عماد بكري أبو حراز
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد..
فيا أيها الإخوة الفضلاء،
مما لا يخفى عليكم أنّ الوحدة الإسلامية هدف ينشده ويتمناه، بل يسعى لتحقيقه كل مسلم غيور؛ لأنه من الأسباب التي إذا استوفيناها جلبت النصر.
فالله سبحانه وتعالى قد أمر بالوحدة في غير ما آية في كتابه العزيز،قال سبحانه: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون) [سورة آل عمران: 103].
وحذر الله من الفُرقة والشتات التي هي عين الفشل فقال: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين) [سورة الأنفال: 46].
أشكال الفرقة في الأمة الاسلامية
بالرغم من أمر الله بالوحدة والاعتصام ونهيه عن الفُرقَةِ والتنازع والشتات،إلا أنّ الأمة في واقعها تعيش الفرقة والشتات والتنازع والاختلاف بجميع الصور، فباستقراء ما كتبه العلماء والدعاة في هذا الصدد، وخاصة العلامة الدكتور عمر سليمان الأشقر نجد أن هذه الفُرقة التي تعددت أشكالها يمكن إرجاعها إلى ثلاثة أنواع:
(1) الفُرقة العقائدية. (2) الفُرقة التشريعية. (3) الفُرقة السياسية.
(1) الفُرقة العقائدية:
وهي أخطر أنواع الفرقة؛ لأن الإنسان أسير فكره ومعتقده، وما عمل الإنسان عملاً أو سلك سلوكاً أو تصرف تصرفاً في واقع الحياة، إلا كان ذلك صدىً لفكره وعقيدته. ومن هنا كان واضحاً أن تبنِّي الفكر المنحرف وغرس العقائد الضالة في قلوب المسلمين هو الموجب لاختلاف المسلمين واقعاً.
إن الله تعالى أراد لهذه الأمة أن تكون على اختلاف أجناسها وألوانها ولغاتها تحت اسم واحد هو الإسلام، ولكن الدعوات الباطلة الضالة لم تزل تطل برؤوسها عبر التاريخ لتجزِّيء المسلمين إلى فرق وجماعات، تخالف الإسلام مخالفة كلية أو جزئية. إنّ بعض الدعوات التي أوجدت في صفوف المسلمين تنادي بتوجه المسلمين إلى عبادة غير الله، واتباع غير منهجه، فرجعت إلى بلاد المسلمين كثير من مظاهر الشرك والاختلاف في الدين، باتخاذ الأنداد من دون، الله وعدم استقامتهم على دين الله ومنهجه، والله تعالى يقول: (وإنَّ هذه أمَّتُكم أمَّةً واحدةً وأنا ربكم فاتقون فتقطَّعوا أمرهم بينهم زُبُراً كلُّ حزب بما لديهم فرحون) [سورة المؤمنون: 52ــ53]، وفسر ابن عباس رضي الله عنهما الأمة الواحدة الواردة في الآية بالدين الواحد.
والتقطع الذي أشارت إليه الآية هو التفرق والاختلاف وعبادة غير الله واتباع غير منهجه.
والنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن هذا البلاء قد أصاب الأمم قبلنا، وأنه سيصيب هذه الأمة كما أصاب غيرها من قبلها.
ففي سنن أبي داود ومسند أحمد عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال: ((ألا إن من كان قبلكم أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وهي الجماعة))، وفي رواية: ((ما أنا عليه وأصحابي)).
لقد انقسمت الأمة إلى خوارج ومعتزلة وأشاعرة وشيعة وكلابية وماتريدية ومرجئة وقدرية، واختلفت هذه الفرق في الإيمان وحدوده، كما اختلفت في صفات الله وقدره، ونتج عن ذلك كله اختلاف في واقع الأمر، وتبنت كثير من الفرق مناهج مضادة للمنهج الإسلامي، ومن المناهج المخالفة للمنهج الإسلامي، المنهج الذي يغرق في التعبد مستحدثاً أنماطاً من العبادات لم يشرعها الله، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، كما في حديث الثلاثة في مسائل الصيام والقيام وعدم والزواج.
