د. محمد عبد الكريم الشيخ
هذه أيام من أيام الشتاء، فيها ماتجدونه من البرد القارص، والزمهرير المقلق، والله يقلب الليل والنهار، ويقلب الأجواء والأحوال؛ لنتذكر ونعتبر، وليعلم المرء أنه ضعيف أمام ما يقدره الله تبارك وتعالى من أجواء هذه الدنيا وأحوالها، فأنّا للمرء بما ينتظره عند الله جل جلاله وتقدست أسماؤه مما يعذب به العصاة، ومما ينكل به الطغاة ،جاء في صحيح الإمام البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " " اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ " " وجاء في الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ».
إنّ الله تعالى جعل البرد الشديد صورة أخرى من صور العذاب الأليم ولهذا من لطيف قوله تعالى "قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ" فالله تعالى ما قال للنار كوني بردا، ولو قال لها ذلك لأهلكت ببردها وزمهريرها كما تهلك بحرها، لكن الله تبارك وتعالى وصف بردها بالسلام لا برد عذاب "كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ".فكانت كما أراد الله لها أن تكون بردا وسلاما على خليل الله تعالى إبراهيم عليه السلام.
إنّ جهنم – أعاذنا الله وإياكم منها- دار خلقها الله تبارك وتعالى ليعذب بها من شاء، كما أنّ الجنة دارٌ غرس الله كرماتها بيده، لينعم الله بها من شاء من عباده الطائعين، فهل تفكرتم عباد الله في الوقاية من تلك الدار التي هذا البرد وهذا الزمهرير جزء من عذابها ونكالها؟ يقول عليه الصلاة والسلام في شأن نار الدنيا، النار التي ننتفع بها «نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا، مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ» قَالُوا: وَاللهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا» هذه النار التي نوقد عليها، ونستدفئ بها ونستضيئ،هذه النار التي ننتفع بها في هذه الدنيا ومَنّ الله بها علينا كما قال جل وعلا ممتناً على عباده: « أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ» جعل الله تعالى نار الدنيا مع المسافرين في البراري والفيافي، وجعلها مع الذين يحتاجون إليها فيستضيئون بها، ويرون بها الدرب والطريق، وقد يجعل الله الهدى والهداية والخير في نار هذه الدنيا، ومن لطيف قوله عز وجل عن موسى بن عمران عليه السلام لما رأى نارا« إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى» فوجد على تلك النار الهداية كلها، حيث إنه لما دنا واقترب ناداه ربه من ذلك الوداي، وكلمه الله عز وجل وأوحى إليه، والمقصود إنّ الله تبارك وتعالى قد يجعل الهدى والهداية في نار هذه الدنيا، أما نار الآخرة فلا خير فيها، وكلها شر وظلمة وعذاب ونكال، وقد كان عليه الصلاة والسلام يفرق من ذكرها، ويتأمل في أحوالها،ويحذر منها ويشفق غاية الشفقة على أمته. صلى بالناس يوما صلاة الكسوف فأقبل عليهم خطيبا عليه الصلاة والسلام فقال صلى الله عليه وسلم : «رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَرَأَيْتُ عَمْرًا يَجُرُّ قُصْبَهُ، وَهْوَ أَوَّلُ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ»ومعنى قصبه أي (أمعائه) لأنه أول من سيب السوائب، وبحر البحيرة، وحمى الحامي، وغير دين ابراهيم، ورأى فيها- أي النار- امرأة تعذب لأنها حبست هرة لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض كما رأى الذين يعذبون في العقيدة والإيمان بسبب تفريطهم في الشرك بالله عز وجل والكفر بالله تعالى وعلى رأسهم طاغية قريش عمرو بن لحي الخزاعي، الذي بدّل دين ابراهيم من الحنيفية والتوحيد إلى الشرك بالله العزيز المجيد، ورأى أيضا من تعذب في النار بسبب أخلاقها السيئة وبسبب ظلمها وعدوانها، ولو كان