المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

ملخص ما في خطبة (الطريق إلى الدولة اﻹسلامية)

ملخص ما في خطبة (الطريق إلى الدولة اﻹسلامية)

ملخص ما في خطبة (الطريق إلى الدولة اﻹسلامية)
للشيخ  د. محمد عبد الكريم الشيخ

رابط الخطبة

http://alhidaya.net/node/2410

وفيها الرد على الشبهات التي أثارها المنتسبون إلى جماعة دولة العراق والشام، وكفّر بها بعضهم فصائل الجهاد من أحرار الشام ولواء التوحيد.

ومن هذه الشبهات التي قالوا بها:

الشبهة الأولى: الاستعانة ببعض دول الكفر وتلقي المدد منها:

حيث ثبت لدينا بوثائق وشهادات شتى غلوُّ جماعة الدولة في هذا الجانب، وانتهاجهم نهج الخوارج في استباحة دماء الجماعات اﻷخرى بذريعة أنهم من المرتدين، وشريط (الصارم الحسام في كشف ردة صحوات الشام)، فيه أوضح برهان على الغلو الذي مُني به الجهاد في الشام.

https://www.youtube.com/watch?v=FB0lHCiHlIg

ولو كان أهل الحق والعدل يكفرون أهل الاسلام بمثل هذه، لكانت فصائل الجهاد في أفغانستان في الثمانينات – وكثير من هؤلاء لم يكن بعد قد ولد – كافرةً ﻷن كل التسهيلات كانت تقدم لفصائل الجهاد اﻷفغاني من قبل أمريكا وحلفائها ﻹسقاط الاتحاد السوفيتي آنذاك، بل كانت بعض الدول العربية تدفع نصف قيمة التذكرة لمن أراد الجهاد في أفغانستان، وكان قادة الجهاد على صلة وثيقة بالمخابرات الباكستانية، التي كانت عبرها تقدم كافة المساعدات، والشيخ المجاهد عبد الله عزام كان كثير التحرك من بلد إلى آخر لحث الحكومات العربية والشعوب للوقوف مع إخوانهم المسلمين في أفغانستان، فيلزم من تلك الاتصالات والعلاقات عند هؤلاء أن يكفر كل القادة من لدن جلال الدين إلى حكمتيار وحزبه، ومن كان يقاتل معهم من اﻷفغان العرب!

وأظنهم بهذا يكفرون ثوار ليبيا الذين تحالفوا مع حلف الناتو لقتال كتائب القذافي، حتى كان إعلام الهالك يصفهم بثوار (الناتو)!

ومما يشير إلى هذا الغلو الذي وصل مداه؛ – وكأنما الجماعة المسلحة بالجزائر في منتصف التسعينات تستنسخ أختاً لها بالشام – ما في ذلك التسجيل من هذا الحوار الذي كفر فيه بعض المدافعين عن جماعة الدولة دولة  الطالبان، والشيخ أسامة، وإن كانت الدولة قد نفت ذلك في بيانها اﻷخير ووعدت الاستيثاق منه!!

http://m.youtube.com/watch?feature=youtube_gdata_player&v=cAm3kBmF5yw

بل وأحسب أن بعضاً من هؤلاء من (مدافع) التكفير؛ من يعجب أشد العجب مما تنبأ به النبي صلى الله عليه وسلم عن المسلمين في آخر الزمان وأنهم فاعلون مثل هذا قبيل غدر الروم ونشوب الملحمة الكبرى كما في حديث ذي مخبر قال: سمعت رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم يقول: ((سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ فَتُنْصَرُونَ وَتَغْنَمُونَ وَتَسْلَمُونَ ثُمَّ تَرْجِعُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِى تُلُولٍ فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ الصَّلِيبَ فَيَقُولُ غَلَبَ الصَّلِيبُ فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَدُقُّهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ وَتَجْمَعُ لِلْمَلْحَمَةِ))[أخرجه أبو داود] بسند صحيح.

ويستفاد من الحديث أمور:

أحدها: جواز الصلح مع الروم.

والثاني: جواز مشاركتهم في قتال عدو مشترك عند الضرورة.

والثالث: في قتال هذا العدو خير كبير وسلامة عظيمة.

