علي صالح طمبل
كثيراً ما ألتقي ببعض الأصدقاء والمعارف فيذكرون رأيهم في أحد المقالات التي أرسلها عادة بالبريد الإلكتروني، أو أنشرها على المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي والمدونات، فأقول: لماذا لم تذكروا هذا الرأي حين قرأتم المقال؟ فيتعذرون بضيق الوقت، وكثرة المشغوليات !
فتسأل بعضهم: هل قرأت المقال؟ فيجيب: نعم – وبعضهم يقول إنني أقرأ لك منذ سنوات – فأعود لأسأله: كم استغرقت منك قراءة المقال؟ فيقول: خمس أو عشر دقائق. فأقول له: إذا لم تستطع التعليق على المقال لانشغالك، فلا أقل من أن تدعو لكاتب المقال بالخير بأن تكتب (جزاك الله خيراً) إن أعجبك الموضوع، أو تكتب (اتق الله) إن لم يعجبك، ألا تعلم أن من قال لأخيه جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء، كما في الحديث الشريف؟ وأن الله عز وجل أمر النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بتقوى الله جل وعلا؟ إن قراءة المقال الواحد تستغرق خمس أو عشر دقائق – كما ذكرت – وكتابة (جزاك الله خيراً) أو (اتق الله) لا تستغرقان سوى عشر ثوانٍ أو خمسة عشر ثانية بالأكثر !
حقيقة، كثير من الناس يدخلون مواقع الإنترنت المختلفة، ويطالعون البريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، ولكنهم يفتقدون إلى الإيجابية في تعاطيهم مع هذه المواقع المختلفة.
إن الإيجابية في الإنترنت تعضد الفعل الحسن، بالشد من أزره؛ وتقلل من الفعل السلبي، بتثبيطه والحد من انتشاره .. الإيجابية في الإنترنت تعني النصح والإرشاد عند رؤية ما يسئ إلى الدين أو الأخلاق، كما تعني الشكر والدعاء لمن كتب أو نشر ما ينفع الناس في دينهم ودنياهم .. تعني تكثير الردود والتعليقات على المواقع المفيدة النافعة، كما تعني المطالبة بإغلاق المواقع الإباحية، والتبليغ عن الصور الخليعة والممارسات التي تخدش الحياء.
للأسف الشديد نجد أنّ المواقع الإسلامية العربية هي الأقل من حيث التفاعل الإيجابي إذا ما قورنت بغيرها، وما ذلك إلا للسلبية الموغلة التي تلجم الكثيرين عن التعاطي الإيجابي مع المنشور في الإنترنت، بالرغم من قراءاتهم له واطلاعهم على محتواه؛ إذ تجد الموضوع الواحد يدخله الآلاف، ولا يعلق عليه إلا القليلون، هذا إن لم يبق دون تعليق !
وهكذا يعجز البعض عن الدعاء بالخير، أو حتى عن قول كلمة (مشكور) كحد أدنى، و(لا يشكر الله من لا يشكر الناس) [رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد]، كما يعجزون عن قول (اتق الله) كما أسلفنا.
ومما يحزُّ في النفس أنّ أكثر التفاعل في الإنترنت منصب على المواقع الفارغة من المحتوى، والمواقع الإباحية، في الوقت الذي تعاني فيه المواقع المفيدة النافعة من الإهمال والتجاهل، كيف لا ومرتادوها غارقون في سلبيتهم الخاملة ! وما هذا إلا لبعد الكثيرين عن استشعار القيم والمبادئ الإسلامية، واستصحابها في تعاطيهم مع الإنترنت ! فـ (عجبت لعجز الثقة وجلد الفاجر) !!..
إنّ الإيجابية في الإنترنت تعني مزيداً من العطاء النافع المثمر الذي يرسخ للمعروف ويقلل من المنكر، بينما تعني السلبية تمدد الباطل، وانتشار المنكر في ظل الغفلة والتجاهل، وصمت أهل الخير !