بعد تأجيل تكرر عدة مرات جاءت زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى مدينة جوبا حاضرة جنوب السودان، والتي تمت بدعوة من رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت عقب التوقيع الأخير لاتفاقيات التعاون الذي تم بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا، لتجد الزيارة الاهتمام من وسائل الإعلام الدولية والمحلية لجهة أنها تعتبر الأولى لرئيس السودان منذ زيارته الأخيرة أبان […]
بعد تأجيل تكرر عدة مرات جاءت زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى مدينة جوبا حاضرة جنوب السودان، والتي تمت بدعوة من رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت عقب التوقيع الأخير لاتفاقيات التعاون الذي تم بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا، لتجد الزيارة الاهتمام من وسائل الإعلام الدولية والمحلية لجهة أنها تعتبر الأولى لرئيس السودان منذ زيارته الأخيرة أبان حضورها مراسم انفصال الأراضي الجنوبية عن الدولة الأم، ولأنها جاءت بعد قطيعة امتدت أكثر من عام تخللتها معارك دامية بين الطرفين كان أبرزها احتلال منطقة هجليج النفطية من قبل الجيش الشعبي واستردتها بعد ذلك القوات المسلحة السودانية.
الوفد الذي يرافق رئيس الجمهورية إلى جوبا يضم الدكتور جلال يوسف الدقير مساعد رئيس الجمهورية، والعقيد عبد الرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس الجمهورية، والفريق بكري حسن صالح وزير رئاسة الجمهورية، والأستاذ أحمد سعد عمر وزير رئاسة مجلس الوزراء، والفريق عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع الوطني، بالإضافة إلى الأستاذ علي كرتي وزير الخارجية، والمهندس إبراهيم محمود حامد وزير الداخلية، والدكتور عوض أحمد الجاز وزير النفط، والفريق محمد عطا مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني، والاستاذ إدريس محمد عبد القادر وزير الدولة برئاسة الجمهورية، والدكتور فضل عبد الله وزير الدولة بوزارة التجارة.
ومن أسباب تكرار تأجيل زيارة البشير إلى حاضرة الجنوب عدم نضوج الاتفاقيات السابقة، وضعف التزام الجانين بها حيث كانت اللجان المشتركة تعلن أنها اتفقت على أشياء أساسية وسرعان ما يحدث خرق هنا أو هناك، كما كانت هنالك مخاوف لدى قادة النظام بالخرطوم من أن ترتكب حكومة الجنوب حماقة حال وصل الرئيس البشير إلى جوبا وتسلمه إلى محكمة الجنايات الدولية التي أصدرت بحقه مذكرة توقيف هو ووزير الدفاع الفريق عبدالرحيم محمد حسين.
زيارة الرئيس السودانى أغضبت الكثير من المعارضين للحكومة في الخرطوم خاصة الحركات المسلحة التي كانت تتمنى استمرار الخلاف بين البلدين لكي تنعم هي بدعم الجيش الشعبي الذي وفره لها عقب الانفصال وإغلاق تشاد حدودها أمام الحركات المسلحة السودانية، فهي تريد أرضية لها هناك إذا تعرضت للملاحقة وطريقاً للإمداد اللوجستي، ولما كان المتضرر الأكبر من هذا التقارب هو الحركة الشعبية "قطاع الشمال" سارعت في ذات يوم الزيارة لقصف مدينة كادقلي بصورايخ "الكاتيوشا" مما أسفر عن مقتل ثلاثة وجرح 11 فرداً غالبيتهم من الأطفال والمدنيين، بهدف إفساد الأجواء.
أما معارضة الداخل والتي كانت في السابق تنظر لكل فعل من النظام بعين السخط التي تُبدي المساويا عدلت هذه المرة من وجهة نظرها وأعلنت على لسان الأستاذ محمد ضياء الدين عضو هيئة تحالف قوى الاجماع الوطنى "المعارضة " ترحيبها بزيارة الرئيس عمر البشير واعتبرتها أنها جاءت في الوقت المناسب، وأضاف ضياء أن القوى السياسية مع أي خطوة تساعد على الاستقرار والتعايش السلمي بين الشعبين إلاّ أنه عاد وقال: " إن هنالك عقبات ما لم يتم تجاوزها ستؤثر في مستقبل العلاقة الثنائية ذكر منها قضية أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب والحرب بالوكالة المتمثلة في دعم حركات التمرد على الصعيدين.
الرئيس عمر البشير قال إنّ زيارته بداية لتطبيع العلاقات والتعاون مصدراً تعليماته بفتح الحدود مع جنوب السودان أمام حركة المرور البري مبيناً في مؤتمر صحفي عقده مع نظيره سلفاكير إن الزيارة أتت بالنتائج المرجوة، والمتمثلة أساساً في تأكيد الإرادة السياسية لتعزيز العلاقات الثناية حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة عليا محدودة برئاسة نائبي رئيسي البلدين للنظر في كل القضايا وتطوير مجالات التعاون بين البلدين.
ومن جانبه قال رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت إنه اتفق مع نظيره البشير على مواصلة الحوار لحل كل الخلافات العالقة بين البلدين، معلناً استعداده شخصياً للتوسط بين الحكومة السودانية والمتمردين في جنوب كردفان والنيل الأزرق باعتبار أنه كان شخصياً هو المسئول عن تدريب كل من عرمان والحلو وهو الذي دفع بهما للمعارك وكانا تحت قيادته المباشرة.
ونفى في المؤتمر الصحفي عقب المباحثات الثنائية بين الجانبين أن تكون لبلاده أي صلة مباشرة مع ما قال أنهم يسمون أنفسهم الحركة الشعبية قطاع الشمال، مردفاً أنه قد طلب من الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم ومن رئيس هيئة الأركان بالحركة قطع أي صلة بين حركته والذين كانوا أعضاء فيها من السودان بعد أن انفصل الجنوب في عام 2011، وقال إن هذا ما حدث وهذا ما أكده باقان أموم في خطابه للآلية الإفريقية رفيعة المستوي التابعة للإتحاد الإفريقي بقيادة الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثامبو أمبيكي.
وقال الرئيس سلفاكير أنه يريد أن يؤكد للشعبين في البلدين أن بلاده وحكومته سوف تطبق تطبيقاً كاملاً لكل ما تم الإتفاق عليه بين الجانبين، وتابع إنه لمصلحة السودان ومصلحة مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق ومصلحة جنوب السودان أن يتوقف القتال وأن يسود الاستقرار، وانه قد آن الآوان لتجلس الأطراف إلي طاولة المفاوضات عوضاً عن الإقتتال.
زيارة الرئيس عمر البشير إن كانت كسرت الجمود السياسي بين جوبا والخرطوم، وأكدت الرأي العام المحلي والعالمي أن ليس بين العاصمتين إلاّ الصداقة والتعاون فهي قد نزلت برداً وسلاماً على مسلمي جنوب السودان الذي صلى معهم البشير الجمعة بمسجد الكويت في جوبا وتحدث إليهم مبشراً بالخير من داخل المسجد الذي حضر فيه عقد قران شاب سوداني شمالي من بنت جنوبية وكان هو وكيل الزوج، لتكون الزيارة قد أتت أكلها، ومن المؤكد أنها سيكون لها ما بعدها في ظل استئناف ضخ بترول الجنوب عبر الأراضي الشمالية وعبور سلع الشمال إلى الجنوبيين الذين يفضلونها على السلع الواردة إليهم من كينيا ويوغندا.