المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

علم الاشتقاق

علم الاشتقاق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي خلق الإنسان علمه البيان، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد؛

(فإن هذه الشريعة المباركة عربية) كما قرر الإمام 'أبو إسحاق الشاطبي' -رحمه الله- (1)، وهذه الكلمة الجامعة من 'الشاطبي' فيها فوائد وفرائد؛

§ فمنها أن فهم الشريعة لا يتم إلا بالغوص في بحر هذه اللغة، واستخراج ما به من دُرّ وجوهر.

§ ومنها أن هذه نعمة عظيمة من رب العباد علينا ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 2].

§ ومنها أن أكثر من ضل فإنما ضل لتنكبه طريق الفهم العربي الصَّحَاح، على نهج العرب الأقحاح.

§ ومنها أن هذه اللغة أشرف اللغات؛ لأن الله اختارها لكتابه الذي هو أشرف الكتب، واختارها لدينه المرتضى، ولا يختار لدينه إلا الخيار.

ثم إن أهل العلم لم يألوا جهداً في البيان والتبصير، والتقريب والتحرير، والتبيين والتقرير، وجاءوا في بسط العلوم وشرحها بما يذهل العقول، وغفل عن ذلك أناس فظنوا أن كثيراً من ذلك إنما هو تضييع للأعمار فيما لا يفيد، وقد فطَن لقولهم -من قبل أن يقولوه- إمامُ الصنعة 'الخليل بن أحمد' فقال: (لا يصل أحدٌ من علم النحو إلى ما يحتاجُ إليه، حتى يتعلم ما لا يحتاج إليه)! (2)، وهذا أمر صحيح جداً في كل العلوم لو تأملته، فتأمل!

 

تـمـهـيـد:

(علم الاشتقاق) من العلوم التي تكاد تكون مهجورة في هذا الزمان، فلا نكاد نسمع عن طالب يدرُسُه، ولا نكاد نرى شيخاً يُدَرِّسُه، ولا يوجد له إلا القليل من الكتب ما يؤسِّسُه. مع أنك كثيراً ما تسمع المشايخ في الدروس والمحاضرات يقولون: إن علوم العربية اثنا عشر علماً، جمعها الناظم في قوله:

نحوٌ وصرفٌ عروضٌ ثم قافيةٌ ×× وبعـدها لغـةٌ قرض وإنشـــــــــــــاءُ

خط بيـانٌ معانٍ معْ محاضــــرة ×× والاشتقاقُ لها الآداب أسماءُ

ونظمها آخر فقال:

خُذْ نَظْمَ آدابٍ تَضَوَّعَ نَشْرُها ×× فطوى شذا المنثور حين تَضُوعُ

لُغَةٌ وصَرْفٌ واشتقاقٌ نَحْوُهـــا ×× عِلْمُ الْمَعَـانِي بِالْبَيَـانِ بَدِيـــــــــــــــــــعُ

وعَرُوضُ قَـافِيَةٌ وإِنْشَا نَظْمُهـــــا ×× وكتـابةُ التـاريخِ ليسَ يَضِيــــــــــــــــــــعُ

وكثير من إخواننا لا يدرسون من هذه العلوم إلا النحو، ومن زاد فإنه يزيد الصرف، ومن تعمق فإنه يضيف إليها علوم البلاغة، والقليل من يدرس الباقي.

 

 

المبادئ العشرة للعلوم:

قال أبو العباس الْمَقَّرِي:

مـن رامَ فنـاً فليـقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــدِّمْ أولا ×× علـما بحَـدٍّ ثم مَوْضُـوعٍ تــــــــــــــــــلا

وواضـع ونسـبةٍ وما استـمــــــــــــــــــــــــــدْ ×× منـه وفَضْـلِه وحُـكْم يُعتَـمـــــــــــــــــــدْ

واسـمٍ ومـا أفـاد والمسـائــــــــــــــــــــــــــــل ×× فتـلك عَشْـرٌ للمُـنى وسـائــــــــــــــــــلْ

وبعضُهم منها على البعضِ اقتصرْ ×× ومن يكن يَـدري جميعَها انتـصرْ

وهذه هي المبادئ العشرة التي درج المتأخرون على تقديمها بين يدي دراسة العلوم، وقد كنتُ كتبتُ مبحثاً في أن (كون هذه الأمور العشرة مبادئ لدراسة العلوم فيه نظر)، وخاصة عند المبتدئين، وذلك لأمور كثيرة لا مجال لذكرها الآن. وهي وجهة نظر قد أكون مخطئاً فيها. ومع ذلك فلا يسعني أن أتخلف عن ركب أئمتنا المتأخرين الذين هذبوا وقسموا ورتبوا؛ فصار كل نظيرٍ بجنب نظيره، وكل إلف مضموماً إلى مؤالفه، فقعّدوا القواعد، وأصلوا الأصول، وليس لي في هذا المبحث إلا النقل والترتيب، فعلى ذلك أقول:

§ اسـم هذا العلم:

(الاشتقاق) أو (مقاييس اللغة)، والأول هو المشهور في كتب المصنفين، ولكن الثاني أقرب إلى المراد، وبذلك سمى 'ابن فارس' معجمه المشهور.

§ حد علم الاشتقاق (أو تعريفه):

علم بدلالات كلام العرب، التي يعرف بها الأصل الذي ترجع إليه الألفاظ.

