المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

أثر غياب القدوة في مجتمعاتنا

أثر غياب القدوة في مجتمعاتنا

 

فجوة بين ما يكتب في السطور والواقع المعاش:

إنّ غياب القدوة في المجتمع يؤدي إلى إحداث فجوة عظيمة بين ما يكتب في السطور أو يحفظ في الصدور، وبين الواقع المعاش في كل جوانب الحياة الدنيوية.

ولابد للمربي أن يأخذ ذلك في عين الاعتبار، فلا يُرى منه شئ يخالف بها أقواله أفعاله، بل لابد من إحداث توامة بينهما.

فإذا كان المرء في موضع القدوة، ومحط أنظار الناس إليه، وهو يدعو إلى خير أو يتمثل به فعليه ألا يخدش هذا الصرح العظيم؛ فتتزعزع الثقة في قلوب الناس في تلك المبادئ التي يحملها؛ ولذا يقول علماء التربية" إنّ الولد مهما كان استعداده للخير عظيماً ومهما كانت فطرته نقية سليمة فإنه لا يستجيب لمبادئ الخير وأصول التربية الفاضلة ما لم ير المربي في ذروة الأخلاق والمثل العليا"

السمت والأدب بمجلس الإمام أحمد:

إنّ الأقوال سهلة، ووضع الخطط التربوية لا يمكن أن تغني عن القدوة في إصلاح مجتمعاتنا؛ فالتأثير بالقدوة أقوى الأساليب لتحويل السلوك؛ ولهذا كان يحضر مجلس الإمام أحمد- رحمه الله- أكثر من خمسة آلاف طالب علم ولا يكتب منهم سوى خمسمائة أما البقية فجاءوا ليتعلموا من سمته وأدبه.

التأثير بالقدوة لتحويل العظات إلى سلوك:

إنّ أسلوب التربية بالقدوة العملية من أهم أساليب التربية، وإلا فلن ينجح معه وعظ ولا إرشاد أو تهديدو وعيد؛ فالولد الذي لم ير والديه يصليان كيف له أن يتعلم أصول الدين وتعاليمه، والذي يراهما يكذبان عليه في الصغير والكبير فيستقر في ذهنه مبدأ الكذب؛ لأن والديه يفعلان ذلك، فينشأ عليه ولا يرى فيه بأساً، وقل مثل ذلك في التاجر الذي يغش الناس في متجره، ومن تولى أمراً من أمور المسلمين وهو غاش لهم فلا خشية من الخالق ولا استحياء من الخلق، والطالب الذي يلهث راكداً في تقليد آخر الصيحات من تصفيف الشعر وحلاقته، واتباع سنن المستغربين فكرياً في لبس ما يسمى بالتسميات الجديدة لآخر الموضات لأسماء البنطال" جيفايس وسيستم والبندقية-كباية-" ثم هو يريد بعد ذلك أن يظفر بمعشوقته فيفني شبابه في سراب فلا عمل في الدنيا يرتجى ولا للآخرة يدخر، فكيف لمثل هذا أن يكون قدوة لعامة الناس. إنه بلا شك زيف لحقيقة الإنسان ووجوده في الأرض، هذه المصطلحات وفدت إلينا تحتاج حقيقة إلى وقفة تأملية وبحث عميق لوضع الحلول المتكاملة حتى يرجع الناس إلى جادة الطريق وسبيل سيد المرسلين سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم-.