المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

رويترز تستعرض ضعف انتخابات مصر.. ناخب واحد في إحدى اللجان!

رويترز تستعرض ضعف انتخابات مصر.. ناخب واحد في إحدى اللجان!

توجهت أعداد قليلة من المصريين أمس الأحد إلى مراكز الاقتراع للتصويت في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية التي يقول الرئيس عبد الفتاح السيسي إنها خطوة مهمة نحو الديمقراطية ويقول معارضوه إنها ستأتي بمجلس نواب يصدق فقط على قراراته.

وفي ظل وجود العديد من المعارضين خلف القضبان يقول المنتقدون إن من غير المرجح أن يشكل مجلس النواب عائقا للسيسي الذي كان قائدا للجيش ووزيرا للدفاع حين أعلن الانقلاب على الرئيس السابق محمد مرسي أول رئيس منتخب في مصر منذ الملكية.

ومصر بلا برلمان منذ عام 2012 عندما أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقت أن كان يدير شؤون البلاد بعد الثورة، قرارا بحل مجلس الشعب الذي كانت تهيمن عليه أغلبية إسلامية.

وصدر قرار حل المجلس تنفيذا لحكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون انتخابه.

وكان ذلك البرلمان أحد أهم نتائج الثورة الشعبية التي أطاحت بالمخلوع حسني مبارك عام 2011 بعد ثلاثة عقود قضاها في الحكم.

وبعد الانقلاب مرسي شنت الحكومة أعنف حملة أمنية على جماعة الإخوان المسلمين ومعارضين ليبراليين مصريين.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن القاضي عمر مروان المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات قوله إن بعض المحافظات مثل الإسكندرية والجيزة وأسيوط شهدت إقبالا معقولا للناخبين.

وأضاف أن بقية محافظات المرحلة الأولى “شهدت إقبالا ما بين المتوسط أو الأقل من المتوسط حتى الساعة الثانية والنصف ظهرا”.

لكن أظهرت زيارات قام بها مراسلون لـ”رويترز” لعدد من مراكز الاقتراع ولقطات فيديو بثها التلفزيون الرسمي إقبالا ضعيفا وحماسا باهتا من الناخبين.

ويتناقض ذلك مع مشاهد الطوابير الطويلة والتكدس داخل وخارج اللجان في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في أواخر عام 2011 وبدايات عام 2012.

وأغلب الناخبين الذين التقت بهم رويترز كانوا من كبار السن ومن مؤيدي السيسي الذي يواجه اتهامات من قبل جماعات حقوق الإنسان بسحق المعارضة. فيما تنفي حكومته ارتكاب أي انتهاكات.

وقال القاضي محمد رأفت الذي يترأس لجنة انتخابية في حي الدقي بالجيزة إن نسبة الإقبال 10 بالمائة.

وأضاف في الساعات الأولى لفترة المساء والتي كان يزيد فيها الإقبال عادة، فإن أغلب الناخبين من كبار السن بينما غاب الشباب عن التصويت.

وبعد ظهر السبت قال قاض في لجنة انتخابية بمنطقة جزيرة العرب التي يقطنها سكان من الطبقة العاملة بمحافظة الجيزة إن عشرة بالمائة من تسعة آلاف ناخب مسجل باللجنة شاركوا في التصويت.

وأبدى شباب مقاطعون للانتخابات شيئا من السخرية، حيث قال أحمد مصطفى (25 عاما) الذي يعمل في معمل تحاليل “لن تحدث فرقا.. إنها فقط للاستعراض ولإظهار أننا في ديمقراطية وأن لدينا انتخابات .. أي كلام”.

وأضاف “معظم الناس من جيلنا يشعرون بنفس الأمر: أن كل هذا مجرد استعراض”.

ويتفق معه أحمد إبراهيم وهو محاسب يبلغ من العمر 34 عاما، إذ يقول “الشباب في مصر.. طموحنا في 2011 أننا سنبني البلد لكن سرقت مننا فجأة”، وأضاف “99 بالمئة من أصدقائي لن يصوتوا”.

وحث السيسي المصريين السبت على المشاركة في الانتخابات وطالب قوات الشرطة والجيش ببذل الجهد لتأمينها.

ووصل ضابط كبير من الجيش إلى إحدى لجان الاقتراع في محافظة الجيزة في موكب مكون من عشر عربات عسكرية وتفقد إجراءات تأمين الاقتراع. وتشارك قوات من الشرطة والجيش بأعداد كبيرة في تأمين لجان الانتخاب.

وللبرلمان سلطات واسعة في الدستور المعدل الذي أقره الناخبون في استفتاء قبل انتخاب عبد الفتاح السيسي العام الماضي.

ومن الناحية النظرية بإمكان البرلمان رفض رئيس الوزراء الذي يكلفه رئيس الدولة بل بإمكان المجلس سحب الثقة من الرئيس.

لكن في وجود قادة الإخوان المسلمين ونشطاء شبان تصدروا الثورة في السجن يخشى منتقدون أن ينتخب المصريون برلمانا يسير في ركاب السلطة التنفيذية.