وقال 'القنوجي' (3): (هو علم باحث عن كيفية خروج الكلم بعضها عن بعض، بسبب مناسبة بين المخرج والمخارج بالأصالة والفرعية بين الكلم، لكن لا بحسب الجوهرية، بل بحسب الهيئة).

وقال 'عبد الله أمين' (4): (الاشتقاق: أخذ كلمة من كلمة أو أكثر مع تناسب بين المأخوذ والمأخوذ منه في اللفظ والمعنى جميعاً).

وبرغم شهرة كتاب 'عبد الله أمين' في هذا العلم إلا أني لاحظتُ أنه أدخل كثيراً من المباحث الصرفية والنحوية في كتابه، والمراد هنا تحرير المسائل الخاصة بهذا العلم فقط فلذلك تحاشيت مثل هذه المسائل. وهذا التداخل قديم، فقد قال 'القنوجي' (5): (ثم إن 'السيد' و'السعد' تنازعا في الاشتقاق، هل هو مستقل؟ كما يقوله 'السيد'، أو من تتمة علم الصرف؟ كما يقوله 'السعد').

ويلاحظ كذلك أن علم الاشتقاق له تعلق بعلم الأصوات، أو التجويد، أو المخارج (6)، لأن تقارب المخرج مظنة الإبدال، وهو ما يدخل في أحد أنواع الاشتقاق، وهو الاشتقاق الكبير، فإذا كان المعنى متقارباً فهو من علم الاشتقاق، وإن كان المعنى متحداً فهو من علم اللغة، وهو مبحث الإبدال، وفيه مصنفات مشهورة 'لابن السكيت'، و'أبي تراب'، وغيرهما..

§ موضوع علم الاشتقاق:

معرفة دلالات الألفاظ وارتباطها ببعض، وذلك بالرجوع إلى أصول معانيها المستنبطة من قياس دلالات الألفاظ المتماثلة المادة (7).

§ ثمـرة علم الاشتقاق:

التعمق في فهم كلام العرب، ومن ثَمَّ في فهم كلام الشارع، ولذلك كثيراً ما تجد المفسرين يشيرون إشارات عابرة إلى أمثلة من هذا العلم، وكثير من المصنفين في العلوم يشيرون أيضاً إليه إشارات عابرة عند شرح بعض الاصطلاحات، وبيان وجه الاشتقاق فيها. فغايته كما ذكر 'القنوجي' (8): (الاحتراز عن الخلل في الانتساب الذي يوجب الخلل في ألفاظ العرب)، والغرض منه كما قال 'القنوجي' أيضاً (9): (تحصيل ملكة يعرف بها الانتساب على وجه الصواب).

ومما يناسب ثمرتَه أن يُذكر شيء من فوائد هذا العلم، فمن فوائده:

الأمن من خطأ الاستنباط في الشرع:

قال 'ابن الأزرق' (10): (المثال الأول: -يعني من الأخطاء الواقعة بسبب الجهل باللغة- ما يروى عن 'النَّظَّام' أنه كان يقول: (إذا آلى المرء بغير اسم الله تعالى لم يكن مولياً، قال: لأن الإيلاء مشتق من اسم الله)، وليس كذلك، لأن الإيلاء من الألية: وهي اليمين، يقال: (آلى الرجل يولي إيلاء) أي: حلف وأقسم).

قلتُ: وقد يكون الاشتقاق سبباً في الخطأ في الاستنباط، كما ذهب 'أبو عمرو بن العلاء' إلى أن دية الجنين لا بد أن يكون أبيض عبداً كان أو أمة! لأن النبي سماه غرة، والغرة مشتقة من البياض، ولولا أن ذلك مقصود للشارع لما سماه غرة (11)! قال 'ابن خلكان': (وهذا غريب! ولا أعلم هل يوافقه قولُ أحد من الأئمة المجتهدين، أم لا؟) (12).

ومن فوائده: معرفة الفروق اللغوية، والدلالات الدقيقة للألفاظ:

قال 'ابن جني' (13): (فإن قيل: (ولم وضع الكلام على ما كان مستقلاً بنفسه البتة؟ والقول على ما قد يستقل بنفسه، وقد يحتاج إلى غيره؟ أَلاِشتقاقٍ قضى بذلك؟ أم لغيره من سماعٍ مُتلقًّى بالقبول والاتباع؟) قيل: لا، بل لاشتقاق قضى بذلك دون مجرد السماع)، قال 'الرازي' (14): (إن أكمل الطرق في تعرُّف مدلولات الألفاظ طريقةُ الاشتقاق).

ومن فوائده: معرفة ما يستحسن من الأسماء وما يستقبح:

