المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

لماذا فشل لقاء جنيف بين المعارضة والجبهة الثورية؟

لماذا فشل لقاء جنيف بين المعارضة والجبهة الثورية؟

يبدو أنّ الحكومة السودانية استفادت من خطئها السابق عندما سمحت لقيادات المعارضة بالسفر والمشاركة في اجتماعات كمبالا التي عقدت بين الجبهة الثورية، والمعارضين وأسفرت عن الوثيقة المسماة "الفجر الجديد" المنصوص فيها على اسقاط النظام بالقوة.

فعمدت سلطات الخرطوم لمنع ممثلي أحزاب التحالف المعارض بقيادة فاروق أبو عيسى من السفر إلى جنيف للمشاركة في مؤتمر دعا إليه معهد سويسري يضم إلى جانب معارضي الداخل، الحركات المكونة للجبهة الثورية.

الحكومة وحزبها الحاكم المؤتمر الوطني ترى في مؤتمر جنيف أنّه نسخة مطورة لوثيقة كمبالا، وامتداد لما تم الإتفاق عليه بين المعارضين في العاصمة اليوغندية وذلك بحسب د. ربيع عبد العاطي عضو المكتب السياسي للوطني.

وهو رأي يوافقه فيه البرفسير حسن الساعوري أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين الذي قال: لـ (الهداية): "إن لقاء جنيف سيخرج بواحدة من نتيجتين إذا قدر له الإلتئام إما أن تقنع الحركات المسلحة، والمعارضة المدنية بانتهاج الخيار المسلح في تغيير النظام. أو أن ينجح المعارضين في إقناع المسلحين باستخدام الطرق السلمية لإسقاط النظام.

أحزاب المعارضة وفي تصريح لأحد قيادتها المتابعين للملف قال: "إن الهدف من اللقاء بجنيف بحث معالجة قضايا السودان بالوسائل السلمية، إلاّ أن ما يعزز شكوك الحاكمين في السودان هو كيف تناقش قضايا البلاد بمعزل عن مشاركة الحزب الحاكم أو على الأقل الحركات المسلحة التي لم تنضوى تحت مظلة الجبهة الثورية مثل حركة القوى الثورية بقيادة حافظ إبراهيم؟.

وهى الصورة ذاتها التي رسمت أثناء اجتماع كمبالا الذي شاركت فيه المعارضة فقط، مع الجبهة الثورية في ظل غياب ممثلين عن الحكومة أو الموالين لها فضلاً عن الحركات التي رفضت الدخول تحت لواء الجبهة.

المؤتمر الذي أرادت به جهات غربية الإعتراف بالجبهة الثورية كجسم يمثل الأطراف المشتعلة بالحرب في السودان جاء في وقت تشهد فيه الجبهة نفسها خلافات كبيرة بشأن التعامل والتنسيق مع المعارضة الداخلية.

ففى الوقت الذى سافر فيه مناوي رئيس حركة تحرير السودان إلى جنيف للمشاركة رفض عبد الواحد محمد نور البرنامج وبقي في كمبال، ليتسبب منع المعارضين بالخرطوم عن السفر في إفشال المؤتمر.

مؤتمر رأت فيه حركة التحرير والعدالة الموقعة على وثيقة الدوحة أنّه لن يحقق شيئاً إذا عقد بسبب الانتقائية التي تمت بها الدعوات للمشاركة، ولأن قضايا السودان المصيرية تحل بمشاركة كل الأوساط دون عزل لأحد وفقاً لحديث الأمين السياسي للحركة الذي أدلى به للموقع.

مؤتمر جنيف المجهض جاء بعد أيام قليلة من اجتماع القيادات العسكرية للجبهة الثورية التي أعلنت عقب اجتماعها تدشين ما اسمتها بـ (الخطة ب) في برنامجها لإسقاط النظام بعد خطتها الأولى التي هاجمت فيها منطقتي أم روابة وأبو كرشولة.

ليظهر المؤتمر وكأنه برنامج لإحاطة المعارضين القادمين من الداخل بتفاصيل الخطط المستقبلية بعد أن أتفق الجميع على الخطط المنفذة في لقاء كمبالا، ولكن هذه المرة بمنطقة بعيدة عن القارة الإفريقية لإبعاد الشكوك عن علاقة الاجتماع بوثيقة "الفجر الجديد".

الحراك الذي تقوده الجبهة الثورية من اجتماعات بالمعارضة، وأخرى بقيادات الحركات المكونة لها، وبحثها عن موطىء قدم في شرق السودان ينبىء بأن الثورية ماضية في إسقاط النظام عن طريق البندقية.

وبالرغم من إعلان الحركة الشعبية قطاع الشمال رغبتها في التفاوض مع الحكومة لإيجاد حل للمشاكل السودانية إلاّ أن هذه الرغبة لا تسندها خطوات على الأرض تؤكد أن الخيار هو العملية السلمية في الوقت الحالي.

مما يعني أننا أمام عملية ربما تكون نوعية للجبهة الثورية لتلفت الانتباه الدولي لقضيتها مرة أخرى في ظل استمرار تأزم العلاقات بين الشمال والجنوب.