وجاءت مصائب عظيمة كبرى في العصر الحديث، حيث قامت في ديار المسلمين دعوات تنادي بالكفر الصراح ونبذ الإسلام والانضواء تحت رايات تحارب الإسلام وأهله، منها التي تنادي بالعلمانية، والشيوعية والبعثية، وأخرى تنادي بحضارات بائدة كافرة كالفرعونية والبابلية والأشورية، ومنها ما ينادي بتقليد العالم الغربي والسير في الطريق الذي سار فيه، منهم من يرون أننا لا ننهض حتى ننبذ ديننا ونسير في ركب الغرب، ولو أدى هذا إلى أن ننسلخ من جلودنا ونلبس جلودهم، وما هذا الانبهار بالحضارة الغربية إلا ثمرة لجهل الأمة بدينها ومركزها، وهذا مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والذي ورد في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم)). قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟)).
(2) الفرقة التشريعية:
لا يقصد بها بطبيعة الحال الاختلاف الذي وقع بين السلف في فقه النصوص بسبب تفاوت العلماء في الفهم والإدراك، كما لا يقصد بها الاختلاف الناشيء عن عدم وجود نص، فهذا النوع لا يسبب فجوة بين المسلمين، بل وقع في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والمقصود الاختلاف الناشئ عن الإعراض عن نصوص الكتاب والسنة تقليداً لآراء الرجال أو الاعراض عن النصوص اتباعاً للهوى.
فالفرقة التشريعية ظهرت في أشكال وأنماط مختلفة منها:
(1) الدعوة التي تهدف إلى زحزحة نصوص الكتاب والسنة عن الصدارة وردِّ الأمر إلى عقول الرجال.
(2) أولئك الذين نادوا بالرجوع إلى القواعد العقلية لأن نصوص الكتاب والسنة لا تفيد اليقين بزعمهم.
(3) القرآنيين الذين ينادون بالاقتصار على القرآن وحده.
(4) ومن الفُرقة التشريعية: الافتراق بسبب التقليد، فكثير من المقلِّدة يرفضون الأخذ بنصوص الكتاب والسنة التي تخالف قول الإمام بدعوى أنه أعلم منهم بالنصوص، بل ذهب بعضهم إلى أن كل نص من كتاب أو سنة يخالف قول الإمام إما مؤوَّل أو منسوخ.
بالتالي أفرزت المذهبية فُرقة بين الأمة فانقسمت إلى مذاهب كل فريق يناصر مذهبه.
(5) الفرقة التشريعية في الجماعات: فقد ترى بعض الجماعات تلزم أتباعها بكل ما تتبناه الجماعة، ويوجد فيما تبنته تلك الجماعة أمور مخالفة للكتاب والسنة، فإذا ما تمسك أحد أفراد الجماعة بنصوص الكتاب والسنة المخالفة لرأي تلك الجماعة طردته من صفوفها.
(6) وزاد بلاء الفُرقة التشريعية في هذا العصر عندما أقصيت الشريعة الإسلامية عن الحكم، في ديار الإسلام، واستبدلت بها القوانين الوضعية وحكَّم المسلمون في رقابهم حكم الطاغوت، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(3) الفُرقة السياسية:
الأمة الإسلامية أمة واحدة، يجمعها إطار سياسي واحد، ويحكمها حاكم واحد، هكذا علَّمنا الإسلام. وظل ذلك منذ الدولة الإسلامية الأولى، مروراً بالأموية، ثم العباسية، إلى العثمانية، حتى كاد اليهود للدولة الإسلامية وقضوا عليها بيد كمال أتاتورك.
