أبو حازم الكاتب
بسم الله الرحمن الرحيم
اختلف في الاعتداد بالعوام في الإجماع على قولين:
§ القول الأول:
أن العوام يعتدُّ بهم في الإجماع. وهو قول 'الآمدي'، ونقله 'الجويني' وغيره عن 'أبي بكر الباقلاني'.
§ القول الثاني:
أنه لا يعتدُّ بالعوام في الإجماع. وهو قول الجمهور.
أدلة الأقوال:
§ أدلة القول الأول:
استدل أصحاب القول الأول بعموم النصوص التي جاءت بإثبات حجية الإجماع:
– فالعوام داخلون في لفظ: (المؤمنين) في قوله تعالى: ﴿ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
– وداخلون في لفظ: (الأمة) في قوله: «لا تجتمع الأمة على ضلالة».
وأجيب: عن هذا بأن لفظ (المؤمنين) ولفظ (الأمة) من العام المخصوص، والمراد به المجتهدون من الأمة، ولذا فهذه الألفاظ لا تشمل الصبيان والمجانين باتفاق، فكذلك العوام لعدم أهلية الكل.
§ أدلة القول الثاني:
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة، منها:
1– أن العوام ليس لديهم الآلة التي يعرفون بها الحق من الباطل، والصواب من الخطأ، والراجح من المرجوح، فهم كالصبيان والمجانين في نقصان الآلة، وإذا لم توجد الآلة فكيف يتصور منهم الإصابة؟ إذ سيكون حكمهم مبنياً على الرأي المجرد، والهوى، والتشهي.
2– أن القول بالاعتداد بالعوام في الإجماع يجعل الإجماع مستحيلاً؛ إذ يستحيل جمع أقوال جميع المسلمين والوقوف على قول كل واحد منهم، كما يستحيل اتفاقهم جميعاً مع اختلاف عقولهم وأهوائهم ومشاربهم، وبالتالي فهذا القول يؤدي إلى بطلان الإجماع، وهو باطل.
3– نقل بعضهم -'كالغزالي' في [المستصفى]- إجماع الصحابة على عدم الاعتداد بالعوام في الإجماع.
4– أن العوام يلزمهم المصير إلى أقوال العلماء بالإجماع، وتحرم عليهم مخالفتهم، كما تحرم عليهم الفتيا، فكيف يعتد بقولهم عندئذٍ؟
الترجيح:
الراجح في هذه المسألة هو قول الجمهور.
علماً أن 'الآمدي' في نهاية المسألة مال إلى تقسيم الإجماع قسمين:
– قطعي: وهو ما اتفق عليه المجتهدون والعوام.
– وظني: وهو ما اتفق عليه المجتهدون فقط.
وهناك من يرى أن المسائل التي يشترك في دركها وفهمها العوام والخواص يشترط فيها موافقة العوام، دون ما لا يشتركون في فهمها، وهو ما اختاره 'البزدوي' من الحنفية، وذكر أنه غير واقع، واختاره كذلك شارح [أصوله] 'البخاري' من الحنفية.