في الوقت الذي تنتظر فيه جماهير المعارضة السودانية هبة من الأحزاب لإسقاط النظام أو إجباره على تغيير سياسته الإقتصادية التي أفقرت المواطن سيما بعد اعتزامه رفع الدعم عن المحروقات. خرج رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني فاروق أبوعيسى بتصريحات مفادها أن المعارضة السودانية غير مستعدة على إسقاط النظام في هذا التوقيت. ولم يكتفِ بذلك بل شن […]
في الوقت الذي تنتظر فيه جماهير المعارضة السودانية هبة من الأحزاب لإسقاط النظام أو إجباره على تغيير سياسته الإقتصادية التي أفقرت المواطن سيما بعد اعتزامه رفع الدعم عن المحروقات.
خرج رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني فاروق أبوعيسى بتصريحات مفادها أن المعارضة السودانية غير مستعدة على إسقاط النظام في هذا التوقيت.
ولم يكتفِ بذلك بل شن هجوماً على بعض الأحزاب المشاركة في التحالف ووصفها بعدم الالتزام بسياسة تحالف قوى الإجماع وأنها "تنبز" تنظيماته في بعض المرات؛ في إشارة لحزب الأمة بقيادة الصادق المهدي الذي سبق وأن وصف بعض قوى المعارضة بأنها "طرور".
بينما قال: إن حزب "الصندل"، واختتم نقده بأن تحالف المعارضة ضعيف نتيجة تركيبته القائمة على الأحزاب وجماهيرها .
حديث فاروق أبوعيسى الذي جاء في ندوة أقامها الحزب الشيوعي ببحري كشف عن مدى الضعف والوهن في صفوف المعارضين.
كما أنه بيّن حجم الشقاق بين الأحزاب داخل التحالف الذي تسيطر على مقاليده قوى اليسار، وأوضح الخلل التنظيمي في الجسم الكبير الذي يتطلب العمل فيه مناقشة القضايا الخلافية داخل الأروقة والداخلية وليس على الهواء الطلق.
لتصبح تصريحات أبوعيسى بمثابة إشارة واضحة للمواطنين، وجماهير المعارضة بأن الأحزاب لا يُعوّل عليه في أي حراك علنى، وعليهم أن يبحثوا لإجسام وكيانات مطلبية مغايرة.
ما قاله أبوعيسى دليل على الإحباط في صفوف المعارضة، وزهدها في إصلاح الخلل، زهدها جعل رئيس التحالف في تلك الندوة يطالب بتطهير تحالف قوى الإجماع الوطني ممن أسماهم "المتخاذلين" عن شعار تغيير النظام.
وكشف في الوقت ذاته أن التحالف إرتكب خطأ بإهمال تحالف المزارعين، الذي قال: "إنه شارك في التأسيس، وتم تجاهله والانشغال بـ "الميتة" حسب تعبيره.
وتابع سنفتح الباب لدخول منظمات أخرى شبابية هادفة للتغيير، ليكن بذلك قد أعطى إشارة واضحة لهيكلة جديدة في التحالف المعارض الذي تم تكوينه على أنقاض "تحالف جوبا" المؤسس بواسطة الحركة الشعبية قبل إنفصال الجنوب.
الخلل في المعارضة ظهر بوضوح في تقارير كشفت عن اتجاه لتكوين "تحالف يساري" يضم الحزب الشيوعي السوداني بجانب حزب المؤتمر السوداني الذى يقوده رجل الأعمال إبراهيم الشيخ كرد فعل لفشل تحالف قوى الإجماع الوطني في تحقيق أهدافه الرامية لاسقاط النظام.
إلاّ أن الحراك الجديد فشل في إكمال الخطوة بسبب خلافات بين المكونات، وسواءً نجحت العملية أو فشلت فإنها قد أحدثت فتقاً في المعارضة يصعب رتقه في الوقت الحالي لما أحدثه من فقدان للثقة بين مكوناته التي من بينها أحزاب ذات "صبغة إسلامية" مثل المؤتمر الشعبي والأمة بجانب بعض الأحزاب الإتحادية.
لفشل المعارضة في تحقيق أي نجاحات سياسية، وعدم مقدرة الجبهة الثورية المسلحة على إنجاز إنتصارات ملموسة على النظام تكن الأجواء السياسية قد صفت جزئياً للمؤتمر الوطني الحاكم.
وتبقى عليه معالجة الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي باتت تهدده أكثر من حراك أحزاب المعارضة، ومن المتوقع في ظل هذه التجاذبات أن يشرع الوطني خلال الأيام القادمة في استقطاب بعض المعارضين سيما حزب الأمة الذي بدا في مد حبال الوصل معه مؤخراً.
كما أن هنالك مؤشرات لـ "صفقة سياسية" مع الحركة الشعبية قطاع الشمال بعيداً عن حركات دارفور لتهدئة جبهتي جنوب كردفان، والنيل الأزرق، وقطع الطريق أمام أية مشكلات في الوقت الحالي.
ومهما يكن من أمر فإن أي سلام أو اتفاقات جزئية لن تحل الأزمة في السودان، ويبقى الرهان على "سلام شامل" يضم كل المكونات دون إقصاء لأي جهة من الجهات؛ وبتوافق تام، وإلاّ فإن الظرف سيجعل الشعب يتجاوز الأحزاب التقليدية، ويتحرك بنفسه لوضع حد للتضييق الذي يتعرض له مع كل صباح سيما في المعاش.