ونشأت بعد ذلك العصبيات والنعرات التي أتت بالفُرقة السياسية، التي جعلت التنادي بين المسلمين للتجمع على أساس غير أساس الرابطة الإسلامية.
والعصبيات التي أدت للفرقة السياسية كثيرة منها:
(1) عصبية القرابة والنسب: فقد ظلت أواصر القربى في كثير من المجتمعات البدائية اليوم القاعدة الأساسية لعضوية المجتمع والإندماج فيه.
(2) التعصب للمباديء والمذاهب: وقد شكَّل أصحاب هذا النوع تياراً وجماعات، فترى الفرد في هذه الجماعات يناصر جماعته سواء كانوا محقين أم مبطلين، وبعضها لا يسمح للفرد بمخالفة الجماعة بحال من الأحوال، فإن حصل فإن مصيره الطرد،وقد تكون هذه الجماعات دينية وغير دينية.
(3) العصبية الإقليمية: والتي تشكلت بعد انهيار دولة الخلافة، وكان من أهم أهداف أعداء الإسلام تجزئة الدولة الإسلامية، ونجحوا في ذلك أيما نجاح، وضعفت الأمة مما سهَّل سيطرة أعداء الإسلام عليها.
فأصبح المسلمون يتمسكون بالإقليم والعرق واللسان، ويقدمونها عملياً على الإسلام، فنتجت الطورانية وصارت تركيا للأتراك، وتوحَّد العرب على أساس اللغة واللسان، فصارت الجامعة العربية والقومية العربية، فتكتلوا على أساس اللغة حتى ردوا بعض المسلمين من غير العرب إبان حربهم لليهود بحجة أنهم ليسوا بعرب، وهكذا قامت القومية الكردية بل أرادوا تأسيس دولة على أساس القومية واللسان الكردي، وقامت في المغرب الدعوة إلى القومية البربرية ، وهكذا بقية القوميات والعصبيات الإقليمية، فهذه دولة خليجية وتلك مغاربية، وهكذا انقسمت الأمة لأقاليم وما زالت تنقسم مما جعلها أضعف ما تكون والحالة هذه.
(4) عصبية اللون: وإن كان تأثيره ضعيفاً إلا أنه موجود، وإن كان وجوده في البلد الواحد قليلاً، أعني بالبلد الواحد المنطقة من مناطق المسلمين، إلا أنه بين البلدان كبير وكثير.
وعلى ضوء ما قدمنا في الفُرقة بأنواعها وأشكالها فإنها قد أفرزت مآسي كثيرة وكبيرة وعظيمة في شتى بقاع الأرض التي قطنها المسلمون، ومنها أوربا، فالفرقة أدت إلى مآسٍ عظيمة فيها قديماً وحديثاً:
( أ ) قديماً:
ملوك الطوائف في الأندلس:
لما كان المسلمون على قلب رجل واحد، متحدين عقيدة وشريعة، وسياسة وسلوكاً وتوجهاً، فقد دانت لهم كثير من بلاد الدنيا ومنها ـ غرباً ـ الأندلس، ففُتحت الأندلس على أيدي رجال هم من خيرة أهل الأرض يومئذٍ، وشعَّ نور الإيمان بها فأضاء جبالها وسهولها ووديانها، فانتشر الإسلام بها ودخل الناس فيه أفواجا لسماحته، وفي وقت كان الأوربيون في أمس الحاجة له، بل وازدهرت العلوم في جميع التخصصات حتى غدت قبلة للأوربيين يأتونها من شتى بلدانها لينهلوا من معين علومها الصافي، في الطب والهندسة وبقية العلوم، فبلغ عز المسلمين بها مبلغاً عظيماً سطرته كتب التاريخ، فكان يأتي الطالب الأوربي طلباً للعلم من عند نفسه ورغبته، ويأتي بعضهم بتوجيه من دولته ممثلاً في ملكه طالباً من أمير المؤمنين بالأندلس أن يقبل له مجموعة من الطلاب ليدرسوا علوم الطب وكذا وكذا من العلوم.
