الشيخ د.محمد بن عبد الكريم
الإيمان نعمة مهداة ، وهداية مسداة:
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على الهادي البشير رسول الله صلى الله عليه وسلم ،سمعناه منادياَ إلى الإيمان فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وثبتنا .
أما بعد
فإنه ليس في الوجود كلمة تعبر عن فعل من أفعال الإنسان أجمل ولا أرق ولا أندى من لفظ الإيمان بالله ، فالقلب بغيره ميت والبال بدونه فاسد ، والنفس بها فاقة لا يسدها إلا الإقبال على الله والإيمان به , فالإيمان بالله هو غذاؤها فلا جوع معه ، وهو ريُها الذي لا ظمأ معه، وكساؤها السابغ لعريه , وهو الروح لحياته, والنور لإبصاره , قال تعالى :} أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[وقال الله تعالى ممتناً على رسوله صلى الله عليه وسلم بهذه النعمة المهداة ، والهداية المسداة : } وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم [ ومع أن النعم التي نتقلب فيها ظاهرها وباطنها من الله وحده كما قال الله تعالى :} وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ[ إلا أن الإيمان بالله وحده هو أعظمها وأولاها منة كما قال تعالى :} بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [، ولهذا كان من جميل المناسبة أن تبتدأ سورة النحل والتي تسمى أيضاً بسورة (النعم) بنعمة الإيمان والهداية إلى توحيد الله تعالى قبل غيرها، قال الله تعالى ]: أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ [
إن الإيمان في اللغة هو: الإقرار أما مفهومه الشرعي فهو : التصديق الجازم بالله تعالى والإقرارله بما يجب من العبودية والطاعة ، وبملائكته ، وكتبه ، ورسله، واليوم الآخر، والقدرِ خيره وشره ، وبسائر أمور الغيب الثابتة في الكتاب والسنة .
[1]) إن الإيمان إذا اقترن بالإسلام في موضع واحد فإنه يفسر بالإعتقادات الباطنة والإسلام يفسر بالأعمال الظاهرة كما في حديث جبريل عليه السلام وسؤاله عن الإسلام والإيمان والإحسان وأما إذا أطلق الإيمان فإنه يشمل الإعتقادات لباطنة والأعمال الظاهرة كما في حديث وفد عبد القيس وهذا من قبيل ما يقول فيه العلماء : إذا اقترنا افترقا ، وإذا افترقا اجتمعا، مثل اسمي : ( الفقير والمسكين ).