المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

تبعات مقتل محمد بشر المُوّقِع على سلام دارفور

تبعات مقتل محمد بشر المُوّقِع على سلام دارفور

بعد أيام قليلة من مقتل صالح محمد جربو نائب القائد العام لحركة العدل والمساواة جناح محمد بشر التي وقعت على اتفاق سلام مع الحكومة السودانية في العاصمة القطرية الدوحة على أيدي قوات حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم في منطقة "فوراوية" بشمال دارفور.

ها هو السيناريو ذاته يتكرر، ولكنه هذه المرة يودي بحياة رئيس الحركة محمد بشر ونائبه أركو سليمان ضحية، وذلك عندما تعرض موكبهما الذي كان يرافقه نائب مدير الأمن التشادي لهجوم من قبل قوات جبريل في منطقة "بامنا" داخل الحدود لتشادية.

قُتل في الهجوم القياديين، وأُسر طاقم المكتب القيادي للحركة المكون من علي وافي الناطق الرسمي باسم الحركة، والتجاني الطاهر كرشوم أمين الشباب والطلاب وآخرين؛ فيما صار في عداد المفقودين إبراهيم زريبة كبير مفاوضي الحركة، ونهار عثمان نهار الذي التحق بها مؤخراً بعد أن قدِم إليها من حركة تحرير السودان.

مقتل بشر ورفاقه وجد الإدانة الواسعة من الحكومة السودانية التي اعتبرته عملاً إرهابياً ومعوقاً للسلام، بالإضافة إلى قيادات حركات دارفور الموقعة والمتمردة؛ التي استنكرت ما قامت به حركة جبريل إبراهيم حيث اعتبر الأستاذ الهادي عجب الدور الأمين العام لحركة جبهة القوى الثورية الواقعة بأنها تنمُ عن عقلية قيادات حركة العدل الانتقامية والتي – بحسب قوله – طبقت ذات النهج مع كل من خرجوا عنها أمثال جبريل تك الذي خرج عنها باكراً، وبحر أبوقردة رئيس حركة العدل القيادة الجماعية إلى جانب المهندس محمد صالح حربة وصالح محمد جربو، مضيفاً أنّ هذه الخطوة تتنافى مع التوجهات الديمقراطية وقبول الرأي والرأي الآخر – على حد تعبيره – وتعد عملاً غير مقبول.

وتوقع عجب الدور الذي قال لـ"موقع الهداية" أنّ الأيام المقبلة ستشهد صراعات عنيفة بسبب الحادثة لجهة أنّ القضية ستتبناها أُسر وقبائل الذين لقوا حتفهم، مشيراً في ذلك إلى محمد بشر الذي تسكن أسرته الجنينة سيما وهو من قدامي القيادات في الحركة، وكان مستشاراً وأمنياً لخليل؛ وممثله في بعثة الاتحاد الإفريقي في دارفور قبل مجئ البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في الإقليم.

وتابع بشر كان من أكبر القيادات مكانة في عهد خليل؛ وهو من الذين كلفوا بفك الحصار عن انجمينا عندما حاصرها المتمردون التشاديون، ومِن مَن رتبوا للهجوم على أمدرمان في العملية التي تسمى الذراع الطويل.

بعض المراقبين يرى حادثة مقتل بشر أنها نتاج لغبنٍ قديم مرده إلى إتهام محمد بشر بتسميم خليل إبراهيم في ليبيا برفقة عبد العزيز بجي الذي صفّته الحركة على خلفية الحادثة، والتي نجى من تبعاتها بشر بعد تدخل قبيلته التي حملت حركة العدل والمساواة على الافراج عنه، هذا الغبن يضاف إليه ما قام به الراحل من شق لحركة جبريل وترأسه جناحاً باسمها خاض به المفاوضات، ووقع اتفاقاً مع الحكومة بالدوحة.

وأياً كانت الدوافع فإن نتيجة عملية الاغتيال تتمثل في تأخير تنفيذ الاتفاق الأخير الذي أصبح من سينفذونه في قبضة الحركات المتمردة، وحتى إذا أُطلق سراحهم فإنه لابد من لملمة أطراف الحركة لعقد مؤتمر عام ليأتي برئيس جديد، هذا إذا لم تنشغل حركة العدل بالثأر لقتلاها الذين بينهم رئيسها محمد بشر.

كما أنّ من النتائج المتوقعة بروز صراع عنيف بين الحركات نفسها للقصاص من قتلة القيادات، ربما يطال هذا الصراع قبائل أو قبيلة مما يعني ذلك مزيداً من تهتك النسيج الاجتماعي لدارفور الذي صار واهناً بمثل هذه الأعمال والصراعات القبلية.

بالرغم من أن الحادثة مؤلمة وخصماً على السلام إلاّ أن هنالك من يرى أنها في صالح الحكومة التي ستكون مسرورة إذا تصدت حركة من الحركات لأخرى متمردة وكفتها شر القتال.

بجانب أن فقد هذه القيادات سيوفر على النظام فرصة في المناصب والالتزامات في الوقت الحالي إلى حين التئام صف حركة العدل والمساواة تحت مظلة قيادة جديدة، أضف إلى ذلك أنّ العملية شوهت صورة قيادات حركات دارفور لدى المجتمع الدولي وصارت الصورة الظاهرة للعيان اقتتال أبناء دارفور فيما بينهم.