فى سابقة تعد الأولى من نوعها شن رئيس هيئة علماء السودان بروفسير محمد عثمان صالح هجوماً في الصحف على لجان الحسبة وتزكية المجتمع؛ ذلك الجسم الدعوي الاسلامي الذي يقوم مقام هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، الأمر الذي أثار استغراب الكثيرين من الدعاة والمتابعين للشأن الدعوي في البلاد، خاصة أن الهجوم تزامن مع هجوم مماثل […]
فى سابقة تعد الأولى من نوعها شن رئيس هيئة علماء السودان بروفسير محمد عثمان صالح هجوماً في الصحف على لجان الحسبة وتزكية المجتمع؛ ذلك الجسم الدعوي الاسلامي الذي يقوم مقام هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، الأمر الذي أثار استغراب الكثيرين من الدعاة والمتابعين للشأن الدعوي في البلاد، خاصة أن الهجوم تزامن مع هجوم مماثل من قيادات إتحادية على لجان الحسبة لانتقاد الأخيرة للوزيرة التابعة للحزب فى قضية "الثوب" حيث حصر الوزير جلال الدقير القضية في "الثوب" ليفرغها من محتواها في وقت تقول فيه اللجان أنّ القضية ليست الثوب، وإنّما طريقة ارتدائه التي تُبيّن جزء من شعر الوزيرة المعنية.
هجوم هيئة العلماء والاتحاديين لم يكن هو الأول، فقد هاجم مكتب العقيدة الذي لا يعرف له صوت ولا صورة في الساحة اللجان أيضاً، وما ذلك في رأيي إلاّ لأن اللجان نجحت فيما فشلت فيه مكاتب العقيدة والدعوة التي تنفذ ما يتوافق مع التوجه السياسي العام فحسب، ليصبح الأمر ظاهرةً تستدعي الوقوف عندها، خاصةً وإنّ لجان الحسبة وتزكية المجتمع تتشكل من ممثلين من عدد من الجماعات الإسلامية ونجحت في ضم مشايخ من السلفيين والصوفية تحت لوائها.
المتتبع لعمل لجان الحسبة يلحظ أنها تصدت بقوة للمظاهر السالبة خاصة أماكن الشيشة، والأنشطة الهدامة المتعلقة بالإنترنت حيث شنت حملات بالتعاون مع المصنفات بولاية الخرطوم أسفرت عن تطهير العديد من مقاهي الإنترنت من المواد الفاضحة ونصحت العديد ممن ضبطت بحوزتهم أفلام إباحية أو من ضبطوا في الشارع العام في أوضاع مخلة بالآداب.
لا يخفى النجاح الباهر الذي حققته اللجان في مكافحة المد الرافضي وكشفها لمخططات الرافضة في السودان ابتداءً من أنشطتهم في منطقة أبي قرون بشرق النيل، وانتهاءً بالكُتيبات المسيئة للصحابة التي توزعها جهات بالداخل، الأمر الذي جعلها محل استهدف من قيادات متقاربة مع الشيعة بهيئة علماء السودان سيما أحد القيادات المشهورة الذين عرفوا بدفاعهم عن النيل أبوقرون الذي يتهمه أهله بادخال التشيع إلى منطقته.
لجان الحسبة حققت أكبر نجاحها في موسم المولد النبوي الأخير بعملها على الإصلاح بين الصوفية وأنصار السنة عبر اللجنة التي تشكلت وضمت في عضويتها مجموعة من القيادات والمؤسسات والجماعات الاسلامية ويشهد على ذلك رئيس جمعية الإمام مالك الفقهية.
التصدي للدجل والشعوذة كان من أولويات اللجان التي وسعّت أنشطتها في هذا المجال بقيادة الشيخ عيسى والذي قدم محاضرات كان آخرها لقيادات من الحركة الاسلامية، كما أن هذا الشيخ ومعه مشايخ من لجان الحسبة وتزكية المجتمع كان لهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في محاصرة النشاط التنصيري الواسع الذي شهدته البلاد مؤخراً وتجلى في حادثة الفتاة التي تنصرت وتم تهريبها إلى خارج السودان.
عمل اللجان وصل حتى وسائل الإعلام إذ كان لها الدور الكبير في تنبيه القنوات المحلية للزي الفاضح، وإقناع السلطات بعدم السماح للإعلانات الفاضحة بالظهور على اللوحات الإعلانية بالطرقات، كما أنها لعبت دوراً كبيراً مع الشرطة المجتمعية في عدد من المناطق الطرفية في توعية سائقي الركشات بمسؤلياتهم الدينية والاجتماعية مما قلل نسبة الجريمة التي كانت تتم عن طريقهم مثل الاتجار بالخمور والمخدرات فضلاً عن وقف تشغيل الأغاني الهابطة في هذه المركبات الصغيرة مراعاة للذوق العام.
تخطت لجان الحسبة وتزكية المجتمع حدود السودان، وفي زيارتها للملكة العربية السعودية نجحت في تشكيل لجنة لمتابعة قضايا السودانيين المعتقلين بالسجون السعودية وهو أمر يعرف حجمه من هم بالمملكة، ليأتي أكبر عمل تقوم به اللجان وهو تبنيها لمشروع الدستور الاسلامي الذي صممته الأحزاب والجماعات الاسلامية.
مما سبق يتضح لنا أن المستفيد من خفض صوت لجان الحسبة أو إيقافه هم الروافض، والذين يسعون لتفريخ ذلك الفكر في السودان، بجانب رافضي الدستور الاسلامى الذين يريدون إسكات أي جسم أو مؤسسة تصدح به في الوقت الحالي على أقل تقدير، إضافة إلى الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، ومن يريدون للشعب أن يتَنَّصر أو أن يتبدل دينه.
كان كلام هيئة علماء السودان سيكون معتبراً إذا طالبت لجان الحسبة بتغيير طريقتها في النصيحة أو إبداء الرأي في القضايا الشرعية، ولكن تهديدها بوقفها هذا يجعلنا نراجع حساباتنا تجاه هذه الهيئة التي تنشط عندما يمس الحزب الحاكم أو من والاه سياسياً ودونكم قضية الوزيرة، أما حديث الوزير الدقير فهو ليس أهلاً للفتوى حتى يرخص بالثوب على تلك الشاكلة؛ ونحن بطرفنا من النصوص القرآنية والأحاديث ما يجعلنا لا نعيره أي اهتمام لأن القاعدة تقول: "لا اجتهاد مع نص" فيمكن للدقير أن يفتي في السياسة، ولكن في قضايا الشرع والفقه لا إخاله كذلك.
إن واجب القيادات الاسلامية في البلاد بمختلف توجهاتها عدم الصمت إزاء الهجوم الذي تتعرض له لجان الحسبة وتزكية المجتمع، وألاّ يقتل هذا الجسم أمام أعين الجميع ويخمد صوت لا يخاف في الله لومة لائم، وإن سمح الناس بهكذا فعلة أو تطاول، فإن أي مشروع لجسم إسلامي في المستقبل سيموت بسهولة ولن تجد له بواكيا.