المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

مصر تُصبِح على مجزرة.. وتُمسِي على الطوارئ

مصر تُصبِح على مجزرة.. وتُمسِي على الطوارئ

2600 قتيل ..

انتهى فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة والجيزة الذي استمر 6 أسابيع الأربعاء بمجزرة، وحمام دم حيث قتل الآلاف (بدمٍ بارد) من مؤيدي الرئيس المصري المنتخب المعزول محمد مرسي.

وجرح آلاف آخرون برصاص الجيش والأمن، وفجر القمع الدامي للاعتصامين موجة عنف بمحافظات أخرى قتل فيها العشرات، الأمر الذي أثار مخاوف انتشار حالة فلتان أمني بالبلاد.

وأعلنت وزارة داخلية الإنقلاب العسكري مساء اليوم أن قواتها سيطرت بالكامل على ميدان رابعة العدوية بعد فض اعتصام ميدان النهضة بالجيزة صباحا "بطريقة حرفية" على حد تعبيرها.

وقال القيادي بحزب الحرية والعدالة محمد البلتاجي إن ما لا يقل عن ثلاثمائة من المعتصمين في رابعة قتلوا بينهم ابنته، بينما أصيب آلاف آخرون, في حين قالت وكالة الأنباء الفرنسية إن ما لا يقل عن 124 شخصاً قتلوا في ميدان النهضة.

من جهته، قال التحالف الوطني لدعم الشرعية إنه تم إحصاء 2600 قتيل في رابعة العدوية، وأكد حرق قوات الأمن المشفى الميداني مساء اليوم.

بينما قالت الحكومة على لسان رئيس الوزراء ووزارة الصحة إن عدد قتلى أحداث اليوم بمختلف محافظات مصر لم يزد على 149 قتيلًا.

وأعلن التلفزيون المصري الرسمي أن الأمن اعتقل ثمانية من قادة جماعة الإخوان المسلمين بينهم القياديان بحزب الحرية والعدالة عصام العريان، ومحمد البلتاجي.

بالإضافة إلى الداعية صفوت حجازي، وعبد الرحمن البر الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين.

لكن العريان نفى في تغريدة أن يكون اعتقل هو أو البلتاجي، كما نفى وزير الداخلية محمد إبراهيم اعتقالهما في مؤتمره الصحفي.

حمام دم ..

في الوقت الذي أكدت فيه الصورة التي بثت من الإعتصامين أن القناصة أطلقوا الرصاص على المعتصمين في رؤوسهم وصدورهم، ووصف بعض المراقبون ما حدث بالإبادة الجماعية.

وبعد مقتل وإصابة المئات في ميدان النهضة، حاول مؤيدو مرسي الاعتصام في ميدان مصطفى محمود بالجيزة بحضور الداعيين محمد حسان ومحمد يعقوب، بيد أنهم ووجهوا بإطلاق الرصاص وقنابل الغاز.

وقال طبيب بالمستشفى الميداني إن المستشفى استقبل ما يقرب من أربعين جثة، فضلاً عن المصابين.

حريق ينتشر ..

وقد امتدت الاضطرابات من القاهرة والجيزة إلى عديد المحافظات حيث اندلعت احتجاجات واسعة تطورت إلى صدامات دامية بين الأمن ومؤيدي مرسي، قتل فيها العشرات.

واندلعت احتجاجات واشتباكات بالإسكندرية والفيوم والسويس والإسماعيلية وأسيوط والمنيا وبني سويف والعريش، وتم خلالها حرق عدد من مقار الشرطة وآليات للجيش والأمن وفق مصادر متطابقة، وامتدت إلى مدينة شرم الشيخ السياحية.

وعلى ذات الصعيد قررت الحكومة المصرية الانقلابية فرض حظر تجول من الساعة السابعة مساء وحتى السادسة صباحاً في القاهرة والإسكندرية والسويس و11 محافظة أخرى طوال فترة حالة الطوارئ، التي تستمر شهراً.

طوارئ لشهر ..

وقال رئيس وزراء حكومة الإنقلاب حازم الببلاوي في كلمة متلفزة، إن قوات الأمن كان عليها التحرك من أجل فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في القاهرة بهدف "استعادة الأمن".

وأضاف أن قرار فض الاعتصامين وتفريق المعتصمين "لم يكن سهلاً".

