د. محمد بن عبد الكريم
يقول الله تعالى في كتابه العزيز 🙁 فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي فإن لم يستجيبوا لك يا محمد فاعلم أنما يتبعون أهواءهم فهما طريقان ليس لهما ثالث:
فإما طريقه عليه الصلاة والسلام الذي هو طريق من استجاب له وأظعن لأوامره واجتنب نواهيه .وإما طريق المخالفين له الذي هو طريق أهل الاهواء الذين اتبعوا أهواءهم .
هكذا قسّم الله الناس إلى قسمين : فريق يسير خلفه صلى الله عليه وسلم لا يلتفت يمنة ولايسرة فلا يتقدم بقول أو فعل حتى ينظر في رسوله وقائده وإمامه أين هو من هذا الفعل؟ أو ذاك القول؟ 🙁 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي لا تقولوا حتى يقول ولاتفعلوا حتى يفعل وإنما أرسله الله إليكم ليكون قائدكم وإمامكم فى كل صغيرة وكبيرة .
وفريق آخر على النقيض تماماً ممن خالف أوامر النبي صلى الله عليه وسلم ، ونلحظ أنّ الله قد حكم في من لم يتبع أوامر رسوله عليه الصلاة والسلام في كل صغيرة وكبيرة بقوله جلّ شأنه((فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ)) أي (فاعلم) علم اليقين (أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ)) .
ثم قال تعالي مؤكدا علي هذه الحقيقة في مجانبة الذين لايتبعونه بأنهم يتبعون أهواءهم قال تعالي:( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )وإنما هو الهدى أو الهوى؛ فالهدى هو طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن سلكه فهو المهتدي ، أو الهوى وهو طريق من خالفه عليه الصلاة والسلام .
ثم انّ القران قد بيّن لنا بأنّ الهوى يهوي بصاحبه في قعر جهنم (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا )
إنّ الهوى يورث مرضين خطرين بهما علة البشر : مرض الشهوات ومرض الشبهات ، فإما أن يتبع الانسان شهوته على حساب الأوامر الربانيه ، وإما أنه يتبع شبهة عرضت له فى تصوره تؤدي به هذه الشبهه الي مرض في قلبه يمنعه من العلم الصحيح وهذا يؤثر في حركة الانسان وعبادته لله في الارض.
يقول الله تعالى عن مرض الشهوه 🙁 فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) فالذي يحب الفواحش والزنا إذا سمع المرأة تتكسر في كلامها ولا تستقيم في مقالها فإنّ قلبه يضعف أمامها لأنّ به مرض الزنا والفواحش مما يجعله ينقاد لشهوته على حساب أوامر الله .
أما المرض الآخر وهو مرض الشبهة يورث الشك والريب في الطريق الذي يسلكه الانسان ونهايته البدع والمحدثات والشكوك والريب في الدين يقول الله تعالى عن المنافقين 🙁 فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا) هو مرض الشك والريب بسبب الشبهات التي طرأت على قلوبهم فحجبتهم عن نور الوحي .