المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

آخر لحظة تحاور”الشيخ د. محمد عبدالكريم” أبرز رموز السلفية في السودان

آخر لحظة تحاور”الشيخ د. محمد عبدالكريم” أبرز رموز السلفية في السودان

شهدت الساحة السودانية تحولات كبيرة خلال الفترة الأخيرة تباينت بشأنها مواقف الحكومة وأحزابها مع وجهات نظر المعارضة المدنية والمسلحة إلا أن هنالك بعض التيارات ظلت بعيدة عن الحراك السياسي بالرغم من أن لها آراء واضحة تجاه ما يجري مثل التيار السلفي.

آخرلحظة جلست إلى الشيخ الدكتور محمد عبدالكريم أحد أبرز رموز هذا التيار، والذي هو عضو بالرابطة الشرعية للعلماء والدعاة في السودان ورابطة علماء المسلمين العالمية.

وأجرت معه حواراً ناقشت عبره المواقف من داعش وبوكو حرام والوضع السياسي في البلاد بجانب مستقبل السلفيين في الخارطة السياسية السودانية بالإضافة إلى قضايا أخرى.. فأجاب على التساؤلات بكل صراحة.. وسقناها لكم في المساحة التالية:

أجراه: لؤي عبدالرحمن

٭ بدايةً هنالك ملاحظة من البعض بأن السلفيين غائبون عن الساحة السياسية؟

– الحمد لله وحده والصلاة والسلام سيدنا محمد وآله وصحبه..

بالنسبة للحراك السلفي فإنه في غالبه متجه إلى الدعوة وإصلاح المجتمع، والاشتغال بالعمل السياسي، للأسف ليس أولوية لدى كثيرين منهم إلا فيما يتصل بالسياسة من جهة المناصحة والتوجيه العام، ولكن الأمور تغيرت إلى حد ما في السنوات الأخيرة وبدأ هنالك اتجاه سلفي عام في عموم البلاد الإسلامية لتعاطي العمل السياسي من منطلقات سلفية..

وهذه التجربة هي تجربة حديثة ويشوبها كثير من القصور وحصلت لبعضها إخفاقات خطيرة جداً وسيئة، وربما توجس الناس منها خيفة ولكن أقول إن علاقة السلفيين بالعمل السياسي عموماً هي علاقة قديمة، ولو أخذنا جذور السلفية ورموزها.

الأوائل والذين أصّلوا لها كـ "ابن تيمية وابن القيم –رحمهما الله –" لوجدنا أنهم من أكثر الناس الذين أصّلوا للسياسة الشرعية وكتبوا فيها كتباً ورسائل تعتبر من أمهات المراجع التي عليها من يريد أن يكتب في أصول السياسة الشرعية..

والعمل السياسي وفق مقاصد الشريعة الإسلامية لم يكن محرماً ولن يكون كذلك عند علماء الإسلام عموماً وعلماء الدعوة السلفية على وجه الخصوص، باعتبار أن الإسلام دين ودولة وعقيدة وشريعة، وما يدور سابقاً ولاحقاً هو الحديث عن جدوى المشاركة السياسية في ظل النظم التي تتبنى مسلك الديمقراطية، وهي مسألة اجتهادية مصلحية تخضع العملية فيها لحسابات الربح والخسارة في فقه الموازنات الشرعية.. وغالب علماء الدعوة السلفية وجمهورهم، سواء قبل أو بعد الربيع العربي، يرون أن هذا العمل يعد نوعاً من الحسبة، متى ما رجحت مصالحه على مفاسده.

٭ ما هو سبب الإخفاقات وضعف الممارسة لدى الكثير من السلفيين في الشأن السياسي؟

– الممارسة لهذه السياسة على أرض الواقع ضعفت لإشكالات كثيرة، أولها عدم وضوح المنهجية في التعاطي مع العمل السياسي لدى كثير من قطاعات السلفية..

حيث ظن بعض السلفيين أن العمل بالسياسة هو نوع من النفاق والرجس الذي يؤثر على العمل الدعوي وبعضهم لا يحمل هذا المفهوم، ولكنه يرى أن العمل السياسي ليس من الأولويات في مسائل الإصلاح وكل هذا الفهم غير صحيح لأننا لو أرجعنا ذلك إلى الأصول التي يأخذ منها السلفيون المفاهيم الإسلامية نرى في الحقيقة أنه لا فرق بين السياسة والعبادة، فكل ذلك من الدين..

