محمد الأمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الصواب أن عصر السلف الصالح ينتهي بحدود عام (300هـ)، فيكون 'النسائي' -وهو آخر الأئمة الستة أصحاب الكتب المشهورة في السنة- هو خاتمة السلف، حيث توفي سنة (303هـ). وكل من توفي بعد ذلك لا يعتبر من السلف. وهذا نهاية عهد السلف وليس السلفيين، فلا تنافي بين بقاء طائفة على منهج السلف، وبين انقضاء عهد السلف أنفسهم.
وقد ذكر 'الذهبي' في مقدمة [الميزان] أن نهاية زمن المتقدمين هو رأس الثلاثمائة. وإذا نظرنا فإن الجيل الرابع وهو جيل الآخذين عن أتباع التابعين، ومن كبارهم 'أحمد'، ومن صغارهم 'النسائي'، فإنه ينتهي بنهاية القرن الثالث.
وفي حديث: «خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم…» لم يدرِ الصحابي -رضي الله عنه- أذكر قرناً أم قرنين. أي أن القرون المفضلة ثلاثة أو أربعة، فإن كانت أربعة فنهاية الرابع تكون بانقضاء المائة الثالثة. والمقصود بالقرن هو: (الجيل من الناس) بلا شك. دليل ذلك «ثم الذين يلونهم»، فهو يتكلم عن البشر، لا السنين. والجيل من الناس لا يبلغ قرناً، بل هو ثلاثة أرباع القرن، فإنك تجد التابعين ينتهي عهدهم سنة (150هـ)، وأتباع التابعين في الربع الأول من القرن الثالث، أما من روى عن أتباع التابعين فينتهي عهدهم بنهاية القرن الثالث. إذا الأجيال الأربعة الأولى تنتهي بسنة (300هـ).
وهذا الرأي وجيه وله حظ من القوة، ففي تلك القرون عاش الجهابذة الذين كان لهم قصب السبق في حفظ السنة، والذبّ عنها، وبيان صحيحها من معلولها، وكان لهم المؤلفات الضخمة في الحديث، والرجال، والعلل وغيرها.. إلا أنه وجد بعد الثلاثمائة من الأئمة من سار على منهج المتقدمين، وحذا على قواعدهم وطرائقهم، فهو ملحق بهم.