لأن الإنسان له من اسمه نصيب، كما في الحديث: (إذا بعثتم رسولاً فابعثوه حسن الوجه، حسن الاسم)؛ فإذا عرف اشتقاق الاسم اجتُنِب إن كان سيئاً، واستُعمِل إن كان حسناً. قال 'ابن دريد' (15): (واعلم أن للعرب مذاهبَ في تسمية أبنائها، فمنها ما سمَّوه تفاؤلاً على أعدائهم؛ نحو: 'غالب'، و'غَلاّب'.. ومنها ما تفاءلوا به للأبناء؛ نحو: 'نائل'، و'وائل'، و'ناجٍو'مُدرِك'.. ومنها ما سمِّي بالسِّباع ترهيباً لأعدائهم؛ نحو: 'أسد'، و'ليث'، و'فراس'، و'ذئب'.. ومنها ما سمِّي بما غلُظ وخشُن من الشجر تفاؤلاً أيضاً؛ نحو: 'طلحة'، و'سَمُرة'، و'سلمة'، و'قتادة'.. ومنها ما سمي بما غُلظ من الأرض وخشُن لمسُه وموطِئُه؛ مثل: 'حَجَر'، و'حُجَيرو'صَخْرو'فِهر'.. ومنها أن الرجل كان يخرج من منزله وامرأته تمخض فيسمِّي ابنه بأوَّل ما يلقاه من ذلك؛ نحو: 'ثعلب'، و'ثعلبة'، و'ضب'، و'ضبة'، و'خُزَزو'ضُبَيعةو'كلبٍ'، و'كليب'، و'حمار'، و'قرد'، و'خنزير'، و'جحش'، وكذلك أيضًا تُسمِّى بأول ما يَسنَح أو يبرح لها من الطَّير نحو: 'غُرابٍ'، و'صُرَد'، وما أشبَهَ ذلك..)

ومن فوائده: الثقة بالألفاظ واليقين بصحتها:

قال 'ابن جني' (16): (وذكر 'أبو بكر -بن السراج'- أن منفعة الاشتقاق لصاحبه أن يسمع الرجل اللفظة فيشك فيها، فإذا رأى الاشتقاق قابلاً لها أنس بها، وزال استيحاشه منها). قال 'ابن فارس' (17): (والأصل في هذه الأبواب -يعني الرباعي المنحوت- أنَّ كلَّ ما لم يصحَّ وجهُه من الاشتقاق الذي نذكره فمنظورٌ فيه، إلاّ (ما) رواه الأكابر الثقات).

ومن فوائده: معرفة الأصلي من الزائد:

استعمل 'ابن سيده' الاشتقاق في إثبات زيادة تاء (ترتب)؛ لأنه من الشيء الراتب. وحكم العلماء على زيادة نون الحنظل بالزيادة؛ لأنهم يقولون: حظلت الإبل، كما قال 'ابن مالك': (وامنعْ زيـادةً بلا قيـد ثبَتْ ×× إن لم تَبَيَّن حجـةٌ كحَظِـلت). قال 'ابن جني' (18): (فالمذهب أن يحكم في جميع هذه النونات والتاءات وما يجري مجراها -مما هو واقع موقع الأصول مثلها- بأصليته، مع تجويزنا أن يَرِدَ دليلٌ على زيادة شيء منه؛ كما ورد في (عنسل) و(عنبس)، ما قطعنا به على زيادة نونهما، وهو الاشتقاق المأخوذ من (عبس) و(عسل)، وكما قطعنا على زيادة نون (قنفخر) لقولهم: (امرأة قفاخرية)، وكذلك تاء (تألب)؛ لقولهم: ألب الحمار طريدته يألبها).

ومن فوائده: ترجيح معنى على معنى في الكلام:

لأن الكلمة إذا كانت تحتمل معان عدة، فعادةً ما يكون أسعدُها بالترجيح الأقربَ منها للاشتقاق، كما ذكر 'ابن تيمية' في اشتقاق الشهر من الاشتهار، وكذلك ما ذهب أهل العلم من أن الخمر ما خامر العقل، وليست مقصورة على العنب. و'الزمخشري' يكرر كثيرًا قوله: (والاشتقاقُ يشهد لذلك)، كما قال في تفسير (أحقاباً)، وكما ذكر أيضا 'الخطابي' في تفسير صفة (الصمد).

ومن فوائده: معرفة الدخيل من الأصيل أو العربي من المعرب:

لأن الكلمة إن عرف اشتقاقها، وصلاحية وزنها لهذا الاشتقاق دل ذلك على عربيتها. وإن لم يُعرف لها أصل، أو كان الأصل يفيد أن وزنها لا يجري على الأوزان العربية دل ذلك على أنها من المعرب (19).

ومن فوائده: تصَرُّفُ المتكلم البليغ في مناحي الكلام:

لأن ذلك يزيد الكلام بهاءً وحلاوة، ويكسوه جمالاً وطلاوة، وهو قريب من التجنيس، فينظُر في اللفظ وما يقاربه معنى، وفي الكلم وما ينتمي إليه. ومن ذلك في كتاب الله: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ ﴾ [الروم: 43]، ﴿ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ ﴾ [يونس: 107]، ﴿ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ ﴾ [المائدة: 31]. وفي الحديث: «أَسْلَمُ سالمها الله، وغِفَار غفر الله لها، وعُصَيَّة عصت الله ورسوله» [متفق عليه]. ومن ذلك قول 'أبي تمام':

وأنْجَدْتُم من بعد إتهامِ داركم ×× فيا دمعُ أنجدني على ساكني نجدِ

فإنه لولا معرفته باشتقاق (نجد) ما طاوعه مثلُ هذا البيت. ومن ذلك قول 'صفي الدين الحلي':

لم يلق مرحبُ منهُ مرحبًا ورأى ×× ضدَّ اسمه عند حد الحصن والأُطُمِ

ومن ذلك قول 'ابن معصوم':

لم تُبْقِ بدرٌ لهم بـدراً وفي أُحُدٍ ×× لم يبقَ من أَحَـدٍ عند اشتقاقهم

ومن ذلك قول الشاعر:

أردى أبا لهب نصفُ اسمه أبداً ×× لفِعْلِ أولِـهِ عن واضـح اللقم

وقريب من هذا الباب قول 'أبي نواس':

عباسُ عباسٌ إذا احتدم الوغى ×× والفضـلُ فضلٌ والربيعُ ربيعُ

وقريب من هذا الباب قول 'خالد بن صفوان': (هشمتك هاشم، وأمَّتك أمية، وخَزَمَتك مخزوم).