فالآية الواحدة أمرت بالحكم بما أنزل الله وأمرت بالصلاة وأمرت بالجهاد، والسياسة في مفهومها الشرعي هي رعاية شؤون الناس وهذه الرعاية كما تكون من قبل الحكام أيضاً ينبغي أن تكون من قبل المصلحين والعلماء..

وهنالك اتجاهات حسنة في تأصيل العمل السياسي، وكان من أولى هذه الأعمال الجليلة الكبيرة مؤتمر النوازل السياسية المعاصرة الذي أقامته رابطة علماء المسلمين وكتبت فيه بحوث كثيرة نافعة فيما يتصل بمشروعية إنشاء الأحزاب وضوابط تعاطي العمل السياسي بإشكالاته الماثلة في الواقع المعاصر.

٭ اهتمام المشائخ بالقضايا السودانية الداخلية أضعف من اهتمامهم بقضايا الخارج؟

– هذا ليس صحيحاً، هنالك اهتمام كبير بالداخل السوداني لدى الحراك، ولكنه متجه صوب الدعوة والإصلاح الاجتماعي، وأظن أن النسبة واحدة من جهة ضعف التعاطي بين الشؤون الداخلية والخارجية، وهذا الضعف ليس مقصوداً لذاته، وإنما بسبب تزاحم المهام الإصلاحية على العلماء السلفيين عموماً، فهم يرون أن هنالك قضايا تأخذ منهم كثيراً من الجهد والوقت أبرزها الإصلاح العقدي ونشر الفضيلة..

وهذه المسائل هم يرون أن لها أولوية، ولذلك يقل التعليق عند كثير منهم على الأحداث السياسية اليومية، بل يرون أن كثيراً منها مردها إلى انتشار الجهل وغياب الوعي بأصول الإسلام وفقه الحكم بما أنزل الله.

لقد تعرّضت الحركات الإسلامية والسلفية في مركزها لضغط هائل داخلياً وخارجياً لإصدار مزيد من التراجعات والمراجعات الفكرية، وكلها تصب في صالح دمج الحركة الإسلامية في منظومة القيم الغربية، لتصبح القيم الإسلامية في النهاية لدى الحركات الإسلامية مجرد مرجعية فكرية هشة ليس لها أي تأثير في الواقع، وتبقى أحكام الإسلام وشرائعه وقيمه مجرد مظاهر تدينية تعبدية خاصة لا تخرج من هذا الحيز..

فعلى التيار السلفي أن يحافظ على الثوابت من تخلخلات السياسة، وأن تضع الإطار السياسي في نسقه الصحيح.

٭ هنالك حديث خاصة من المعارضة أن المؤتمر الوطنى يتحكم في السلفيين ويستخدمهم في صراعه مع خصومه خاصة اليسار؟

– بعض خصوم الإسلاميين يحاولون أن يصوّروا الحراك السلفي بأنه طوع لكل الحكام، وأن كل من انتسب إلى السلفية يصبح عرضة لذلك، وهذه كلها تخرصات لا حقيقة لها في واقع السلفية الصحيحة، والسواد الأعظم من السلفيين لا يلتفتون إلى رغبة الحاكم أو السلطان في معركة ما مع أي حزب سياسي، وإنما ينظرون إلى القضية بموضوعية من جهة ما يصدر من الأحزاب اليسارية أو غيرها من مخالفات لأصول الإسلام وشرائعه.

٭ الحزب الحاكم من خلال نشاطه اليومي، كثير التحرك والمشورة نحو الأحزاب بما فيها المعارضة وقليل فى حركته ومشورته مع السلفيين؟

– هذا نظراً لأن السلفيين ليسوا ممثلين في أحزاب سياسية، والحكومة تتجه صوب الأحزاب التي لها مراميها في السلطة واقتسامها، والسلفيون في الأصل ليسوا حريصين على التمسك بالسلطة أو المشاركة فيها، وإنما همهم الأكبر هو الإصلاح، وبالتالي تتجه الحكومة إليهم في مجالات أخرى تتصل بالإصلاح سواء من جهة السلم الاجتماعى أو تزكية المجتمع أو نحو ذلك من المطالب الأخرى، وأظن أن الأمر سيتغير لو أن السلفيين اتجهوا صوب الوجود السياسي الحقيقي، حينها سيفرضون أمراً واقعاً.