كما نفعل نحن اليوم تماماً يذهب بعض أبنائنا لبلدان أوربا لرغبته الشخصية، أو ابتعاثاً من حكومته ودولته طلباً للعلم الإنساني التجريبي من طب وهندسة وفلك وبقية العلوم.
فازدهرت الأندلس أيما ازدهار، وغدت مناراً للعلم بلغت شهرتها الآفاق، وما ذاك إلا للتمسك بهذا الدين الحنيف الذي شكل لهم وحدة حقيقية يستحيل معها ضربهم من أي جهة مهما كانت قوتها.
واستمرت دولة الإسلام بالأندلس قروناً، إلى أن دبَّ فيها الاختلاف، فجاءت الخلافات العرقية الإقليمية فهؤلاء من أصول يمنية، وهؤلاء من أصول شامية، وأصول حجازية وهكذا، ورأى كل منهم أنه أحق بالإمامة والخلافة من دون الآخرين.
(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) [سورة الحجرات: 13].
فدبت العصبية في قياداتهم واستقل كل قائد بمنطقة، ونصب نفسه ملكاً عليها بسند من طائفته وعصبته
ألقاب مملكة في غير موضعها**** كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد
وأخذ كل منهم يغزو الطائفة الأخرى، بل استعانوا بالنصارى ليتقووا بهم على إخوانهم، فضعفت الدولة بتقسمها إلى طوائف ودويلات، مما جعلها بعد ذلك لقمة سائغة للنصارى الذين أرجعوها لنفوذهم بعد أن دانت للمسلمين ثمانية قرون، (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا) [سورة الأنفال: 46].
(ب) في العصر الحديث:
(1) من مآسي الافتراق في أوربا: زوال الخلافة، فإن كانت قد ذهبت دولة الأندلس وزالت،وإن كان وقع الأمر على المسلمين عظيماً إلا أن دولة الخلافة بالشرق لم تزل قائمة. إلى الثلث من بداية القرن الهجري الماضي (القرن الرابع عشر)، حتى جاءت قاصمة الظهر: دعوة الأتراك إلى القومية الطورانية ــ أي التركية ــ فقامت دعوة على أساس عرقي قومي، مما أدى إلى ذهاب الخلافة بالكلية لأول مرة في تاريخ الأمة الإسلامية، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: ((دعوها فإنها منتنة))، ومن نتنها أنها ذهبت بالخلافة، نسأل الله ردها، فتآمر اليهود مع الطورانيين، فقضوا على الخلافة، وغدت تركيا من الدولة الرئيسة في الشرق إلى الذيل في الغرب، تجري وراء أوربا حتى الآن وذلك بأنها جزء منها ولم تعترف لها أوربا بشيء من ذلك بالرغم مما قامت به من القضاء على الخلافة، (ومن يهن الله فما له من مكرم) [سورة الحج: 18].
(2) وجاء المسلمون إلى أوربا مرة أخرى، وبدأ تواجدهم بها بعد الحرب العالمية الأولى إلا أنهم كثروا بعد العالمية الثانية، ثم ما زالوا في زيادة مضطردة وذلك: بازدياد القادمين إليها من البلدان الإسلامية، وبتناسل الموجودين، وبإسلام بعض أهل البلاد الأصليين من الأوربيين.
وعددهم اليوم لا بأس به:
• أكثر من ستة ملايين بفرنسا.
• أكثر من أربعة ملايين بإنجلترا.
• أكثر من أربعة ملايين بألمانيا.
• أكثر من سبعمائة ألف ببلجيكا.
• أكثر من سبعمائة ألف بهولندا.
• وهناك مئات الألوف بالدول الاسكندنافية: السويد، النرويج، الدنمارك، وفنلندا.
• وكذلك مئات الآلوف بإيطاليا واليونان والدنمارك وغيرها من البلدان.
فعدد المسلمين في أوربا لا يستهان به، ولكنهم أَتَوْا بخلافاتهم لأوربا بأشكالها المختلفة، العقائدية، التشريعية، والسياسية بعصبياتها المختلفة.
وقد يكون لعامل العصبية القبلية والإقليمية الضلع الأكبر في مآسي الافتراق بأوربا.
فبسبب الانتماء للبلد افترق الناس، ولم يجتمعوا حتى في المساجد، فهذا مسجد للمغاربة، وذاك للأتراك، وثالث للباكستانيين وهكذا.
وفي أبناء البلد الواحد فُرقة أخرى، هؤلاء من الناطقين بالعربية وهؤلاء من الناطقين بالبربرية.
وأخذ أصحاب كل بلد يصارعون لتكون لهم الرياسة والريادة دون أصحاب البلد الآخر، وهناك بعض الافتراقات والاختلافات التي أتى بها المسلمون لبلدان أوربا، قليلها عقدي وكثيرها تشريعي، وإن كانت قليلة إلا أنها تؤثر بجزء في جسم المسلمين هناك، إذ غدا بعضهم يحذر طلاب العلم من الدراسة بمعهد كذا لأنه لمجموعة ليسوا على الهدى، مع أنّ المواد التي تدرَّس فيه هي مواد شرعية متفق على مسمياتها ومراجعها. وهذا ما أفقدهم الكثير، وجعل منهم أضحوكة لأهل البلاد من الأوربيين مما خلف مآسي كثيرة منها:
(1) عدم القيام بالدور المطلوب منهم أصلاً، وهو دعوة الأوربيين للإسلام، هذا الدين السمح الذي هم والله أحوج ما يكونون إليه إذ يعيشون في خواء لا ينفكون عنه إلا بالإسلام.
(2) اختلافهم وافتراقهم أفقدهم الكثير من حقوقهم:
( أ ) التعليمية:
إذ من المفترض أن ينشئوا مدارس إسلامية تخصهم؛ لتعليم أبنائهم دينهم ولغتهم على نفقة الدول الأوربية التي يعيشون فيها، ولقد حصل هذا لبعضهم كمسلمي هولندا ولم يحصل للآخرين لاختلافهم وتفرقهم.
( ب ) الدستورية:
وذلك من أن يكون لهم كيان واحد، مجلس أعلى أو رابطة أو غير ذلك من الأسماء؛ لأنه الجهة الوحيدة التي يمكن أن تخاطب المسئولين بالبلد بالتذكير بأخذ حقوقهم والمطالبة بها.
فلما لم يتحدوا لم تقم المجالس و الروابط مما ضيع عليهم حقوقاً كثيرة، في كثير من دول أوربا.
( ج ) الثقافية والاجتماعية:
فكل الدول الأوربية تخصص ميزانية للجاليات والأقليات ذات الثقافة والطابع الخاص، فبالفرقة والشتات والخصام فقدوا هذا المخصص الذي هو لهم أصلاً، وبه كان يمكنهم إنشاء دور للنشء ونوادٍ لأبناء المسلمين تقوم على هدى لترعاهم وتفصلهم عن نوادي الآخرين من غير المسلمين، والتي بها كل ما يخطر على بالك من شرور ومآسي الافتراق كثيرة، والتي ذكرنا، نماذج لها.
ولا يمكن أن نتجاوز هذه المآسي إلا بتخطينا لعقبة الفرقة لنصل لبرِّ الوحدة، فنحقق ما تحقق للصحابة من سلامة صدر ووحدة حقيقية، وذلك ما امتن الله به على نبيه صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم) [سورة الأنفال: 62ــ 63] فلا وحدة إلا باتحاد القلوب ولا اتحاد قلوب إلا باتحاد الاعتقاد.
فبالوحدة والاعتصام سنفعل الكثير بإذن الله تعالى ((ويد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار)) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
هذا وبالله التوفيق