علي صالح طمبل
هناك اعتقاد سائد بأن المشاهير من أهل الغناء والطرب والتمثيل هم أسعد الناس، وأكثرهم استقراراً في حياتهم الشخصية، وأن شهرتهم وأموالهم تفتح لهم الأبواب المغلقة، وتجعلهم يعيشون في سعادة وبحبوحة من العيش.
ولكن هل يسعد من شغل الناس عن ذكر الله تعالى، ولم يراع له حقاً، ولم يترك باباً من أبواب الفساد والإفساد إلا ولجه، من خمر، ومخدرات، وزنا، واختلاط، ولهو، وتبرج، ومجون، وطرب، وكل أنواع المعاصي والموبقات؟!
والواقع يؤكد لنا أن كثيراً من أهل ما يسمى زيفاً بالفن والطرب لم يذوقوا طمعاً للسعادة الحقيقية، على عكس ما حاولوا به إيهام الناس من خلال ظهورهم في الشاشات والمسرحيات وصفحات الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت.
وعلى النقيض من النهايات السعيدة التي مثّلوها في الأفلام والمسلسلات، خُتم لكثيرين منهم بخواتيم بائسة، تدعو للرثاء والشفقة! وهذا ما سنعرض له في هذا المقال من خلال سرد أحداث واقعية، تؤكد أن حياة كثير من هؤلاء كانت سلسلة من التعاسة والشقاء وعدم الاستقرار الاجتماعي والفقر والوحدة، وانتهت بنهايات تراجيدية مأساوية، إما عن طريق الانتحار، أو بسبب القتل، أو المرض، أو حوادث المرور، أو المخدرات!
حياة غير مستقرة:
جاء في صحيفة (القبس) الكويتية بتاريخ الأحد 2/12/2007م أن هناك دراسة شملت أكثر من 100 شخصية فنية من العالم العربي، أثبتت أن 84 % من الفنانات في العالم العربي يعانين من مشاكل عائلية.
وأن 50 % منهن مطلقات لمرة واحدة أو لعدة مرات، و6 % فسخن خطبتهن، و15 % تخطين سن الزواج، و14 % تطلقن وخضن تجارب فاشلة قبل الزواج، أما نسبة المستقرات عائلياً فتبلغ 14 % فقط!
الانتحار:
ممثلة مشهورة تناولت الحبوب المنومة بكميات كبيرة، بعد معاناتها لسنوات طويلة من الآلام، فيُكتشف موتها بعد ظهر اليوم التالي، وقد تركت ورقة كَتَبَتْ عليها (سامحوني حياتي أصبحت غير محتملة)!
القتل:
مطربة يقتلها زوجها رجل الأعمال بـ 25 طلقة، ويقتل معها مدير أعماله وزوجته، ثم ينتحر!
ممثلة يتم العثور عليها مذبوحة في شقتها، ويُكتشف أن الذي قتلها عامل سينمائي، قتلها بدافع السرقة حين وجدها وحيدة في شقتها، دون أن يكترث لتوسلاتها بأن يأخذ كل شيء ويدعها تعيش!
ومخرج كبير يُعثر عليه مقتولاً داخل شقته، لتثبت التحريات أنه مات مخنوقاً، ولكن دون التوصل لقاتله، حيث قُيِّد الحادث ضد مجهول!
وممثلة مشهورة تعاني لأكثر من عام من غيبوبة بعد جرعة تخدير زائدة أعطيت لها إجراء عملية تجميل في أحد المستشفيات!
الفقر والمرض:
ممثلة معروفة ماتت فقيرة معدمة بعد أن ذهب عنها الشباب والجمال وابتعدت عنها الأضواء، وعاشت في وحدة قاسية، إلى درجة أنها عانت من أنيميا حادة، فكانت لا تقوى على الوقوف، لتظل طريحة الفراش إلى أن وافاها الأجل!
وممثلة عاشت أيامها الأخيرة دون سكن ثابت أو مصدر محدد تتكسب منه، بعد أن تخلت عنها الأضواء وفقدت كل ثروتها، حتى صار الناس يتصدقون عليه!
رائد من رواد المسرح الكبار، أخرج مئات المسرحيات، وأنفق ثروته على التمثيل المسرحي؛ وافته المنية وحيداً في غرفة فوق سطح إحدى العمارات!
ومطرب وملحن مشهور، يحين أجله فوق رصيف أحد المقاهي، حيث كان يبيع الصحف!
وممثل يُضرب على رأسه بعصى، فيُصاب بالشلل، ليطول به المرض، حتى يهجره الأصدقاء والأحباب، بعد أن باع كل ممتلكاته ليسدد بقيمتها نفقات العلاج!