٭ كيف تنظر إلى الوضع في البلاد؟

– نحن لو قارنا الوضع العام في السودان بما يجري حولنا من أحداث ومشاكل عصفت باليمن ومصر وليبيا نجد اأننا في عافية نسبية، ولكن هذه العافية لن تدوم طويلاً إذا لم يتجه الناس صوب الإصلاح الحقيقي في تتبع الفساد وإصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية بجانب الاجتماعية والإعلامية..

ولازالت الفرصة أمامنا كبيرة لإمكانية إدارة نوع من الحوار البناء الجاد الذي يمكن أن نحقق به مستقبلاً حسناً لنا ولأجيالنا ولبناء منظومة محكمة تتبناها الدولة تنشأ عليها الأجيال، هدفه أن نعود بالإنسان السوداني إلى صفاته الأصيلة من الأمانة والصدق.. وهذه المنظومة ليست عصية على العلماء والمصلحين إذا قويت الإرادة وصدقت العزائم.

٭ إلى أي مدى ترى أن هذه الحكومة إسلامية؟

– الحكومة خلطت عملاً صالحاً وآخر سيئاً، هي من جهة الوجهة العامة والشعار العام تدعو إلى الإسلام، لكنها في حقيقة الواقع تتجافى عن هذا الشعار في الممارسة والتطبيق وتحدث انفصاماً نكداً بينهما لدى الكثير من المراقبين والمعايشين لسياسات حكومة الإنقاذ..

هي من جهة الشعار والنهج العام إسلامية، ولكنها من جهة القوانين ومبدأ الدستور في حسم قضية الشريعة الإسلامية "وإنها ينبغي أن تكون المنطلق في كل القوانين بصورة جادة"، نجد هنا خلطاً بين الحق والباطل.. ومنهجنا في هذا أن ما كان حقاً نقره وماكن باطلاً ننكره، وهذا من النصح الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى به.

٭ كيف للجماعات الإسلامية أن تكون فاعلة في الحراك الداخلي، وهي ليست احزاباً سياسية؟

– ممكن للجماعات الإسلامية أن تشكل مواقف سياسية وإن لم تكن أحزاباً. نحن نعلم أن الفاعلية السياسية قد تكون من الأحزاب أو من مجموعات ضغط بمواقف جادة وواضحة إذا كانت هنالك رؤية سياسية لدى هذه الجماعات وهدف سياسي سامي ينبغي أن يصلوا إليه، يمكنهم إن يحققوا هذه الأهداف دون أن يكونوا أحزاباً سياسية، وذلك بفعاليات ونشاطات وأدوات مختلفة، وهذه في النهاية تشكل وجهة وتياراً، ونحن نعلم اليوم أن التيارات المناهضة لدعاة الشريعة الإسلامية لا تشكل الرأي السياسي العام فقط عن طريق الأحزاب وإنما عن طريق منظمات المجتمع المدني والفعاليات الثقافية وغير ذلك..

مع التنبيه إلى أنه ليس هناك ما يعاب على أي جماعة رأت أنه بإمكانها أن تخدم الإسلام من أي منشط اجتماعي أو تعليمي أو سياسي متى ما كانت ترى نفسها مكملة ومترابطة مع غيرها، وإنما يأتي العيب من احتكار العمل لخدمة الإسلام من زاوية واحدة فحسب، مع التزهيد والتحقير في المجالات الأخرى، وكون بعض السلفيين قد اختار أن يسد ثغرة من ثغرات العمل الإسلامي المتعددة وفق رؤية تكاملية وشاملة؛ لا يعد في واقع الأمر عيباً، بل نراه منقبة ومزية تندرج في منظومة التخصصات التي نفتقدها اليوم في أعمالنا المختلفة.

٭ تداولت بعض المواقع في الأيام الماضية اعتزامكم إنشاء حزب سياسي.. مامدى صحة ذلك؟

– تلك كانت دعوة إلى أن يكون هناك حزب سياسي شامل ينتهج النهج الإسلامي ويشكل إضافة إلى الواقع السياسي بصورة إيجابية، وتداول الناس ذلك فارجأوا قيام الحزب السياسي من ناحية عملية إلى حين توفر ظروف أخرى مواتية، وقد حصل جدل في هذه المسألة، هل من المصلحة أن يبدأ الناس بهذا المشروع أم يرجئونه إلى فرصة أخرى وظروف أحسن وأفضل.