ومن فوائده: وضع ألفاظ جديدة على قياس كلام العرب:

وهذه المسألة تجرنا إلى مسألة القياس في اللغة؛ فيكاد يُجمع أهل اللغة على أنه لا يجوز القياس فيها، وهذا إن كان الكلمُ الموضوع منسوباً للعرب، أما إن كان اصطلاحاً فلا مشاحة في الاصطلاح، لا سيما إن كان اللفظ موضوعاً لشيء جديد مخترع، كالهاتف، والتلفاز، والحاسوب، ونحو ذلك.. وقد نص على ذلك صاحب [الفوائد الخاقانية]، واعترضه 'القنوجي' بقوله (20): (والحق أن اعتبار العمل زائد غير محتاج إليه، وإنما المطلوب العلم باشتقاق الموضوعات، إذ الوضع قد حصل وانقضى على أن المشتقات مرويات عن أهل اللسان). وكلام 'القنوجي' صحيح لا إشكال فيه، فلا يصح وضع ألفاظ جديدة مخالفة لما تكلم به العرب، وإنما مقصد المخالف ما سبق ذكره، والله أعلم.

§ واضـع علم الاشتقاق:

يعدُّ 'ابنُ دريد' أولَ من أفرده بتصنيف يشتمل على كثير من أصوله في كتابه [الاشتقاق]، مع أن كثيراً من كلامه مأخوذ من 'الخليل بن أحمد'، إلا أن 'الخليل' لم يفرده بتصنيف. وأما 'ابن فارس' فهو باري قوس هذا العلم بكتابه [مقاييس اللغة]. وهناك بعض المحاولات والمنثورات قبلهما خاصة من قِبَل 'الخليل بن أحمد'.

ويحسن هنا أن نذكر بعض الكتب المصنفة في هذا العلم:

[اشتقاق الأسماء] 'للأصمعي' (21).

[الاشتقاق] 'لأبي بكر بن دريد' (22).

[الاشتقاق] 'لأبي العباس المبرد' (23).

[الاشتقاق] 'لأبي إسحاق الزجاج' (24).

[الاشتقاق] 'لأبي بكر بن السراج' (25).

[مقاييس اللغة] 'لابن فارس' (26).

[نزهة الأحداق] 'للشوكاني' (27).

[العلم الخفاق في علم الاشتقاق] 'للقِنَّوجي' (28).

[الاشتقاق] 'لعبد الله أمين' (29).

وهناك كتب أخرى لا نطيل بذكرها (30).

(فائدة):

القطب الأساسي في كتاب [الاشتقاق] 'لابن دريد' بيانُ أن كل اسم من أسماء الأعلام عند العرب فإن له معنى عندهم، وله اشتقاق وأصل معروف، وأن هذه الأسماء لم توضع سبهللاً. أما القطب الأساسي في [مقاييس اللغة] 'لابن فارس' فهو بيان أن كل الألفاظ الموجودة في مادة واحدة، ترجع لأصل واحد في المعنى، أو لعدد يسير من الأصول.

ومن الكتب التي تعرضت لمباحث الاشتقاق دون إفراد بتصنيف:

[الخصائص] 'لابن جني'.

[الصاحبي في فقه اللغة] 'لابن فارس'.

[المثل السائر] 'لابن الأثير'.

[المزهر في علوم اللغة] 'للسيوطي'.

[نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها] 'للكرملي'.

§ حكم تعلم الاشتقاق:

فرض كفاية؛ كما قرر أهل العلم أن علوم الآلة جميعاً فروض كفاية.

§ فضل علم الاشتقاق:

لا شك أن ما ساعد على فهم النصوص الشرعية فهو علم فاضل، ولذلك يكثر ذكره في كتب التفسير، والاستنباطات عند ذكر الخلافات الفقهية.

(تنبيه):

لا يقدح في علم الاشتقاق ما قال 'وستنفلد' في مقدمته تحقيق [اشتقاق ابن دريد] (31): (ومن المعروف أن علم الاشتقاق من نقط الضعف في تاريخ الثقافة العربية؛ لأن الاشتقاق يتطلب الاطلاع على مختلف اللغات المتقاربة، حتى تفهم مكانة الكلمة لغوياً وعلاقتها بغيرها، ومع ذلك لم تهتم أمةٌ اهتمامَ العرب بلغتها؛ لذلك نرى أن بعض الشرح وتفسير الأعلام لا يطمأن إليه). لأن العلماء لم يهملوا ذلك، بل كانوا يتكلمون في الاشتقاق بافتراض أن الكلمة عربية، وكانوا يحترزون في كلامهم بذكر ألا يكون الاسم أعجمياً، كما تراه كثيراً في كلام 'ابن دريد' وغيره..

§ نسبة علم الاشتقاق:

يعد من علوم اللغة العربية النقلية مع الإعمال العقلي، ويمكن عده جزءاً من (فقه اللغة)، وفيه اشتراك مع (علم التصريف) في بعض المباحث من وجه، والفرق بينهما أن علم التصريف يبحث في الأوزان الظاهرة ودلالة كل وزن، أما الاشتقاق فيبحث في الدلالة الباطنة وارتباط المعاني في المادة الواحدة.