ومخرج سينمائي يضطر لبيع كل ما يملك، بما في ذلك ساعة يده ليطعم بها نفسه؛ حتى مات فقيراً معدماً، بعد أن كان واسع الثراء!
وممثلتان بيعت ممتلكاتهما في المزاد العلني، فهددت إحداهما بأنها سوف تتحجب إن لم يسندوا إليها أدواراً – ولو كانت هامشية – حتى تسد بها فقرها المدقع!
وممثل كوميدي يُتوفى بعد معاناة وصراع مع المرض وإجرائه عدة عمليات جراحية، وحين طال به المرض ترك زيارته كثير من أصدقائه ومعارفه!
وممثل كوميدي أضحك الملايين يصاب بالشلل حين احترق مشروعه الذي أنفق فيه المبالغ الطائلة!
وممثل كوميدي تعتل صحته، فينقل إلى المستشفى لتكون آخر كلماته قبل موته (أضحكت الدنيا وقلبي يبكي)!
وممثل كوميدي يصاب بمرض السكر الذي أفقده بصره، ثم يصاب بمرض نفسى فلا يحضر جنازته سوى ثلاثة أشخاص من أسرته!
وممثل اشتهر بضحكة مميزة، أصيب بالشلل، فظل طريح الفراش خمسة عشر عاماً، حتى وافته المنية فقيراً معدماً!
وممثل سينمائي يصاب بالالتهاب الرئوي الحاد، فيعجز عن سداد نفقات العلاج، لتتراكم عليه الديون، فتحجز مصلحة الضرائب ممتلكاته، فلا يتبقى له من ثروته سوى 10 جنيهات، ليعيش بقية حياته في حالة من الاكتئاب الحاد، إلى أن وافاه الأجل!
وممثل آخر يعاني من المرض خمس سنوات، حتى يُتوفى وهو لا يملك تكاليف الجنازة!
وموسيقار مشهور يصاب بمرض حيَّر الأطباء، حتى أطلقوا اسم على المرض الذي يتكرر مرة واحدة في كل قرن! فقد تساقط شعر رأسه وانخفض وزنه نتيجة لهذا المرض، ثم مات وليس في خزينة أمواله فلس واحد، وهو الذي كان يملك شركة كبرى للصوتيات والمرئيات!
المخدرات:
موسيقار مشهور يعتبر من رواد الموسيقى، يموت في ريعان الشباب، ويرجح البعض وفاته نتيجة تعاطيه المخدرات!
ونجم سينمائي وتلفزيوني كان كثيراً ما يمثل دور ضابط شرطة مكافحة مخدرات، ولكنه كان في حقيقة الأمر كان من المدمنين للمخدرات، وألقي عليه القبض أكثر من مرة بتهمة الاتجار والتعاطي، فكانت وفاته بسبب الإدمان!
وممثلة كانت تنفق الملايين على ملابسها وزينتها وأسفارها، وملأت الدنيا وشغلت الناس، ولكنها عاشت آخر أيام فقيرة وقد أنفقت جل ثروتها لتغطية تكاليف العلاج، إلى أن لقيت مصرعها في شقتها بإحدى العواصم الغربية في ظروف غامضة!
حوادث المرور:
ومطربة تنقلب بها سيارتها في الترعة، وتموت غرقاً وهي في طريقها إلى مصيفها!
وموسيقار يموت في حادث مرور إثر مطاردة مع سيارة مجهولة، رجح البعض أنها حادثة مدبرة!
ختاماً:
أحد أشهر الممثلين الكوميديين في التأريخ، كان يؤكد أنه على استعداد لأن يدفع كل ثروته لمن يجعل منه رجلاً سعيداً لمدة يوم واح!.
كان هؤلاء يُضحكون الناس، ويرسمون لهم عالماً وهمياً زائفاً من السعادة المصطنعة التي افتقدوا إليها في حياتهم التي كانت سلسلة من الضنك والشقاء؛ لأنهم كانوا بعيدين عن الله، وأعرضوا عن ذكره، وغرقوا في المعاصي والشهوات، وغرتهم الشهرة الزائفة والنجومية الخادعة، فكانت حياتهم مصداقاً لقول الله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [سورة طـه: الآية: 124].
وهكذا أخزاهم الله في الدنيا قبل الآخرة؛ لأنهم ضلوا وأضلوا غيرهم، وعاشوا حياة ملؤها اللهو والمجون والفسق والغفلة. قال الحسن البصري رحمه الله: (إنهم وإن طقطفت بهم البغال وهملجت (أسرعت في خفة) بهم البراذين (البرذون: التركي من الخيل)، إنّ ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يُذل مَنْ عصاه(، و(العاقل من اتعظ بغيره).