٭ هذا يقودنا إلى حكم تكوين الأحزاب السياسية في الشرع؟

– مشروعية إنشاء الأحزاب السياسية دلت عليها نصوص شرعية كثيرة لأن الحزب عبارة عن أداة من أدوات الإصلاح، فاذاً نرى ضرورة الإصلاح السياسي، فالحزب هو الأداة لهذا الإصلاح، فالأمر مشروع والأصل في المسألة أن فكرة الأحزاب مثلها مثل الواجهات الاجتماعية والدعوية وإن كان مقصودها وأهدافها شرعية صحيحة، فهي أحزاب شرعية صحيحة وإن كان أهدافها غير شرعية فهي غير شرعية.

وبالجملة، فالعمل السياسي هو جزء لا يتجزأ من مشروع الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المقرر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتيارات السلفية عامة مدعوة لأن تقدّم للأمّة الإسلامية تأصيلاً لمشروع نهضوي كامل في كل خطواته من منهج القرآن والسنة على فهم سلف الأمة؛ وأن تأصل لفكرة إسلامية سياسية بدلاً من النظرية الغربية المطبّقة في دول العالم كافة الآن، ليس فقط على الصعيد النظري، بل على صعيد الممارسة نفسها، فهي مدعوة لأن توجد غطاء من الأدلة الشرعية تبيّن فيه مستنداتها الشرعيّة الإسلاميّة في أيّ موقفٍ من مواقفها السياسيّة.

٭ صف لنا العلاقة بينكم وبين الجماعات الإسلامية الأخرى.. أنصار السنة المركز العام وأنصارالسنة بقيادة الشيخ أبوزيد مثلاً؟

– العلاقة مع القائمين على أمر هذه الجماعات هي علاقة وطيدة، وهنالك تعاون وتنسيق ومشاركة في فعاليات مختلفة، بدليل أنك تجد مشاركة المشائخ الفضلاء الشيخ أبوزيد محمد حمزة والشيخ إسماعيل عثمان في كثير من المؤتمرات التي تجمعنا سواء في الداخل أو في الخارج، لكن هذا التعاون والتنسيق والالتقاء ليس على المستوى المطلوب فيما يتصل بالقواعد والمؤسسات العاملة، وهذا ليس فقط مع الجماعات السلفية وإنما حتى مع الجماعات الأخرى المستقلة أو التي تنتمى إلى جماعات.

٭ ماذا تقول عن إغلاق الحكومة للمراكز الثقافية الإيرانية؟

– خطوة على الطريق الصحيح، وأظن أنها أحدثت ارتياحاً كبيراً لدى قطاعات واسعة من الدعاة والجماعات نظراً لأن مسألة انتشار التشيع قضية مؤرقة..

أخيراً شعر القائمون على السلطة في البلاد أن هنالك خسائر ستترتب على استمرار هذه المراكز في القيام بأعمالها ونشاطاتها، من هنا جاء القرار كنوع من إدراك الخطر، وأيضاً استجابة للنصح الذي حدث من مجموعات كثيرة وجماعات وأجهزة رسمية توعوية..

وأخص بالذكر هنا مجمع الفقه الإسلامى الذي لعب دوراً كبيراً في بيان خطر الرافضة والتشيع في البلاد.

٭ هل رصدتم أي نشاط للمراكز بعد إغلاقها؟

– الذي أرابنا أن المركز الذي أغلق صارت فيه نشاطات والدعوة إلى احتفالات، وأظن أن إيران لن تسكت على إغلاق هذه المراكز وستحدث نشاطات بديلة، لكن مع وجود قرار رسمي ووصول قانون يجرم سب الصحابة رضوان الله عليهم إلى المجلس الوطني وإجازته فهذا سيكون سداً منيعاً يقف أمام هؤلاء لإيجاد خطط أو نشاطات بديلة لما كان يقوم به المركز الثقافي، وأحسب إن إدراك الناس لخطر الرافضة هو الضمان إن شاء الله لحصارهم في أي مكان ولإيقاف نشاطاتهم التي يحاولون من خلالها نشر التشيع.