قال 'القنوجي' (32): (واعلم أن مدلول الجواهر بخصوصها يعرف من اللغة، وانتساب البعض إلى البعض على وجه كلي‏؛ إن كان في الجوهر فالاشتقاق‏، وإن كان في الهيئة فالصرف، فظهر الفرق بين العلوم الثلاثة، وإن الاشتقاق واسطة بينهما، ولهذا استحسنوا تقديمه على الصرف، وتأخيره عن اللغة في التعليم‏، ثم إنه كثيرًا ما يذكر في كتب التصريف، وقلما يدون مفرداً عنه؛ إما لقلة قواعده، أو لاشتراكهما في المبادئ، حتى إن هذا من جملة البواعث على اتحادهما، والاتحاد في التدوين لا يستلزم الاتحاد في نفس الأمر‏).

§ استمداد علم الاشتقاق:

يمكن الاستعانة على معرفة الاشتقاق بكلام العرب وأحوالهم وإشاراتهم التي يستفاد منها القرائن التي تدل على اتفاق ألفاظ المادة في اللغة. ومن وسائل استمداده كذلك المناسبة بين الألفاظ والمعاني في المادة، ولذلك فاستنباط بعض العلماء في هذا العلم يكون قياساً أو اجتهاداً، وليس عن دليل ظاهر أو نقل محض.

وإن الباحث في الاشتقاق ينبغي له أن يجمع ألفاظ المادة كاملة بقدر ما يستطيع، وينظر في تصرف العرب في كلامها في ألفاظ هذه المادة، وكيف تستعملها في مجازها، وتوسعها، وأشعارها، وبيانها، وبلاغتها؟ لأن ذلك خيرُ معين على معرفة أصل المادة، ومعناها العام.

§ مسائل علم الاشتقاق:

أما مسائل هذا العلم، فمنها معرفة أصول الأسماء -أعلاماً كانت أو غيرها- والكلمات، والمواد العربية، والبحث في الأصول المعنوية التي ترجع إليها. قال 'القنوجي' (33): (مسائله: القواعد التي يعرف منها أن الأصالة والفرعية بين المفردات بأي طريق يكون، وبأي وجه يعلم، ودلائله مستنبطة من قواعد علم المخرج وتتبع ألفاظ العرب واستعمالاتها).

وإن بعض مسائل هذا العلم تجدها مذكورة باستفاضة في العلوم الأخرى فلا نطيل بذكرها؛

كمسألة اشتقاق (الاسم)؛ فهو من السُّمُو عند البصريين، ومن السِّمَة عند الكوفيين.

وكذلك مسألة اشتقاق المصدر من الفعل عند الكوفيين، أو الفعل من المصدر عند البصريين.

وكذلك مسألة اشتقاق اسم (الله)، ناقشها كثير من الشراح عند كلامهم على البسملة. قال 'الخليل بن أحمد' (34) : (وليس (الله) من الاسماء التي يجوز منها اشتقاق فعل، كما يجوز في الرحمن الرحيم)، وقال 'أبو بكر بن دريد' (35): (فأما اشتقاق اسم الله -عز وجل- فقد أقَدَم قومٌ على تفسيره، ولا أحبُّ أن أقول فيه شيئاً)، وقال 'أبو بكر الصولي' في [أدب الكتاب]: (و(الله) -تبارك اسمه- اسم خاص للمعبود -جل وعلا- لا يسمى به سواه. قال الله تعالى: ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]، قال المفسرون: (لا يعلم من تسمى الله إلا الله -عز وجل-، ولا يعرف لهذا الاسم اشتقاق من فعل). ولا أحب ذكر ما قاله النحويون فيه؛ لأنه تكلف لا يضر تركه).

ولكن نشير إلى بعض المسائل من أصول هذا العلم لتكون أصلاً لمن أراد التوسع فيه

مسألة: هل كانوا يعرفون الاشتقاق قديماً؟

جاء في الحديث القدسي: «أنا الرحمن وهي الرحم؛ شققتُ لها اسماً من اسمي؛ فمن وصلها وصلتُه ومن قطعها قطعته» (36)، وفي الحديث المشهور: «أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله ورسوله»، وفي حديث آخر: «إذا بعثتم رسولاً فابعثوه حسن الوجه، حسن الاسم» (37)، وكان النبي يغير الأسماء القبيحة إلى أسماء حسنة، كتغييره حَزْناً إلى سَهْل، وغير ذلك. وقال 'حسان بن ثابت' (38):

وشَـقَّ له من إِسْمِه ليُجِـلَّه ×× فذو العرش محمودٌ وهذا محمدُ

قال 'ابن دريد': (ذكر 'الأصمعيُّ' أنَه (إنّما سُمِّي مهلهلاً لأنَّه كان يُهلهِل الشِّعر)، أي يرقِّقه ولا يُحكِمه).