وقالت وفاء حنفي وهي مسؤولة في جماعة الإخوان المسلمين “الانتخابات مهزلة. لا اعتقد أن أحدا في مصر يتعامل معها بجدية.. كل المرشحين مصطنعون”.

وقال محمد سودان وهو عضو بارز في الجماعة “هذه الانتخابات ستأتي بمؤسسات غير شرعية ولن نشارك أبدا في مثل هذه الانتخابات”.

وكانت قوات من الجيش والشرطة تحرس مقرا انتخابيا في مدرسة بمنطقة السادس من أكتوبر التابعة لمحافظة الجيزة. ولم يتجاوز عدد الناخبين في هذه اللجنة 30 فردا في ذلك الوقت وأغلبهم من كبار السن أو متوسطي العمر.

وكانت مكبرات صوت على متن سيارات تذيع الأغاني الوطنية والأغاني المؤيدة للجيش.

وقالت فاطمة فرج وهي امرأة مسنة “أريد انتخاب الشباب، نحتاج لدماء جديدة”.

وفي حي بولاق الدكرور الفقير في الجيزة كانت هناك العديد من اللافتات الانتخابية لكن كان عدد قوات الأمن والموظفين في اللجان أكبر بكثير من عدد الناخبين.

ويعتقد محللون وسياسيون أن الإقبال على الاقتراع سيكون ضعيفا في الوقت الذي استبعدت فيه جماعة الإخوان المسلمين وتمر فيه الأحزاب العلمانية بحالة ضعف نتيجة الانقسامات وأزمات التمويل.

ويتوقع عدد قليل من المحللين أن لا تتجاوز نسبة المشاركة ثلث عدد الناخبين.

ويستمر الاقتراع يومين في مرحلة أولى تشمل 14 محافظة، وتجرى المرحلة الثانية والأخيرة يومي 22 و23 نوفمبر في باقي المحافظات.

وتجرى انتخابات المرحلة الأولى في الجيزة والإسكندرية والبحيرة والفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان ومطروح والبحر الأحمر والوادي الجديد.

وكان المصريون في الخارج قد أدلوا بأصواتهم في سفارات بلادهم السبت ويواصلون التصويت لليوم الأخير أمس.

ويقول منتقدون إن تغليب الانتخاب بالنظام الفردي يمثل عودة إلى عهد المخلوع مبارك الذي نجح فيه مرشحو الحزب الحاكم باستخدام الثروة والنفوذ وهو ما أضعف أحزاب المعارضة.

وقال السياسي خالد داود “نيل عضوية البرلمان فرصة للقرب من الحكومة. الأمر كما لو كان انضماما إلى نادي الحكومة”.

وأضاف “إذا كنت تريد مهابة في دائرتك احصل على عضوية البرلمان. إذا كنت رجل أعمال وتريد إنهاء صفقات احصل على عضوية البرلمان… هم لا يدخلون البرلمان ليعارضوا الحكومة”.

ويتألف البرلمان الجديد من 568 عضوا منتخبا منهم 448 نائبا بالانتخاب الفردي و120 عضوا بنظام القوائم المغلقة.

ويحق لرئيس الدولة أن يضيف إليهم بالتعيين خمسة في المائة من الأعضاء على الأكثر.

وسوف تجرى انتخابات إعادة في الدوائر التي لا يفوز فيها أي من المرشحين. وينتظر أن تعلن النتائج النهائية في ديسمبر كانون الأول.

ويتوقع أن تفوز قائمة “في حب مصر” -وتضم أحزابا وسياسيين- بأغلب المقاعد التي ستنتخب بنظام القوائم وعددها 120 مقعدا.

وكانت قائمة تدعى (صحوة مصر) وتتألف من أحزاب اشتراكية وليبرالية معارضة وسياسيين مستقلين قد انسحبت من السباق الأمر الذي جعل “في حب مصر” تنفرد بالساحة.

ويخوض حزب النور السلفي الذي جاء ثانيا في انتخابات 2012 الانتخابات، لكنه فقد الكثير من دعم الإسلاميين بعد موافقته على الانقلاب مرسي.

وانضم حزب المصريين الأحرار الذي أسسه رجل الأعمال الملياردير نجيب ساويرس إلى قائمة “في حب مصر” لكن له مرشحين ينافسون على المقاعد الفردية، وبنى الحزب برنامجه على المطالبة بالإصلاح الاقتصادي. كما يسعى للحد من استخدام الدين في السياسة.

ويتوقع على نطاق واسع أن يؤيد مجلس النواب تعديل الدستور للحد من سلطاته الواسعة وتركيز السلطة في يدي السيسي.

وقال ناثان براون الأستاذ بجامعة جورج واشنطن الأمريكية إنه “من الصعب القول بمدى خطورة مثل هذا الكلام لكنه في الحد الأدنى ينزع شرعية البرلمان حتى قبل أن ينتخب”.

ويزيد عدد الناخبين الذين يحق لهم الاقتراع في محافظات المرحلة الأولى على 27 مليون ناخ.

المصدر: الإسلام اليوم