ظلما لحيوان كالهرة؛ فالهرة خلق من خلق الله فلما عمدت تلك المرأة إلى هذا الحيوان فلم تقم بحقه، وأهملت تلك الهرة عذبها الله تبارك وتعالى في نار جهنم. وهكذا يعذب الله تعالى بها من انحرف وجاد عن الحق، وغوى في العقائد وباب التوحيد، ويعذب الله بها من شاء من العصاة سبحانه وتعالى. إنّ رسولنا عليه الصلاة والسلام أخبرنا بأنه لو قطرت قطرة من الزقوم في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم «لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي دَارِ الدُّنْيَا لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَايِشَهُمْ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامَهُ؟» قال الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
سموم جهنم
إنّ جهنم لها ريحها وذكائها، كما للجنة ريحها، فإذا كانت ريح الجنة ريحا طيبة من النسيم العليل ومن الهواء الطيب الذي يصلح الأبدان والأنفس ويشتاق بها الإنسان إلى رحمته ونعمته، فإن لجهنم ريحا ورياحا وسموما. إنّ الله ذكر ذلك كله ولذلك جاء في الحديث عن آخر آخر أهل النار خروجا منها قوله "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ لَقَدْ أَعْطَانِي شَيْئًا لَمْ يُعْطَهُ أَحَدٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَلَنْ يُعْطِيَهُ أَحَدًا مِنَ الْآخِرِينَ"ثم يشتكي بعد زمن من ريحها وسمومها "فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا" فيبعده الله تبارك وتعالى عن نار الجحيم، وجاء في سورة الطور والمؤمنون في الجنات مقبلون يتساءلون "وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ " من ماذا وأنتم بين أهليكم مطمئنين مستقرين؟ ما الذي يخيفكم وما الذي يزعجكم؟ وماكان يزعجهم ويخيفهم إلا ماينتظر الناس من حر جهنم (فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّموم إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ).
السحائب والظلل في النار:
من عجائب هذه النار أن لها سحائب وظللا وماسحبها وظلالها سحبها وظلالها جزء من عذابها "وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ " ظل يجعله الله تعالى عذابا ! نعم قد يتحول السحاب الظليل البارد الى عذاب كما فعل الله تبارك وتعالى بأصحاب يوم الظلمة لقوم شعيب عليه السلام؛ فقوم شعيب لما طففوا المكيال والميزان ولجوا في طغيانهم يشركون فتح الله عليهم نسمة من جهنم، فانتشر الحر في بلدتهم في الأيكة وماحولها فضج رجالهم ونساءهم وأطفالهم، ضاقت بهم دورهم وبيوتهم، فخرجوا من بيوتهم يهيمون على وجوههم فتراءى لهم سحاب ظليل، فقالوا: "هلموا الى تلك الظلمة فإن فيها بردا وسلاما" فلما اجتمعوا تحت ظل تلك السحابة أرسل الله تعالى منها نارا فأحرقتهم كما قال تبارك تعالى( فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ*إن في ذلك لأية وماكان أكثرهم مؤمنين).
وقال تعالى"وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ " أي لايجدون فيها شيئا من البرد، وأهل جهنم حين يضجون من حرها وشدة مافيها يؤمرون بأن يخرجوا إلى ظل من ظلال جهنم "انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ * لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ" أي: إلى ظل نار جهنم، التي تتمايز في خلاله ثلاث شعب بمعنى قطع من النار أي: تتعاوره وتتناوبه وتجتمع به.وذلك الظل لا راحة فيه ولا طمأنينة، "وَلا يُغْنِي" من مكث فيه بل اللهب قد أحاط به، يمنة ويسرة ومن كل جانب، كما قال تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ}فإذا جاؤا وجدوا أن مافي تلك الظلة وفي تلك الظلال التي لها شعب ثلاثة أشد ماكانوا هم فيه من العذاب في جهنم.
