المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

فتاة تنصرت.. ملف مفتوح!!

فتاة تنصرت.. ملف مفتوح!!

 

بهدوء شديد.. وبرودة دم استثنائية.. نقل الإعلام السوداني، خبر الفتاة السودانية التي تم تنصيرها، مُصدَّراً بالاعتذار الدبلوماسي اللبق الذي قدمه مطارنة الكنسية القبطية في السودان لوالي الخرطوم!!.

ووفقاً للبروتوكول الدبلوماسي في الاعتذارات، فإن الحادثة لا تعدوا أن تكون تصرفاً فردياً!!.. هكذا دائماً يجري تصنيف الكوارث.. حتى يتحلل الجميع من المسؤولية!!.

ولكن الفتاة التي استمرت علمية تنصيرها لمدة عام كامل، وطيف بها من الخرطوم إلى القاهرة – نيروبي – جوبا – ثم أديس أبابا، في ثلاثة أسابيع..ثم أرجعت إلى ذويها، لم تزل على نصرانيتها حتى الآن !!..

محال أن يكون جهد عام، وجولة مكوكية في أربع عواصم، استطاع أن يقتلع فتاة من كانت ترتدي الحجاب وتصلي، وتسمى إيمان، ومتحدرة من أسرة توصف بأنها متدينة.. محال أن يكون جهداً فردياً لأحد القساوسة أو الناشطين النصارى!!..

ومحال أن يكون ذلك جهداً فردياً.. لأن ما حدث هو صفحة في ملف مخزي، ظل مفتوحاً منذ أكثر عقد من الزمان!!..
من قبل دقَّ الناقوس كثير من المسلمين المهتمين؛ دعاة، وكتاب صحفيون.. متحدثين عن تحول النشاط التنصيري من مساره القديم وسط الإحيائيين الجنوبيين، وفي بعض نواحي جبال النوبة، جنوب النيل الأزرق، إلى القبائل الشمالية، ذات العمق المسلم!!..

ومع بداية الألفية الثانية، أخذت مظاهر هذا النشاط، تزداد وضوحاً وجرأة، وأصبح ما يسمى بمعرض الكتاب المقدس، يتموقع في مواضع استراتيجية في قلب الخرطوم!!..بل اتخذ المعرض الموسمي صفة الديمومة.. وصار الفناء الخلفي لسرادقه مكاناً لاجتذاب الفضوليين من المسلمين، وضعاف التدين والثقافة، لبث الشكوك والشبهات حول دينهم!!..
وشيئاً فشيئاً تحرك المعرض التنصيري، ليخترق مؤسساتنا الجامعية، ويقيم سرادقها وسط فنائها متحدياً مشاعر المسلمين، لم ينه هذا العبث إلا غضبة الشباب المسلم، الذي انتصر لدينه، أزال المعرض بالقوة..في حادثة مشهورة..
المهم أن النشاط التنصيري، ظل يمارس علناً تحت سمع وبصر الحكومة الإسلامية في السودان!!..

وكانت الكنيسة الكائنة في قلب سوق بحري، (بمكتبها الراعي الصالح).. تعرض الأفلام التنصيرية، المدبلجة بالعربية الدارجة السودانية، أمام المارة في سوق بحري.. وكانت الكتيبات والمنشورات الكنسية، تقذف من خلال نوافذ السيارات، وتحشر بين زجاج المركبات العامة!!..

أما حالات المتحولين من الإسلام إلى النصرانية (الردّة)، فقد أخذت مكانها بقوة، جعلت منها مادة دسمة لبعض الفضائيات العربية، مثل قناة العربية، التي بثت تقريراً وثائقياً عن (تنصير المسلمين الشماليين في الخرطوم)!!.. ونشرته على موقع الويب خاصتها، بتاريخ 1 نوفمبر 2010م.

يتحدث التقرير، عن الضحايا الذين يجري اجتذابهم من خلال (معرض الكتاب المقدس) الذي وصفه التقرير بـ(شبه الدائم)!!.. ويتحدث التقرير عن الشاب (جمال) المتحدر من أم سعودية، وأب سوداني من قبيلة الشايقية، الذي نصّرته الكنيسة، وعمّدته كاثوليكياً، وهو يؤكد أنه يعرف على الأقل ستة آخرين تحولوا إلى من الإسلام إلى المسيحية!!.. ويمضي التقرير ليذكر (محمد الشيخ) المسلم الذي أصبح قسيساً ينشر النصرانية!!..

الإشكالية الكبرى أن حكومة الإنقاذ منذ أن جاءت، أحدثت تحولات عقائدية وقانونية كبرى، هي التي أزالت الحواجز أمام المد التنصيري ليتجه بجرأة إلى عمق المسلمين!!  

فهي التي استقدمت بابا الفاتيكان السابق (يوحنا بولس)، وليستقبل لأول مرة في السودان أمام حشد نصراني لم يسبق له مثيل، ونصبت له صليباً يرتفع عدة أمتار في السماء!!..

وهي التي أقامت أكبر مؤتمرين لحوار الأديان في تاريخ السودان.. نفت بعض أوراقهما عن النصارى صفة الكفر، أحلت عليهم وصف الإيمان!!.

وهي التي ألغت قانون التبشير المسيحي لعام 1962م، الذي كان يقيد حركة التنصير، ويحدد بناء الكنائس بإذن رسمي من رئيس الجمهورية شخصياً!!.

الجيل الجديد لم ينشأ على مفاهيم الولاء والبراء، التي كانت متأصلة حتى عند العجائز.. فالإعلام، ورجال الفكر، لا يقولون له إن النصارى كافرين..وأسرته لا تهتم بتحصينه أمام الهجمات، وهو لا يعرف عن دينه إلا النذر اليسير.. فكيف يصمد أمام التشكيك والإغراء!!.
إنها أمانة أولياء الأمر، ابتداءً من الأب والأم، ثم الدعاة والعلماء، وانتهاءً بالحاكم..