أبوبكر يوسف المشرف
إنّ الزواج المتعارف عليه منذ عصر النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يتم بإيجاب وقبول من الطرفين مع مباشرة الولي لعقد الزواج مع حضور شاهدين عدل يوقعان على عقد الزواج مع إعلان وإشهار هذا الزواج وعلم الناس به ، ولكن ظهرت في الآونة الأخيرة ما يسمى بالزواج العرفي الذي يؤدي في نهاية المطاف الى ضياع الأنساب التي جاءت الشريعة لحفظه وإشاعة الفاحشة في المجتمع ، وسوف يقوم الباحث بتعريف هذا الزواج مع ذكرمخالفته لعقد الزواج الشرعي وآثاره المترتبة التي أعظمها كما ذكر آنفاً ضياع الأنساب.
[1](هو الزواج الذي يتم بايجاب وقبول من الطرفين –الزوج والزوجة-من خلال ورقة عرفية ويعاب عليه عدم توثيقه وتسجيله سواء على يد مأذون شرعي في محكمة الاحوال الشخصية أو الشهر العقاري).
يفتقد الزواج العرفي لأركان وشروط عقد الزواج الشرعي الصحيح ومن ذلك :-
[2]يقصد بالولي والد الزوجة أو أحد عصبتها كأخوها أو عمها أو خالها ولا يصح عندهم أن تزوج المرأة نفسها ولا غيرها ولا أن توكل غير وليها ، فإن زوجت نفسها بدون ولي لم يصح عقد الزواج . والأدلة على ذلك من القرآن[3] ﴿… فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ …ٌ﴾
ومن السنة عن ابن عباس، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:[4](لا نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ، والسُّلْطَانِ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَهُ). والحديث الآخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :[5](أَيُّما امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيٍّ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فإنْ دَخَلَ بِهَا، فَلَهَا المَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، والسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَهُ)
ندب الشارع إلى إعلان عقد الزواج بما يحقق الزيوع والشهرة حتى يعلم الناس أنّ المرأة المعقود عليها صارت زوجة لمن عقد عليها ، فلا تلوكها ألسنة الناس بالسوء[6](وعلى حين اعتبر مالك الإعلان والإشهار ركناً من أركان الزواج فقد إعتبره بقية الأئمة شرطاً من شروط صحته والدليل عليه[7](قالتِ الرُّبيِّعُ بنتُ مُعّوِّذِ بن عفراءَ: جاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم فدخُلُ حين بُنِيَ عليَّ فجلسَ على فِراشي كمجلِسكَ منّي، فجعلتْ جُوَيْرِياتٌ لنا يَضربنَ بالدُفِّ ويَندُبنَ مَن قُتلَ من آبائي يومَ بدرٍ، إذ قالت إحداهنَّ: وفينا نبيٌّ يَعلمُ ما في غَدِ، فقال: دَعي هذِهِ وقولي بالذيِ كنتِ تقولين).
[1]د. فارس محمد عمران ، الزواج العرفي وصور أخرى للزواج غير الرسمي ، نشر مجموعة النيل العربية ،القاهرة ، الطبعة الأولى ت 2001م ، ص20.
د. فارس محمد عمران( دكتوراة في القانون العام).
[2]د. محمد رأفت عثمان ،الفقه في الخطبة والزواج،نشر دارالفضيلة للنشر والتوزيع القاهرة ، ط 1984م صـ65-66.
[3]سورة النساء الآية 25.
[4]الهيثمي ،مجمع الزوائد،المصدر السابق ، رقم 4157 .
[5]الهيثمي ،مجمع الزوائد،المصدر السابق نفسه، رقم 2157 .
[6]د. فارس محمد عمران ، الزواج العرفي وصور أخرى للزواج غير الرسمي ،المرجع السابق ، ص 26
[7]رواه البخاري ،صحيح البخاري ،كتاب النكاح باب ضرب الدف في النكاح والوليمة ، المصدر السابق ،جـ16 ص 116 رقم 4750.
[8]د. فارس محمد عمران ، المرجع السابق نفسه ، ص 34-36.
الأمين الحاج محمد،حكم الاسلام في نكاح السر والنهارية والمسيار والعرفي،المرجع السابق، ص23