طرق الوقاية من عذاب جهنم:-
إنّ الوقاية من عذاب الجحيم تكون بأمور:
الأمر الأول: التعوذ من حرها وشرها في هذه الحياة الدنيا. جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في السنن وغيرها أنه كان يتعوذ بالله من أربع "اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ-وفي لفظ اللهم إني أعوذ بك من حر جهنم- وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ" فكان يتعوذ بالله تعالى من عذاب الجحيم.
ومما ورد عن علي رضي الله عنه تعالى عنه في كراماته أنه كان يلبس لباس الصيف في الشتاء ولباس الشتاء في الصيف.أي لا يبالي بما لبس شتاء أو صيفا فلما سئل عن ذلك ذكر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لما كان به رمد في عينيه فجيئ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتفل في عينيه ودعا له( اللهم قه الحر والقر)فماوجد بعدها حرا ولا بردا وقال :(لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) فعقد له الراية ففتح الله تعالى له به خيبر .
ومما ينبغي للمسلم أن يكثر من التعوذ من عذاب جهنم،وإذا صدق المسلم في دعوته فإن جهنم تدعو بأن يعيذه الله عز وجل من جهنم فمن سأل الله تعالى وتعوذ وقال أعوذ بالله من جهنم ثلاثا قالت جهنم اللهم أعذه من النار .
الأمر الثاني: ومن أعظم أسباب الوقاية من جهنم الجهاد في سبيل الله يقول عليه الصلاة والسلام عن الصيام في الجهاد(من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه من النار سبعين خريفا). ومن أعظم مايكون به النجاة من نار جهنم؛ بذل النفس والمال في سبيل نصرة الدين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
والجهاد في سبيل الله يكون بالكلمة وبالمال وبالنفس، وهنا في هذه الأيام القارصات الباردات إخوان لنا في سوريا يعانون ويقاسون؛ فشدة البرد عندهم أضعافا مضاعفة مما عندنا وهم مع ذلك ثابتون قائمون بالنكير على ذلك السفاح الظالم الباغي الجائر، صامدون رغم مايقع لهم من التنكيل والتقتيل وانتهاك الأعراض. فحري بنا نحن المسلمين أن نكون معهم وننصرهم بألسنتنا، وأقلامنا وأن ننصرهم ما استطعنا بأموالنا حري بنا نحن المسلمين أن نكون معهم، ومن الظلم والحيف والخذلان للمسلم أن يدع إخوانه المسلمين نهبا للظالمين لا يعبأ بهم ولايهتم .
ستكتب شهادهم ويسألون:
يقول بعض من لا عقل له ولا دين إنّ ما يحدث من تنكيل للمستضعفين من المسلمين في سوريا- مشكلة داخلية لا دخل لنا في شأنهم .
إنّ المسلم ربما بشهادته وكلماته يلحق بالظالمين، وربما يكون منصفا منتصرا للمظلومين، ولهؤلاء جميعا نذكرهم بقوله تعالى "سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ". فالإنسان قد يكون بعيدا عن حدث أو واقعة وهو يرقبها أو يراقبها فإذا تكلم فيها بكلمة الحق كان مع أهل الحق في ذلك الحدث، وإذا تكلم بالباطل من القول أخذه الله بقوله الباطل ولو كان بينه وبين الحدث البحار والمحيطات، فما بال أقوام يجترؤون على نصرة الظالم، أو التهوين من نصرة المظلوم، والقيام على إنصافه فهذا مما يحاسب الله تبارك وتعالى عليه.