مسألة: لا بد للاشتقاق من حد ينتهي إليه:

قال 'ابن دريد' (39): (ولم نتعد ذلك إلى اشتقاق أسماء صنوف النَّامي من نبات الأرض؛ نَجمها وشجرها وأعشابها، ولا إلى الجماد من صخرها ومَدَرها، وحَزْنها وسهلها، لأنّا إن رُمْنا ذلك احتجنا إلى اشتقاق الأَول التي نشتقُّ منها، وهذا ما لا نهاية له). وقد ذهب بعض المعاصرين إلى أن نشأة اللغات كلها من الأصوات والأوضاع الطبيعية، وأنها بدأت على حرفين حرفين، ثم احتاجوا إلى التوسع في كلامهم فنشأ من ذلك الثلاثي والرباعي وغيره على خلاف بينهم في تفاصيل هذا المذهب (40).

مسألة: هل علم الاشتقاق له حقيقة؟

قد أنكر هذا العلمَ بعضُ الظاهرية، وذكر أن اشتقاق بعض الكلم من بعض دعوى بغير دليل، وأن ذلك كذب على العرب! وهذا خلاف ما عليه أئمة اللغة والنحو قديماً وحديثاً، حتى يكاد يكون ذلك متواتراً عنهم. وأما القصة التي وردت في [كتاب العين] (41): (قلت 'للخليل': (من أين قلت (عكش) مهمل، وقد سمت العرب 'بعكاشة'؟) قال: (ليس على الأسماء قياس)، وقلنا 'لأبي الدقيش': (ما 'الدقيش'؟) قال: (لا أدري، ولم أسمع له تفسيراً). قلنا: (فتكنيتَ بما لا تدري؟) قال: (الأسماء والكنى علامات، من شاء تسمى بما شاء، لا قياس ولا حتم))، فهذه القصة أنكرها 'ابن دريد' (42) فقال: (واحتجوا بما ذكره 'الخليل' بزعمهم: أنه سألَ 'أبا الدُّقيش': (ما 'الدُّقيش'؟) فقال: (لا أدري، إنما هي أسماء نسمعها ولا نعرفُ معانيهَا). وهذا غلط على 'الخليل'، وادعاء على 'أبي الدقيش'، وكيف يَغبَى على 'أبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد' -نضر الله وجهه- مثلُ هذا؟! وقد سمع العرب سمَّت: 'دَقْشًاو'دُقَيشاو'دَنقْشا'، فجاءوا به مكبَّرًا ومحقَّرًا، ومعدولاً من بنات الثلاثة إلى بنات الأربعة بالنون الزائدة. والدَّقش معروف، وسنذكره في جملة الأسماء التي عَمُوا عن معرفتها).

وقريب من هذه القصة قصة 'شبيل' مع 'رؤبة'؛ قال 'ابن دريد' (43): (أخبرنا أبو حاتمٍ، عن الأصمعي قال: (كان 'يونسُ' في حلقة 'أبي عمرو بن العلاء'، فجاء 'شُبَيل بن عَزْرةَ الضُّبَعي'، فسلَّم على 'أبي عمرو بن العلاء'، فرفعه في مجلسه، وألقى له لِبْدَ بغلته، فقال 'شُبَيل': (ألا تعجبون لرؤبتكم هذا؟ سألتهُ عن اشتقاق اسمِه فلم يدر ما هو؟)).

قلتُ: ليس في القصتين ما يستوجب الإنكار، ولا فرق بينهما، فكيف يطعن في الأولى دون الثانية؟! وحكاية 'الخليل' موجودة في [كتاب العين]، و'الخليل' معروف بالأخذ عن 'أبي الدقيش'، ويبعد أن تكون من زيادات 'الليث'، وقد نقلها 'الأزهري' في [تهذيبه] ولم ينتقدها، مع أن عادته أن ينتقد ما لا يعرفه من كلام 'الليث'، وكذلك نقلها 'ابن فارس' في [مقاييسه] وقال: (ولا يبعد أن يكون هذا صحيحاً، وليس خفاءُ بعض اشتقاق الكلم على بعض العلماء بدليل على الطعن في علم الاشتقاق جملة، ولا في الجهل به جملة!) فالأمر كما قال 'ابن فارس' -رحمه الله- (44) بعد أن حكى لفظا شذ عن 'الخليل': (وقد يشِذُّ عن العالِم البابُ من الأبواب، والكلام أكثر من ذلك). وأما وقوع الاشتقاق فقد قال 'ابن فارس' (45): (أجمع أهل اللغة -إلا من شذ عنهم- أن للغة العرب قياساً، وأن العرب تشتق بعض الكلام من بعض … وعلى هذا سائر كلام العرب، علِم ذلك من علم وجهِله من جهل … وليس لنا اليوم أن نخترع ولا أن نقول غير ما قالوه، ولا أن نقيس قياساً لم يقيسوه؛ لأن في ذلك فساد اللغة وبُطلانَ حقائقها). وقال 'ابن فارس' أيضاً (46): (إن للغة العرب مقاييسَ صحيحة، وأصولاً تتفرع منها فروع، وقد ألف الناس في جوامع اللغة ما ألفوا، ولم يعربوا في شيء من ذلك عن مقياس من تلك المقاييس، ولا أصل من الأصول، والذي أومأنا إليه باب من العلم جليل، وله خطر عظيم). وقال 'ابن دحية' في [التنوير] (47): (الاشتقاق من أغرب كلام العرب، وهو ثابت عن الله تعالى، بنقل العدول عن رسول الله)، ثم ذكر حديث الرحم.