٭ بم تفسر وجود لافتات في شوارع أمبدة خلال الأيام الماضية تدعو إلى يوم علاجي مجاني في مركز تابع للهلال الأحمر الإيراني احتفالاً بما يسمى بالثورة ؟

– هذا من النشاطات التي يحاولون بها أن يغطوا على الخسائر الكبيرة في إغلاق المراكز الثقافية، وبالتالي هنا يجب على السلطات الرسمية أن تمنع مثل هذه النشاطات، لأن المقصود منها ليس إسداء خدمة للمجتمع وإنما الوصول إلى المجتمعات من خلال تقديم خدمات لاستمالتهم إلى هذا الفكر الهدام، وهو أمر لا يخفى لا على السلطات الحكومية ولا على الجماعات الإسلامية، والناس يقومون بدورهم فى فضح هذه الأنشطة والتحذير منها. والأمر ينبغي أن يكون نصحاً مشتركاً بين الحكومة والجماعات لمحاصرة هذه الأنشطة.

٭ الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة التي أنت عضو فيها نشاطها موسمي وتنتظر الأحداث وليس لها مبادرات؟

– الرابطة أنشئت لتكون مرجعية شرعية في توجيه الناس وإنكار المنكرات عامة، وعليه إنها تنشط حيناً وتضعف أحياناً، وهذا ليس راجعاً إلى أنها صُممت لتكون موسمية اإنما هنالك ظروف، وكما نعلم أن الرابطة تمويلها من الداخل، وكثير من نشاطاتها يقوم بها مشائخ ودعاة لهم أعمالهم ومشروعاتهم، وبالتالي حكمها ليس حكم الأحزاب السياسية التي تتابع كل حدث لتخرج فيه بياناً وإنما هي تقدر الحدث، فإن استحق موقفاً ما أو حكماً شرعياً فإن الرابطة الشرعية تدلي بدلوها، وإلا فلا وقد تفوت الرابطة كثيراً من الأحداث، وكما قلت ليس لأنها تقصد ذلك، وإنما نظراً لانشغال الكثير من القائمين على أمرها بأعمال علمية ودعوية كثيرة.

٭ ما هي إستراتيجية الرابطة في المرحلة المقبلة؟

– الرابطة تسعى في المرحلة القادمة أن تحقق نوعاً من الانتشار الدعوي من خلال إقامة الدروس العلمية وإخراج البحوث والدراسات التي يحتاجها كثير من الدعاة للاستبصار فى مسائل النوازل والوقائع.

٭ إذا أتت الانتخابات القادمة وأنتم بغير حزب، ستكونون خارج الخارطة السياسية؟

– الانتخابات القادمة محسومة وليس فيها جديد وهي شكلية ولن تحدث تغييراً، وبالتالي لا نرى انشغالاً بها. وكان الأولى من وجهة نظرنا أن تتجه الأموال التي ستنفق نحو تخفيف الأعباء عن المحتاجين،لأن النتيجة معلومة سلفاً أن الحزب الحاكم المؤتمر الوطني هو الذي سيفوز بهذه الانتخابات، وعليه هذا نوع من العبث الذي نرى أننا نترفع عنه.

٭ ما رأيك في عودة الترابي للتوافق مع المؤتمر الوطني، وهل هذه الخطوة تخدم الإسلام في شىء؟

– موقف الرابطة الشرعية والعلماء من أقوال الترابي وآرائه الفقهية معروف، وسبق وأن أخرجتُ كتيباً بعنوان الرد على أباطيل الترابي.. والترابي لم يتغير ولم يعلن توبة عن آرائه ولامعتقداته، بل هو يحاول كل مرة أن يجتر بعض تلك الأقوال ويصرح بها، ولايعنينا كثيراً هذا الغزل السياسي أحيانا بين الحكومة وبينه، لأن الحكومة تريد أن تجمل صورتها بنوع من الحشد بالنسبة للأحزاب السياسية، والذي يهمنا في هذا الموضوع أن تتجه السلطات للإصلاح الحقيقي الذي فيه بناء الدولة ونشر العدل وتثبيت قواعد الشريعة الإسلامية وإصلاح السلوك العام، إذا كان الناس يتجهون هذه الوجهة فليركب من يركب هذه السفينة أيّاً كان.