ونجدر بنا أن نجدد أنّ مايقع من بعثة الجامعة الدول العربية في سوريا إنما هو محض مهزلة، وكم يؤلم المسلم أشد الألم ما كان من تصريحات رئيس البعثة على أنه بحاجة إلى مزيد من الوقت، فأي مزيد من الوقت يريده؟ وما الذي سيقوم به وهو يسير مع قوات أمن الطاغية؟ حيث إنهم هم الذين يحددون وجهة تحركه، أما يكفي عشرون يوما من أجل وصف حقيقة مايحدث؟ والعالم كله يشاهد بأم عينيه الأطفال وهم يقتلون والجثث المعذبة، والبيوت المهدمة، أما تكفي هذه المناظر والصور في كل مكان والتي تناقلها الأخيار الأبرار وقد تحدث العلماء في بلاد الشام من القراء وأهل العلم بحقيقة الحدث، وتكلموا عن الفظائع .أما تكفينا شهادة كل هؤلاء ليذهب فريق يجلس في الفنادق يطعم فيها، ويشرب، ثم يخرج إلى الناس بتقرير مؤيد لهذا النظام من القتل و التقتيل، فلايجوز لمسلم أن يسكت عنها أو أن يشارك فيها، ومن ثم فإنه ينبغي على أهل السودان أن يسحبوا هذا الذي هو رئيس الفريق وأن لا يشاركوا في هذه المهزلة فإما أن يذهب الناس بقواتهم وقوتهم من أجل ايجاد منطقة عازلة ونصرة هؤلاء المستضعفين والمشردين وأنصافهم وإما أن يرجعوا ولا يشاركوا في هذه المهزلة وهذا العبث. وربما سمع كثير منكم ذلك المندوب الذي انسلخ من تلك البعثة حيث رأى في حمص وغيرها من المآسي والمذابح وأنه ما احتمل تلك المناظر حتى قدم استقالته وأثبت موقفه ثم خرج. فهذا كله يدل على أن مايسمى بالجامعة العربية تضع غطاء لممارسة هذا النظام لبغيه وعدوانه وظلمه وصلفه .
ينبغي أن ننصر إخواننا في بلاد الشام وأن لا نخذلهم؛ فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.
الأمر الثالث: من أسباب الوقاية من جهنم البعد من الظلم يقول رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا»فذكر النبي عليه الصلاة والسلام صنفا في هذه الأمة يظهر في بلاد الإسلام يقل في زمان ويكثر في زمان، وقد كثروا في هذا الزمان -لا كثرهم الله – وكثروا في هذا الزمان بسبب هذه الأنظمة الباغية الظالمة التي تمالئ أعداء الله عز وجل وتكون معهم يدا على أهل الإسلام
أسد علي وفي الحروب نعامة :
ففي الحروب ضد أعداء الله والظالمين تراهم خانعين أذلاء مستسلمين ومع أعداء الله مع اليهود تراهم في غاية الذل والمهانة لايردون يد لامس، ويقدمون لهم مايريدون على عباد الله من المؤمنين والدعاة والأخيار والصادقين يصبون عليهم العذاب الأليم فيوظفون رجالا يسمونهم زورا وبهتانا برجال أمن أو رجال شرطة يعدونهم إعدادا خاصا لإذلال عباد الله تعالى .يتفنون في ألوان التعذيب وفي ألوان الضرب هذا الصنف تنبأ به النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه الأمة فقال في هذا الصنف " قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ" يتفنون في ضرب الناس وإهانتهم هذا ضرب من ضروب الظلم والبغي أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام بأن هؤلاء من حطب جهنم من أهل النار لأن العذاب عذاب الله ولايجوز للإنسان أن يعذب إنسانا إلا بما أذن الله تعالى به من العقوبات الشرعية حتى في حال القتل نهينا في الإسلام عن الصلب والتعذيب والتنكيل (اذا قتلتم فأحسنوا القتل واذا ذبحتم فأحسنوا الذبح).
الأمر الرابع: كذلك من أسباب الوقاية من عذاب جهنم :الصدقات وكثرة الصدقة فالصدقة تطفئ غضب الرب وتقي جهنم يقول صلى الله عليه وسلم " فَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ " فمن لم يجد مالا يتصدق به فليتصدق على الناس بكلمة طيبة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدلالة على الخير ونحو ذلك مما يحبه الله تبارك وتعالى؛ فإن ذلك يقي صاحبه من جهنم.