقيا، “عليه فإن قاعدة قولو لن تكون قاعدة مؤقتة، بل هي قاعدة استراتيجية وفقا للدول العظمى”.
ويقع جبل مرة بين ولايات شمال ووسط وجنوب دارفور في مساحة 12800 كلم مربع، وهو مجموعة قمم بركانية بارتفاع 3000 متر فوق مستوى البحر ويتمتع بمناخ معتدل ومصادر مياه غنية طوال العام.
ويذهب إبراهيم إلى أن موقع وعلو المنطقة سيسهل أي عمليات رقابة أمنية يمكن أن تتجاوز إقليم دارفور، “لأن جبل مرة متساوٍ في الأبعاد جنوبا وشرقا وغربا”، وهو ما يجعل قاعدة قولو مؤهلة لتكون قاعدة تدخل سريع لفض النزاعات في المنطقة بأكملها.
ويضيف قائلا “حتى إذا انتهت أزمة دارفور هذه القاعدة ستظل وتستمر”.
ويشير عضو البرلمان إلى أن ورشة عقدت في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في العام 2009 بمشاركة 300 خبير ناقشت مخططا لإنشاء قاعدة كبرى تضم 80 ألف جندي للتدخل السريع في أفريقيا، وتم إقتراح “أم جرس” في تشاد ومكان آخر في جنوب السودان، لكن تم الإقرار بأن المكان المناسب هو جبل مرة.
ويمضي إبراهيم ليقول إن منطقة جبل مرة لها ارتباط تاريخي ووجداني بجهات خارجية عديدة، مبينا أن المستعمر الإنجليزي ومبشرين وكهنة ومؤرخين شكل الجبل محور اهتمامهم منذ حقب سابقة.
ويقول إن ثمة إصرار كان واضحا من مجلس الأمن الدولي وبعثة يوناميد على موافقة الحكومة السودانية على قيام قاعدة قولو بجبل مرة.
وظلت (يوناميد) تجري محادثات منذ العام الماضي مع الخرطوم كي يتسنى لها إنشاء هذا الموقع الميداني في جبل مرة احدى أكثر المناطق التي تعاني تحديات جسيمه لقربها من مواقع خاضعة للتمرد، ما يجعلها عرضة لمناوشات مسلحة ويقع عليها العبء الأكبر في استقبال النازحين.
وفي أوائل يناير الفائت ناشد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس الحكومة السودانية إضفاء الطابع الرسمي على تخصيص الأراضي اللازمة لإنشاء قاعدة قولو.
ويأتي ذلك بعد أن أكملت “يوناميد” الانسحاب من 11 موقعا ميدانيا في دارفور والبدء في مرحلة ثانية من خطة تقليص القوات على أن يكون مركز عمل البعثة في “قولو” إنفاذا لقرار مجلس الأمن في يونيو 2017.
ونشرت قوات “يوناميد” مطلع العام 2008 في إقليم دارفور الذي يشهد نزاعا بين الجيش السوداني والمتمردين منذ عام 2003، وتعد ثاني أكبر بعثة حفظ سلام حول العالم، بعد البعثة الأممية في الكونغو الديمقراطية.