٭ بما تفسر صمت الحكومة تجاه ما يجري للمسلمين في سويا وإفريقيا الوسطى؟

– موقف الحكومة مما يجري في سوريا دون المطلوب بكثير، بل هي لم تحدد موقفها بصورة واضحة من الثورة الثورية ومطالبة الشعب السوري بحقوقه، وإن كان نحمد لها أنها فتحت المجال للاجئين السوريين بأن يعيشوا في السودان ويرعوا المحتاجين وهذا أمر لابد من ذكره، بل هناك مؤتمر عن حقوق الإنسان في الإسلام، وكان النصيب الأوفر فيه عن حقوق الشعب السوري وافتتح المؤتمر رئيس الجمهورية.

٭ لديكم حراك بشأن سوريا وأفريقيا الوسطى.. أين دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان من اهتماماتكم؟

– تحدثنا عن دارفور كثيراً، وأخرجت الرابطة الشرعية كثيراً من البيانات وشاركنا بصورة ما في التصالح بين القبائل المتناحرة وشكلنا حضوراً في دارفور من الناحية الإنسانية الإغاثية.

ومنذ عام 2004 تحركت جمعياتنا ومنظماتنا لإغاثة المحتاجين ولإقامة دورات في نيالا والفاشر، وأيضاً اتجهنا صوب النيل الأزرق للمشاركة الاجتماعية ولإقامة مجمعات، ولنا ثلاثة مجمعات بجنوب كردفان، أما بالنسبة للنيل الأزرق منظماتنا الإغاثية هي الأكثر نشاطاً ولنا هنالك أكثر من «7» مجمعات في الدمازين ومناطق أخرى.

٭ ماهو موقفكم من داعش وبوكو حرام؟

– هذه اتجاهات تنتهج نهج الغلو في الدين، والجهاد في سبيل الله تعالى ومقاومة الظلم والطغاة له منهجه الوسطي، الذى هو بين الغلو والجفاء. وتحدثت في موقعي مراراً عن موقفنا من جماعة تنظيم الدولة وأنهم يجنحون نحو الغلو في أحكامهم وممارستهم للجهاد في الواقع، وقد قامت جماعة " الدولة " على الظلم والبغي والعدوان، وقد نال ظلمها وأذاها المجاهدين وغيرهم من عوام أهل السنة، وهذا واقع مثبت لا يمكن إنكاره، وليس هذا مقام حصره..

ومن ثم فإننا نقول إن مصير جماعة " الدولة " إلى زوال إن بقيت على هذا النهج المنحرف ولم تصحح مسارها وتتوب إلى ربها عز وجل ..

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة وعاقبة العدل كريمة، ولهذا يروى: الله ينصر الدولة العادلة الكافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة"..

وهم كانوا سبباً من أسباب الفرقة بين أهل السنة سواء في العراق أو إضعاف الثورة السورية في سوريا، وما قاموا به، مثل هذه المذابح المعلنة على وسائل الإعلام ليست من نهج الإسلام الصحيح في شيء سواء الطريقة التي قتل بها الكساسبة أو الطريقة التى بها ذبح الأقباط فى ليبيا وما ترتب على ذلك من مفاسد ومن تشويه لصورة الإسلام..

وأيضاً ما تقوم به جماعة بوكو حرام من تشويه الإسلام وتأليب لأعداء الإسلام على أهل الإسلام ولا أخالها إلا صنيعة استخباراتية دنيئة..

لذلك يتحتم على العلماء والدعاة أن يبينوا الموقف من هذه الجماعات الغالية حتى لا يظن الناس بأن هذا هو الإسلام وأن هذه الافعال مرضية، ومهما كانت الدوافع والأسباب من طغيان الطغاة وظلم الظلمة فإننا لا نقابل الظلم بظلم ولا نقابل الباطل بباطل، ولكننا نقابل الباطل بحق ونقابل الظلم بعدل..

ومن هنا فإننا لا زلنا ننصح الشباب ونحذرهم من هذا الفكر، ومعاذ الله أن ندعو إلى إباحة دمائهم أو تشريدهم، ولكن بالنصح وفضح الغلاة المجرمين منهم.

نقلاً عن صحيفة "آخر لحظة"