تنبيـه:

قد يُستشكَلُ -مع ما تقدم من تقرير ثبوت المقاييس في اللغة- اتفاقُ أكثر أهل اللغة والنحو على أن اللغة لا تثبت قياساً، وهذا منصوص عليه عندهم، ويشبه الإجماع عندهم. وهذا لا إشكال فيه -إن شاء الله تعالى-؛ لأن المقصود مما تقدم بالقياس إظهار العلاقة بين الألفاظ الثابتة عن العرب، وضم النظير إلى نظيره، وأما منعُ القياس في اللغة فالمقصود به إنشاء كلمات أو إطلاقات جديدة لم ترد سماعاً عن العرب، ومثال ذلك أننا نعرف بدلالة الاشتقاق أن (القارورة) سميت بذلك لأن الماء يستقر فيها، ومع ذلك لا يصح أن نسمي البيت قارورة لأن الناس يستقرون فيه.

وهذه مناظرة جرت بين 'أبي إسحاق الزجاج' و'يحيى بن علي المنجم' في الاشتقاق (48):

'المنجم': (من أي شيء اشتق الجرجير؟)

'الزجاج': (لأن الريح تجرجره)

'المنجم': (وما معنى تجرجره؟)

'الزجاج': تجرره، ومن هذا قيل للحبل الجَرير؛ لأنه يجر على الأرض)

'المنجم': (والجرة، لم سميت جرة؟)

'الزجاج': (لأنها تجر على الأرض)

'المنجم': (لو جرت على الأرض لانكسرت! والمجرة لم سميت مجرة؟)

'الزجاج': (لأن الله جرها في السماء جراً)

'المنجم': (فالجرجور الذي هو اسم المائة من الإبل لم سميت به؟)

'الزجاج': (لأنها تجر بالأزِمَّة وتقاد)

'المنجم': (فالفصيل المجر الذي شق طرف لسانه لئلا يرضع أمه، ما قولك فيه؟)

'الزجاج': (لأنهم جروا لسانه حتى قطعوه)

'المنجم': (فإن جروا أذنه فقطعوها تسميه مجراً؟)

'الزجاج': (لا يجوز ذلك!)

'المنجم': (قد نقضت العلة التي أتيت بها على نفسك، ومن لم يدر أن هذا مناقضة فلا حس له).

قلتُ: هذا الكلام لا يلزم 'الزجاج' ولا نقض فيه؛ لأنه إنما اعتلّ لكلام العرب، وأظهر ما ترجّح لديه من أسباب الاشتقاق، ولم يزعم أنه بذلك يجوز اشتقاق ألفاظ جديدة بناء على العلة؛ لأنها ليست علة بالمعنى الأصولي، بل قد تكون حكمة، وقد تكون جزءَ علة، وقد تكون معارضة في ألفاظ أخرى بعلل أخرى أقوى منها، فالخلاصة أن كلام 'المنجم' لا يلزم أهل العلم، ولم يدعِ 'الزجاج' أصلاً ذلك، كما يتضح من آخر كلامه، والله تعالى أعلم.

ولهذا تجد 'ابن فارس' في [م،قاييسه] كثيراً ما يقول: (ولا أدري مم اشتقاقه؟) (49)، أو يقول: (هذا مما وضع وضعاً ولم أعرف له اشتقاقاً) (50)، ويقول أيضاً (51): (والأصل في هذه الأبواب أنَّ كلَّ ما لم يصحَّ وجهُه من الاشتقاق الذي نذكره فمنظورٌ فيه، إلاّ ما رواه الأكابر الثقات). وقال في [فقه اللغة] (52): (وهذا مبني أيضاً على ما تقدم من أن اللغة توقيف، فإن الذي وقفنا على أن الاجتنان الستر هو الذي وقفنا على أن الجن مشتق منه، وليس لنا اليوم أن نخترع ولا أن نقول غير ما قالوه، ولا أن نقيس قياساً لم يقيسوه؛ لأن في ذلك فساد اللغة، وبطلان حقائقها .. ونكتة الباب أن اللغة لا تؤخذ قياساً نقيسه الآن نحن).