وعبر البلبلاوي عن أسفه لسقوط قتلى، قائلاً أن حالة الطوارئ التي فرضتها الحكومة بدءاً من الأربعاء ولمدة شهر "سترفع في أقرب وقت ممكن" – حسب تعبيره -.

تعامل بمهنية !!!

وألقى وزير الداخلية في حكومة الإنقلاب محمد إبراهيم مؤتمراً صحفياً قال فيه إن قوات الأمن "تعاملت بمهنية" !! مع المحتجين – على حد قوله -.

وشكر إبراهيم الشرطة على جهودها، مضيفاً أن 43 من عناصرها قتلوا في العنف في مختلف أنحاء مصر.

وألقى وزير الداخلية التُهم لأنصار مرسي ببناء "تحصينات" و"إطلاق الخرطوش" على قوات الأمن، مضيفاً أن "عصابات مسلحة" اخترقت مواقع الاحتجاج واستولت على الذخير".

مذابح توازي جرائم الحرب ..

واتهمت جماعة الإخوان المسلمين من وصفتهم في بيان بـ "قادة الإنقلاب" بارتكاب "مذابح توازي جرائم الحرب"، محملين قادة الجيش المسؤولية الجنائية والسياسية المباشرة تجاه هذة "الجرائم".

وقال البيان "وصلت وحشيه قادة إنقلاب 3 يوليو إلى حد إحراق خيام المعتصمين وقت إحتماء الأطفال والنساء بداخلها من تأثير الغاز مما أدى إلى إصابات بحروق بشعة بينهم.

كما قام القناصة بإستهداف الصحفيين والمصوريين والمراسليين مما أدى إلي مقتل عدد منهم، ومنعوا سيارات الإسعاف من نقل المصابين لإنقاذ حياتهم في المستشفيات المجاورة بعدما عجز المستشفى الميداني عن إستيعاب هذا العدد من المصابين" .

استقالة البرادعي ..

وبتطور الأحداث تقدم نائب الرئيس الإنقلابي للشؤون الخارجية محمد البرادعي باستقالته، احتجاجاً على استخدام العنف في فض اعتصامين دعم الشرعية.

وقال البرادعي في نص الاستقالة: "استقلت لأنني لا أستطيع تحمل قرارات لا أتفق معها".

وأوضح أنه "كانت هناك خيارات سلمية لحل الأزمة السياسية بدلاً من اللجوء إلى العنف".

أوردغان التحرك الفوري ..

وخارجياً، قال مكتب رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، في بيان إن "على الأسرة الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية، التحرك فوراً لوقف هذه المجزرة"، مضيفاً أن الصمت الدولي مهد السبيل لقيام السلطات المصرية بحملة عنيفة.

وحث وزير الخارجية الأميركي جون كيري الجيش المصري على إجراء انتخابات وأدان ما حدث خلال تفريق اعتصامي أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي.

وقال كيري إن "الحكومة المؤقتة والجيش عليهما مسؤولية منع المزيد من العنف وطرح خيارات بناءة من بينها تعديل الدستور وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية".

وأضاف كيري أن "أحداث الأربعاء تدعو للأسف وتتعارض مع تطلعات المصريين للسلام والديمقراطية".

وأدان الأمين العام للأمم المتحدة استخدام العنف في فض اعتصامي القاهرة.

ودعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى "إبداء أقصى قدر من ضبط النفس"، في حين اعتبر رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز أن "سقوط هذا العدد الكبير من القتلى صباح اليوم أمر غير مقبول".

كما أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاترين اشتون عن "قلقها الشديد"، وقالت في بيان "أدعو قوات الأمن إلى إبداء أقصى حد من ضبط النفس وأدعو جميع المواطنين المصريين إلى تفادي أي استفزازات جديدة أو تصعيد للعنف"، مؤكدة  أن "المواجهة والعنف ليسا الطريق لتسوية القضايا السياسية الرئيسية".

ويتوجه المراقبون للشأن المصري باللائمة للمجتمع الدولي، والدول الغربية؛ وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي اتسمت مواقفها بتأيد الإنقلاب، وأظهارها دعوى ضبط النفس، دون الفعل الملموس على الأرض الذي يمكن أن تلعبه، معللين ذلك بأن حكومة الإنقلاب ما كان لها أن تُقدم على هذه المذبحة إلاّ بعد أن تأخذ الموافقة والأذن من الدول الغربية، وتضمن صمتها العملي دون القولي. 

 المصدر: وكالات