المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

أطفالنا والمستقبل المجهول

أطفالنا والمستقبل المجهول

إنّ الطفل أمانة في عنق والديه ينشأ على ما يُنشأ عليه, ويرى فيهما المُثُل والقدوة, ولما كان الطفل رجُل الغد كان لزامًا عليهما أن يصونوا الأمانة ويحفظوها من الضيا ع ويوجهوا أطفالهم الوجهة السليمة, ولن يضيع الأبناء إلا بإهمال آبائهم «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ البَهِيمَةِ تُنْتَجُ البَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ» متفق عليه، ومن الرعاية للأبناء والأجيال القادمة الاهتمام بحمايتهم من الوسائل المدمرة لهم مثل التقنيات الحديثة التي ما وضعت مكانها كالقنوات الفاضحة، والمجلات الخليعة،والواجب التعامل معها بحزم ، وبأسلوب تربوي حكيم حتى لا ينقلب الأمر إلى ضده, وإليك بعض الوسائل التي بدت ليّ لعل الله عز وجل أن ينفع بها:
 
في البداية: لابد من إشعار الأطفال بقيمة الوقت، فلا يتاح لهم قتل الساعات الطوال في اللهو واللعب بلا تقدير لقيمة الساعات التي تمضي والوقت الذي يُهدر بلا عمل مثمر, وبالمقابل لابد أن تكون له قدوة أيها الوالد وتحفظ أوقاتك فلا تبددها في متابعة كل خواءٍ.
 
ثانيًا: تعويد الأطفال منذ الصغر على النوم باكراً ليلاً فإن الله عز وجل جعل الليل سُباتًا والنهار معاشًا.
 
ثالثًا: تعريفهم بحق الله الواجب عليهم فهو أقدس ما يحرص عليه ويزرع في قلوبهم, فلا يشغلهم أمرٌ عن الصلاة في وقتها المحدود, ولتثبيت هذا الأمر خذ أبناءك إلى المسجد وعرفهم  كيفية الصلاة وكن جالسًا معهم في حِلق الذكر حتى يتعودوا الإستماع إلى نصيحة الوعاظ والإتيان إلى المساجد .
 
رابعًا: تعريفهم بالحلال والحرام, فكثير من الآباء -هداهم الله – يهملون أبنائهم فلا يعلمونهم الحلال والحرام, وإنما يعلموهم الطعام والشراب وكيفية اللهو واللعب, لا يعلموهم الحلال والحرام, وأنّ من اقترف الحرام فإنه يُعذب, ومن أدى الواجب وترك الحرام فإن الله عز وجل أعَدّ له جنة عظيمة عرضها السموات والأرض, فينبغي للآباء أن يعلموا أبناءهم الحلال والحرام والخير والشر, حتى يستطيعوا أن يميزوا ما يعرض عليهم ويزنوه بميزان شرع الله عز وجل.
 
خامسًا: يعود الآباء أبنائهم على نبذ الأغاني الرخيصة للرجال والنساء, نبذ أصوات المعازف واللهو المتدني, وذلك منذ الصغر, وإذا كان في حوزة أبنائك من هذه الأغاني ومن هذه الموسيقى فاستبدل هذه الأشرطة بأشرطة القرآن وأشرطة القصص للأطفال التي قد توفرت ولله الحمد في الأسواق.. والحريص يُربي فيهم الحِسّ المرهف بحيث تكره آذانهم سماع الموسيقى, فإذا سمع أغاني أو سمع موسيقى سارع بإغلاق الجهاز الذي ينبعث منه أو يذم ذلك المغني.
 