مسألة: كيف يعرف الاشتقاق؟

الأصول في الاشتقاق تعرف بالنظر والتأمل، مع سعة العلم والاطلاع على كلام العرب، ومع ذلك فقد يتردد البصير بكلام العرب بين أصلين أو أكثر في رد الكلام إليه، كما يقول 'ابن دريد' كثيراً في [الاشتقاق]: (واشتقاق كذا من أحد شيئين) أو (اشتقاق كذا من أشياء). وإذا اختلف العلماء في الاشتقاق فيمكن رد أحد الأقوال في إرجاع المادة إلى أصل واحد، بذكر فرد لا يندرج تحت هذا الأصل. أو رد قوله في ذكر الأصل ببيان وجه المناسبة مع أصل آخر أقوى، أو ببيان ضعف المناسبة المذكورة بالنسبة لغيرها. وهذا كلام نفيس للإمام الجليل 'الخليل بن أحمد' عن علل النحو، ولكنه ينطبق أيضاً على علم الاشتقاق؛ ذكره 'أبو القاسم الزجاجي' في [إيضاح علل النحو] قال: (وذكر بعض شيوخنا أن 'الخليل بن أحمد' -رحمه الله- سئل عن العلل التي يعتل بها في النحو؟ فقيل له: (عن العرب أخذتَها؟ أم اخترعتها من نفسك؟) فقال: (إنَّ العربَ نطقت على سجيتها وطباعها، وعرَفتْ مواقعَ كلامها، وقام في عقولِها عِلَلُه، وإن لم ينقل ذلك عنها، واعتللتُ أنا بما عندي أنَّهُ عِلةٌ لما عللته منه، فإن أكن أصبتُ العلةَ فهو الذي التمستُ، وإن تكن هناك علةٌ غيرُ ما ذكرتُ فالذي ذكرتُه محتمل أن يكون علة، ومَثَلِي في ذلك مثل رجل حكيم دخل دارًا محكمةَ البناءِ عجيبةَ النظمِ والأقسام، وقد صحت عنده حكمةُ بانيها بالخبر الصادق أو بالبراهين الواضحة والحجج اللائحة، فكلما وقفَ هذا الرجل في الدار على شيء منها قال: (إنما فعل هذا هكذا لعلةِ كذا وكذا، ولسبب كذا وكذا)، لِعِلَّةٍ سنحت له، وخطرت بباله، محتملة أن تكون علة لتلك، فجائز أن يكون الحكيم الباني للدار فعل ذلك للعلة التي ذكرها هذا الذي دخل الدار، وجائز أن يكون فعله لغير تلك العلة، إلا أن ما ذكره هذا الرجل محتمل أن يكون علة لذلك، فإن سنحَتْ لغيري علةٌ لما علَّلْتُه من النحو هي أليقُ مما ذكرتُه بالمعلول فليأتِ بها). قال 'الزجاجي' معلقاً: (وهذا كلام مستقيم، وإنصاف من 'الخليل' -رحمة الله عليه-).

 

الهوامش:

(1) في الموافقات 2/ 64.

(2) نقل ذلك الجاحظ في أوائل كتاب الحيوان.

(3) أبجد العلوم 2/ 62-63، والعلم الخفاق، ص: 67.

(4) الاشتقاق، ص: 1.

(5) أبجد العلوم 2/ 45.

(6) أبجد العلوم 2/ 63.

(7) أبجد العلوم 2/ 63.

(8) أبجد العلوم 2/ 63.

(9) أبجد العلوم 2/ 63.

(10) في كتابه الرائع الممتع [روضة الأعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام] ص: 318.

(11) طبقات الزبيدي، ص: 36.

(12) وفيات الأعيان 3/ 467.

(13) الخصائص 1/ 21.

(14) مفاتيح الغيب 1/ 13، والعلم الخفاق، ص: 71.

(15) الاشتقاق 5 – 6.

(16) الخصائص 1/ 369.

(17) مقاييس اللغة 2/ 148.

(18) الخصائص 3/ 66.

(19) دراسات في فقه اللغة، ص: 178-179.

(20) أبجد العلوم 2/ 63، والعلم الخفاق، ص: 69.

(21) مطبوع بتحقيق رمضان عبد التواب.

(22) مطبوع بتحقيق عبد السلام هارون.

(23) لم يطبع فيما أعلم، وقد نقل عنه ابن جني في الخصائص، وابن خلكان في وفياته.

(24) لم يطبع فيما أعلم، وقد أشار إليه السيوطي في المزهر وغيره.

(25) مطبوع بتحقيق محمد صالح التكريتي، وطبع أيضا بتحقيق مصطفى الحدري ومحمد علي الدرويش.

(26) مطبوع بتحقيق عبد السلام هارون.

(27) أبجد العلوم 2/ 64.

(28) أبجد العلوم 2/ 64.

(29) طبع مرتين: الأولى سنة 1956م بمطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، والثانية بمكتبة الخانجي سنة 2000، وهي مصورة عن الأولى.

(30) ينظر تفصيل هذه الكتب في معجم المعاجم لأحمد الشرقاوي إقبال، ص: 179.

(31) من مقدمة تحقيق الاشتقاق لعبد السلام هارون، ص: 33 – 34.

(32) أبجد العلوم 2/ 63.

(33) أبجد العلوم 2/ 63.

(34) كتاب العين 4/ 91.

(35) الاشتقاق، ص: 11.

(36) رواه أبو داود 1694 ، والترمذي 1907 ، عن عبد الرحمن بن عوف.

(37) رواه ابن أبي شيبة 7/ 638 عن ابن أبي كثير مرسلاً، ووصله الطبراني عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة.

(38) هذا هو المشهور، وينسب لأبي طالب، وهو الشاهد 31 في خزانة الأدب، وينظر كلام البغدادي عنه.

(39) الاشتقاق، ص: 3.

(40) الاشتقاق لعبد الله أمين، ص: 416-417، وينظر أيضاً كتاب نشوء اللغة للكرملي.

(41) كتاب العين 1/ 190.

(42) مقدمة الاشتقاق، ص: 4.

(43) الاشتقاق، ص: 119.

(44) مقاييس اللغة 4/ 108.

(45) الصاحبي في فقه اللغة، ص: 33، ونقله السيوطي في المزهر 1/ 345.

(46) مقاييس اللغة 1/ 3.

(47) كما في المزهر 1/ 346، والعلم الخفاق، ص: 93.

(48) نقلها حمزة الأصبهاني في كتاب "الموازنة" كما في المزهر 1/ 354، والعلم الخفاق، ص: 122.

(49) كما في مواد (بدأ)، و (حصم)، و (ردج)، و (سج).

(50) كما في مادة (جثم).

(51) مقاييس اللغة 3/ 184، في آخر باء الحاء عند كلامه عن الرباعي المنحوت.

(52) المزهر 1/ 346.