وعند حدثاء اﻷسنان وسفهاء اﻷحلام وبشهوة التكفير الجامحة، وبلازم مذهبهم الغالي فإن أولئك المتحالفين مع الروم لقتال عدو من ورائهم  قبل الملحمة الكبرى هم من الكفار المرتدين!

الشبهة الثانية: في تكفيرهم قادة أحرار الشام، وغيرهم، أن من أحرار الشام والجبهة من قال بالدولة المدنية في مقابلات مسجلة عنهم وتصريحات لعجزهم في هذه المرحلة عن دولة إسلامية (حقيقية) لا (خيالية)، ولا يعلم هؤلاء أن هذا مما قال بمشروعيته فقهاؤنا عند الضرورة وحصول العجز.

وحتى لا يزايد علينا أحد من العجلين، ويدعي أنّا نقول بالدولة المدنية العلمانية، فإنا نتبرأ من ذلك ونؤكد على أن الديمقراطية التي تجعل من الشعب إلهًا يحكم ما يريد، دون اعتبار ما حكم الله تعالى به في كتابه أو رسوله -صلى الله عليه وسلم- هو خروج عن الإسلام، ولكن التعامل مع الواقع عند فرض الديمقراطية له فقهه، على اعتبار الضرورة والحاجة.

ووجهة ذلك من الفقه بالسياسة الشرعية؛ ما قاله العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي شيخ العلامة العثيمين في تفسير قول الله تعالى: { قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ } [هود: 91].

(ومنها: أن الله يدفع عن المؤمنين بأسباب كثيرة، وقد يعلمون بعضها، وقد لا يعلمون شيئًا منها، وربما دفع عنهم بسبب قبيلتهم، وأهل وطنهم الكفار، كما دفع الله عن شعيب رجمَ قومه بسبب رهطه، وأن هذه الروابط التي يحصل بها الدفع عن الإسلام والمسلمين لا بأسَ بالسعي فيها، بل ربما تعين ذلك؛ لأنَّ الإصلاح مطلوب، حسب القدرة والإمكان).

فعلى هذا، لو سعى المسلمون الذين تحت ولاية الكفار، وعملوا على جعل الولاية جمهورية، يتمكن فيها الأفراد والشعوب، من حقوقهم الدينية والدنيوية لكان أولى من استسلامهم لدولة تقضي على حقوقهم الدينية والدنيوية، وتحرص على إبادتها، وجعلهم عَمَلَةً وخَدَمًا لهم.

نعم، إن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين، وهم الحكام، فهو المتعيّن، ولكن لعدم إمكان هذه المرتبة، فالمرتبة التي فيها دفع ووقاية للدين والدنيا مقدَّمة، والله أعلم) [تيسير الكريم الرحمن، للسعدي ص: 389].

أخشى ما أخشاه أن يكفر بعضُهم الشيخ السعدي لهذه الفتوى!!

وبهذا أفتى علماء الشام وغيرهم لهذه الفصائل ﻷن قتالهم في هذه المرحلة هو من قبيل قتال دفع الصائل، وليس هو من قبيل جهاد الطلب.

ألا فليستح أولئك الذين يبتغون بجهلهم أن يناطحوا جبال العلم وصلابه.

كناطح صخرة يوماً ليوهنها

فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

ورحم الله امرءًا عرف قدر نفسه.

وهكذا كل اﻷفلام التي خرجت، بسكوت جماعة الدولة فيها التصريح بردة قادة أحرار الشام ولواء التوحيد والجبهة اﻹسلامية، بحجة أنهم يتلقون دعمًا من أمريكا أو بعض دول الخليج، لقتال جيش بشار وعصابات الرافضة.

والمقصود أن الاستعانة بالكافر لجلب السلاح منه والتحالف معه لقتال كافرٍ أشدِّ عند الضرورة، هو من الحسنات التي حولها بعضهم إلى سيئات بل إلى مكفرات؛ تكفر بها الفصائل الجهادية، التي تتلقى الدعم من دول أخرى كافرة لقتال بشار وحلفائه من الروس والرافضة.

الشبهة الثالثةأن هؤلاء من الصحوات، وهو مصطلح فضفاض مطاط أرادوا به أن يخدعوا اﻷغرار لقتل المجاهدين والتفجير فيهم، وتأمل قصة هذا الفتى المسكين الذي أنجاه الله منهم وكيف دبروا له بمكر وخديعة قتل المجاهدين!