سادسًا: يعرف الأبناء أن أكثر برامج التلفاز وأن المسلسلات والأفلام التي تعرض مصدرها الدول الأجنبية الكافرة المعادية للإسلام والمسلمين والتي لا شيء أحب إليها من إفساد المسلمين وصرفهم عن دينهم وخلقهم وتراثهم الخيّر. حتى ينعموا دائمًا بالسيطرة على المسلمين مع إعلام الأبناء أن اليهودية العالمية هي التي تسيطر على جميع وسائل الإعلام والوكالات في العالم, فلا تقدم لنا إلا الشر في ثوب برّاق خدّاع, ولك أن تأخذ شريط من الأشرطة التي تتكلم عن أعداء الإسلام, وتلخص هذا الشريط وتقرأه على أبنائك أو أن تسمع أبناءك ذلك الشريط أو أن تقتني كذلك تلك الكتيبات التي فيها التحذير من أعداء الإسلام, فتقرأ على أبنائك ما يرد في هذه الكتيبات من التحذير منهم.
 
سابعًا: لابد من تقديم البدائل وتوفيرها وذلك بتنمية الهوايات المثمرة بحيث يقضي معها الأبناء أوقات فراغهم, ومن ذلك المطالعة المفيدة فتقتني الكتب المفيدة التي تتناسب مع أعمار أولادك من القصص المفيدة والتي يبعد فيها الصور ويبعد فيها الكلمات النابية, كذلك الاستعاضة عن التلفاز بأجهزة أخرى ذات آثار تربويه ومن أمثلة ذلك أن توفر لهم جهاز تسجيل مع أشرطة ليستمعو بحرية إلى جهاز التسجيل, ولا بأس أن تسمع لهم بأن يمسحوا شريطًا وأن يُفرغوا شريطًا وأن يملؤه مع تهذيب التصرفات الشاذة التي قد تصدر منهم.
 
وكذلك الدخول معهم إلى عصر الكمبيوتر، على أن يكون باتزان وروية وتوجيه واعتدال, فتُنمي فيهم كيفية استغلال هذه الأقراص في الخير كذلك الأشغال اليدوية للأبناء والبنات مثل النجارة والخياطة والزخرفة وأن تُنمي فيهم الهوايات الخيّرة مثل الخط وغير ذلك وأن تلحقهم بالمراكز الصيفية التي فيها التربية وفيها التعلم وفيها التوجيه, وهي ولله الحمد متوفرة وعلى اختلاف المراحل بين ابتدائية ومتوسطة وثانوية, وكذلك هناك مراكز لتحفيظ القرآن الكريم, فألحق أبناءك بهذه المراكز التي هي لتحفيظ القرآن الكريم والتي هي خير ما تدخل أبناءك وتسجلهم فيها, وكذلك لا بأس أن تخرج بأهلك وعائلتك إلى الأماكن الخالية من التبرج ومن معصية الله تبارك وتعالى والخالية من الموسيقى والأغاني, فتروح عنهم وتعقد جلسة في تلك الأماكن لهم فتوجههم وتذكرهم بالله تعالى وتستغل المناظر لتذكر بعظمة الله عز وجل كما قال تعالى عن المؤمنين: سبحانك ربنا ما خلقت هذا باطلاً .
 
والرسول صلى الله عليه وسلم  كان يستغل المواقف ليذكّر برحمة الله عز وجل وعظمته, ففي سبي هوازن وثقيف جاءت امرأة من السبي تبحث عن ولدها فوجدت ولدًا فألزقته وأرضعته, فيستغل النبي  هذا الموقف ويقول: ((أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ قلنا لا والله وهي تقدر على أن تطرحه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أرحم بعباده من هذه بولدها)).  متفق عليه ،فتنظر إلى الجبل العظيم وتنظر إلى الأشجار المورقة الجميلة فتقول لهم من خلق هذا؟ الجنة فيها أعظم من هذا, وهكذا تذكرهم وتنبههم على عظمة الله عز وجل, ولا بأس أن تخرج بهم من حين وآخر لكي تتعرف على أحوال إخوانك المسلمين المحتاجين, لا بأس أن تأخذ أبناءك إلى العائلات الفقيرة التي تحتاج إلى العون, إلى اليتامى الذين يحتاجون إلى المساعدة, فتعودّ أبناءك العطف على المساكين وعلى الفقراء وتعودهم الإنفاق في سبيل الله ومساعدة والديهم في قضاء حوائجهم من ملابس وأشياء أخرى مادية أو عينية أو غير ذلك.