المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

دروس وعبر من فتنة دولة العراق والشام

دروس وعبر من فتنة دولة العراق والشام

دروس وعبر من فتنة دولة العراق والشام:

أولاً: كما تأخر الشيخ المحيسني في موقفه من مغامرات تنظيم الدولة، فقد تأخر أكثر وأكثر تنظيم القاعدة في البراءة من جماعة الدولة التي عاثت في العراق بإزهاق اﻷنفس والافتئات على المجاهدين، وحين أخرج الشيخ حامد العلي بحثه في عدم شرعية الدولة وأيده في ذلك جمع من العلماء من أهل العراق وغيرهم؛ حينها كان تنظيم القاعدة يلتزم الصمت المطبق مع الأسف، حتى ظن كثير من الشباب أن الدولة فرعٌ عن تنظيم القاعدة، وذهب الشبابُ يُحاولِون محاكاتها في الصومال، واليمن، ومالي.

أما كان حريا بتنظيم القاعدة أن يبين موقفه من الدولة بجلاء، وأنهم يفتئتون على تنظيم القاعدة قبل افتئاهم على أهل العراق؟ ومع كل هذا العتاب وباﻷخص لتنظيم القاعدة، فإننا نحمد لهم رجوعهم إلى الصواب في بيان البراءة من تنظيم الدولة، كما نحمد للشيخ المحيسني صبره ورباطه وجهده الذي بذله من أجل حقن دماء المجاهدين.

ثانياً: كيف يعتبر الشيخ المحيسني التنظيم مُحْسِنًا في العراق ولكنه مسيء في الشام؟؟!! وايم الله إن هذا لمن الخطأ الفادح في عدم الكشف عن حقيقة القوم، ومن يثني عليها في العراق ويذكر جرائمها في الشام، فهو كما قال بعض الفضلاء كمن يقول إن فلانًا من الناس من صُلحاء الكوفة ولكنه من فجار البصرة! ففي بيان المحيسني تزكيةٌ واضحة لدولةِ العراق، وقد سألنا كثيرًا من أهل العراق من علماءٍ صُلَحاء، ومجاهدين صادقين أُمناءَ، فكانوا يذكرون غلو القوم وتساهلهم في الدماء.

ثالثًا: ليس المتعظ المعتبر من يأخذ على نفسه العهد أن يجرب كلَّ شئ بنفسه، ولا يحكم إلا بما رأت عينُه وسمعت أُذُنُه، بل الحكيمُ اللَّبيبُ هو المتعظ بغيره، والمستفيد من تجارِب الآخرين، ويبدأ من حيث انتهى الناس، فالسعيد من وُعِظ بغيره.

رابعًا: لعل بعض اﻹخوة ممن تعجل في التحامل علينا أن يأخذ العِبْرَة، فيُحْسِن الظنَّ بمن هم أخبر منه. فأن تبدؤوا في مشاريعكم لنصرة اﻷمة من حيث انتهينا خير لكم من التخبط والتجارب التي لا تحمد عقباها، ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي.

خامسًا: ليس هناك أنفعُ من اﻷناة عند توارد الفِتن، حتى يستبين للمرء وجهُ الحق والصواب، ولذلك؛ نصيحتي لنفسي والشباب، أن يتريثوا في نقل اﻷخبار؛ خاصةً عند المعامع والفتن، وباﻷخص في زمان التفنن في اختلاق الكذب واستباحته، ولم يسلم من ذلك حتى بعض المناصرين للمجاهدين، فقد يعمد أحدهم إلى كلام عالم في تزكية ومدح فصيل أو جماعة قيل قديما، فيُزوِّرُه بِحَيثُ يبدوا جديداً، وقد يكون لذلك العالمِ أو غيرِه كلامٌ لاحقٌ في ذمهم، أو التحذير منهم، فينشر بعضهم اﻷول، ويطوي الثاني، وهذا من التلبيس والخداع، ويفعله بعضهم بحجة أن الحرب خدعة، وما درى المسكين أنه بهذا إنما يخدَع المسلمين، ويغرر بهم.

سادساً: ليست الرجولة واﻹقدام بمجرد المخالفة وإظهار المعارضة، خاصةً لمن يسبقونك في العلم والخبرة والتجربة، كما أن المطاوعة والرجوع إلى العلماء في الفتن ليس تعصبا لهم، أو ضعفا أمامهم، فضلاً عن أن يكون ذلك تقديما لهم على النصوص الشرعية.

سابعاً: الاستخلاف في الأرض لا يكون قبل إعداد الأمة بالإيمان، وعمل الصالحات، وحسن الاعتقاد، قال الله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ .. النور: الآية 55) أما قبل ذلك، فهو قفز على الأولويات، وفتنة، وإنهاك للأمة بتجاربَ فاشلةٍ تضعف بناءها، وتُسلط عليها أعداءها، وتثير الشقاق والقتل فيما بينها.

فبالله عليكم كيف يخطو امرؤ في مشروع إصلاح دعوي أو جهادي وأكثر علماء الامة ومجاهديها يذمونهم؟!

والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..