((شهادة الانتحاري (أبي طلحة الجداوي) الذي أرسله تنظيم البغدادي ليفجر نفسه في جبهة النصرة تنظيم القاعدة))

https://www.youtube.com/watch?v=jAnDEdclqc8

فأوهموا كثيراً من الشباب أن أحرار الشام ولواء التوحيد والجبهة اﻹسلامية جميعاً = من الصحوات التي تتعاهد مع الكفار للتجسس على المجاهدين وقتالهم، فهم في نظرهم طوائف ردة.

وللأسف، فإن جماعة الدولة بتصرفاتها الهوجاء واستعجالها بإعلان الدولة قد استعدت كثيراً من السوريين، ومنحت بغلوها وحماقاتها الذريعة لكتائب وجماعات من  المجرمين المندسين لتصفية المهاجرين.

إن لم تكن هذه طريقة الخوارج في التفكير والتكفير، فلا أعلم خوارج من قبل.

ويؤكد غلوهم – ولا أزعم أن كل من التحق بهم من المغرر بهم على هذا الفكر، أو هم راضون به، وإن كان بينهم من هو غافل بسبب الحجب المفروضة عليهم  التي تمنعهم سماع اﻷطراف اﻷخرى – معركتهم اﻷخيرة مع جبهة  النصرة (الفصيل الرسمي لتنظيم القاعدة)، وشهادة المجاهدين في "دير الزور" وما يرتكبونه في حقهم من قصف وحرق، كل ذلك يدل على أن هذه ليست إلا دولة على منهج الخوارج.

وقع هذا كله وغيره، قبل إخراجهم من مدينة "حلب" وما حولها.

إنني أحذر إخواني من تأييد هؤلاء والدفاع عنهم بباطل، وأذكر نفسي وإياهم بقوله صلى الله عليه وسلم : ((ومن خاصم في باطل وهو يعلم، لم يزل في سخط الله حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال)) رواه أبو داود بسند حسن.

هذا ما توصلنا إليه بعد تأمل واستقصاء، وما شهدنا إلاّ بما علمنا وما كنا للغيب حافظين.

فنصحيتي لمن لا يعرف واقع الشام ولا قدرة له على استبانة الحق في مثل هذه الحوادث اعتزال هذه الفتنة،  لكي لا نأتي يوم القيامة فيحاسبنا الله على شيءٍ نشرناه، نتسبب به في إغراء البغاة من الولوغ في دماء معصومين.

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً)) رواه البخاري، ونقل الحافظ ابن حجر العسقلاني عن الشيخ ابن العربي قوله: [الفسحة في الدين سعة الأعمال الصالحة حتى إذا جاء القتل ضاقت لأنها لا تفي بوزره، والفسحة في الذنب قبوله الغفران بالتوبة حتى إذا جاء القتل ارتفع القبول] فتح الباري 12/233.

وروى الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: ((إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله))، وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [قوله: (إن من وَرَطات) بفتح الواو والراء، وحكى ابن مالك أنه قيد في الرواية بسكون الراء والصواب التحريك، وهي جمع ورطة بسكون الراء وهي الهلاك، يقال وقع فلان في ورطة أي في شيء لا ينجو منه، وقد فسرها في الخبر بقوله التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها. قوله (سفك الدم) أي إراقته والمراد به القتل بأي صفة كان، لكن لما كان الأصل إراقة الدم عبر به. قوله: (بغير حله) في رواية أبي نعيم "بغير حقه" وهو موافق للفظ الآية، وهل الموقوف على ابن عمر منتزع من المرفوع؟ فكأن ابن عمر فهم من كون القاتل لا يكون في فسحة أنه ورط نفسه فأهلكها ] فتح الباري 12/233-234

فحسبكم أيها الشباب أن بالشام علماء وفقهاء صدعوا بالحق في وجه طاغوت سوريا، ترجع إليهم فصائل الجهاد في الجبهة وغيرها.

ودفعوا في سبيل ذلك ثمنًا باهظًا؛ من هجر ديارهم، وتلف مساكنهم وأموالهم، فإما أن نذهب إليهم لنصرتهم وكف أذى الصائل الكافر عنهم، أو الصمت عنهم وعن جهادهم.

أقلوا عليهم لا أبًا ﻷبيكمو

من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا

والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل.