أمين حسن أحمد يس
نزلت حواء مع زوجها آدم عليهما السلام بعد أن قضيا أجمل أيام حياتهما ، يحملان أحزان الهبوط وآمال العروج ، فأسسا برسالة السماء دعائم الحضارة الإنسانية وأرسيا قواعد الحياة، ثم لما تفلتت البشرية عن قواعد الحياة الانسانية بالبعد عن منهجها الأصيل، وتولت حضارات الطين زمام الحياة ، تنزل الشقاء على الجنس البشري وكان للمرأة منه أوفر نصيب، كؤوساً من العذاب والتنكيل تجرعت غصصها ألماً ومرارة.
إن المتتبع لوضع المرأة بين الأمم الأرضية التي بعدت عن رسالة السماء ، يجد في ذلك ما يذيب القلب حزناً ، فالمرأة عند الإغريق كالسلعة تداولها الأيدي، سقراط الفيلسوف الإغريقي الكبير الذي كان يكنى بأ بي الفلاسفة لا يرى حرجاً أن يقرض الرجل امرأته لأصدقائه ، أما تلميذه أفلاطون صاحب المدينة الفاضلة يوجب أن تداول المرأة كبقية الأشياء المتداولة، ولم يكن وضع المرأة عند الرومان بأفضل من وضعها عند الإغريق فقد جردها القانون الروماني الذي اشتهرت به الإمبروطورية الرومانية من معظم حقوقها المدنية في مختلف مراحل حياتها، أما المرأة عند الفرس الذين اشتهروا بالأدب كانت المرأة عنده تحت سلطة الرجل المطلقة يحق له أن ينعم عليها بالحياة أو يحكم عليها بالموت، والصين التي تعد من أعرق الحضارات حكمت على المرأة بالإعدام الآدمي فلم يكن النساء في الصين أوادم، يدخلن في طاعة الأب المطلقة، فإذا تزوجن إنتقلن لطاعة الزوج، وإذا توفي الزوج دخلن في طاعة الابن الأكبر، كان على المرأة الهندية أن تحرق وهي حية مع زوجها الميت في موقد واحد، لم تبطل هذه العادة إلا في بداية القرن المنصرم على يد المهاتما غاندي، المراة عند قدماء المصريين كانت ترمى في النيل قرباناً له، أبطل هذه العادة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في رسالته الشهيرة إلى النيل، بيد أن المرأة ما لقيت من الإذلال والتنكيل والمهانة ما لقيته في الحضارة الغربية التي تسيطر على عالم اليوم، التجارة العالمية للداعرة، بيع النساء، استخدام المرأة كجارية عصرية تعرض مفاتنها في بيوت الأزياء وفي الإعلانات وعلى أغلفة السلع، وحيث ما حللت تجد جسد المرأة معروضا في تبذل مسف إلى الحد الذي تحول فيه إلى طاولة يوضع عليها الطعام، وانظر إلى إحصائيات الدول الغربية تجد ما تلاقيه المرأة عندهم:
المرأة في أمريكا:
مليون امرأة في السنة تعاني من كونها ضحية للعنف الذي يصل إلى درجة الموت من قبل شخص قريب، وأربع ملايين امرأة في السنة تقع تحت اعتداء خطير من قريب لديها.
المرأة في بريطانيا:
أكثر من 50% من القتيلات ضحايا للزوج أو الشريك، وارتفع العنف المنزلي ضد المرأة إلى نسبة 46% ، كما وجد أن 25% من الزوجات يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن ، وتتلقى الشرطة البريطانية مائة ألف مكالمة سنوياً (100,000) تبلغ شكاوى اعتداء ضد زوجات أو شريكات.
المرأة في فرنسا:
تتعرض حوالي مليون امرأة للضرب في السنة
أكبر مهرجان للاحتفاء بالمرأة على الإطلاق:
إن كان للمرأة أن تفرح بشيء فهو ذلك المهرجان الكبير الذي احتفى بوجودها أيما احتفاء، إنه ذلك المهرجان الذي أقامته لها الحضارة الإسلامية يوم أن أعلن رسولها العظيم حق المرأة في الحياة وفي الحقوق "النساء شقائق الرجال" ، بل جعل المرأة ميزانا توزن به خيرية الرجل ومروؤته "خياركم خياركم لنسائهم " ، وكان والله خيراً مع نسائه سيما زوجته خديجة رضي الله عنها إذ ظل يذكرها إلى أن وافته المنية، وكان يقول: "فاطمة بضعة مني يريبها ما أرابني" ، (البخاري) وأخذ صلوات ربي وسلامه عليه يوصي بها ودبج ذكرها أعظم كلماته في خطبة الوداع ، كانت الجارية الصغيرة تأخذ بيده تجوب به سكك المدينة لا يمتنع عنها حتى تكون هي من تنزع يدها، نسوة من قريش يحدثنه ويستكثرنه عالية أصواتهن فوق صوته عليه وهو يحلم عليهن ويتعطف على مواطن الضعف فيهن، وكذا كان خلفاؤه؛ فهذا أبوبكر الصديق رضي الله عنه وهو خليفة المسلمين يذهب كل يوم إلى خيمة امرأة عجوز عمياء في أطراف المدينة، ينظف لها بيتها ويكنسه ويغسل ملابسها ويحلب شاتها ويصنع لها الطعام وهو من هو قدراً ومكانة، لما أراد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تحديد المهور قالت له امرأة لا تفعل، الله سبحانه يقول (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) فما كان منه إلا أن قال " أصابت امرأة وأخطأ عمر" اعتداداً برأيها ورجاحة عقلها، وكم من علماء المسلمين كانت شيوخهم نساء بدءاً بالصحابة ومروراً بالسلف الكرام، وإذا أخذنا نحصي المواقف الجليلة للأمة مع المرأة لضاقت عنها هذه الأوراق ، ويكفي في ذلك أن يسير أحد خلفاء المسلمين جيشاً عرمرم لإنقاذ امرأة هتفت به " وامعتصماه".