بتاريخ 6 فبراير 2012 وفي خطاب وُصف وقتها بأنه على درجة من الأهمية تحدث رئيس الجمهورية عمر البشير أمام قيادات الخدمة المدنية في خطاب جاء فيه: "أن عهد التمكين قد انتهى وأن (التمكين) سيصبح بعد الآن لكل شرائح الشعب السوداني دون محسوبية باعتبار أن سياسة التمكين قد أفقدت الخدمة المدنية رشدها واستقامتها".. وأضاف أن وكيل […]
بتاريخ 6 فبراير 2012 وفي خطاب وُصف وقتها بأنه على درجة من الأهمية تحدث رئيس الجمهورية عمر البشير أمام قيادات الخدمة المدنية في خطاب جاء فيه:
"أن عهد التمكين قد انتهى وأن (التمكين) سيصبح بعد الآن لكل شرائح الشعب السوداني دون محسوبية باعتبار أن سياسة التمكين قد أفقدت الخدمة المدنية رشدها واستقامتها"..
وأضاف أن وكيل الوزارة هو المسؤول التنفيذي الأول في الدولة عن الأداء"..
ومعلوم أن وكيل الوزارة بنص القوانين واللوائح والدستور هو المسؤول الأول عن الجوانب المالية والإدارية وبنصوص قانون الخدمة المدنية لجمهورية السودان للعام 2007..
وفي الأسبوع الماضي أيضًا أعاد رئيس الجمهورية ذات التوجيهات، وأكد مضمون ذات الخطاب وذلك بقوله:
"انتهى عهد التمكين والتسييس للخدمة المدنية، وتاني مافي معيار آخر للتوظيف والترقي في الهياكل الوظيفية إلا بالكفاءة، مافي فصل للصالح العام، ومافي حاجة اسمها أولاد مصارين بيض، ومصارين سود، وكل الناس سواسية، هذا هو العدل، الخدمة المدنية حتكون مفتوحة لكل السودانيين بالتنافس الحُر والفاصل هو الكفاءة والمقدرة".
استنادًا إلى القوانين والدستور واللوائح وتوجيهات السيد رئيس الجمهورية في المرتين التي أكد فيها وبحسب قوانين جمهورية السودان وتحديدًا قانون الخدمة المدنية القومية لسنة 2007 أن وكيل الوزارة في كل الوزارات هو المسؤول الأول عن العمل التنفيذي والإداري والمالي..
وتأسيسًا على قيمة العدل التي هي أساس يقوم عليه الحكم الرشيد، وبناء على أرضية (التغيير) الذي أعلنته الدولة كسياسة لتصحيح الأوضاع التي تكرس للاستبداد والظلم والصلاحيات المطلقة، أود أن ألفت انتباه السيد وزير الزراعة الجديد إبراهيم محمود إلى وضع شاذ ومخالف للقوانين داخل وزارته!!
أوضاع شاذة
هذا الوضع الشاذ والمخالف للقوانين أسسه الوزير السابق الدكتور عبد الحليم المتعافي وهو استلاب صلاحية وكيل الوزارة السابق محمد حسن جبارة وانتزاعها بشكل مخالف لمجموعة القواعد والضوابط التي ذكرتها.
وأسندها إلى مدير إدارة وقاية النباتات خضر جبريل بقرارين وزاريين مخالفين للقوانين والدستور، إذ ليس من سلطات الوزير أن يتغول على سلطات الوكيل التي حددها القانون.
فكان الأمر عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، وبحسب معلوماتي الموثوقة أن هذه الأوضاع العرجاء التي حماها المتعافي بسلطاته، واستلبها استلابًا ما تزال باقية على عرجتها..
وهنا أريد أن أنبه لأمر مهم وهو أنني لن أتناول الآن قضية (استبقاء) مدير إدارة النباتات خضر جبريل فقد كتبنا عن تلك القضية كثيرًا وبالمستندات حينما كان المتعافي يشغل منصبه وزيرًا للزراعة وأوضحنا كيف خالف وزير الزراعة قانون الخدمة المدنية وتحديدًا المادة 27/1 والدستور وقرارات رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء في استبقاء (موظف) استنفد سن خدمته المعاشية،
و(تمادينا) في نشر المستندات الرسمية التي أثبتت صحة ما ذهبنا إليه ولم نتوقف أبدًا حتى جاء قرار رئيس الجمهورية الأخير الذي حاول تصحيح الأوضاع التي ظلت مائلة وقتًا طويلاً والذي استخدم فيه الرئيس سلطاته التقديرية في استبقاء الرجل، ومن الطبيعي أن نقف عند هذا الحد لأن للرئيس سلطاته التقديرية، وتقديرات الرئيس أيّا كانت فهي حقه وصلاحيته التي كفلها له القانون..
إبراهيم محمود أمام اختبار
الآن نحن لسنا بصدد قضية الاستبقاء فذاك أمر خرج عن نطاق مسؤوليتنا وتجاوز حدود مهمتنا كصحافة ينبغي أن تكون حرة فيما تتناول بمسؤولية.
ولكن ما نريد أن نلفت له نظر وزير الزراعة الجديد هو أن هناك تجاوزات ومخالفات ارتكبها المتعافي حينما كان ممسكًا بمقاليد الوزارة فهي لا تزال باقية، ولابد لخلفه إبراهيم محمود أن يقف عندها وعليه مراجعتها وتصحيح الأوضاع الظالمة التي أسس لها سابقه وألا يسير على درب من كانوا متنكبين عن الصراط..
والسؤال الذي يقفز بقوة إلى حلبة الأذهان هو:
هل فهم هؤلاء قرار الرئيس بتمديد أمد التكليف عامًا آخر للمدير المعاشي أنه لا بد أن يشمل تغطية التجاوزات والمخالفات التي ارتكبها الوزير السابق في سعيه المحموم لحماية المدير من سلطة القانون؟
وهي تجاوزات تمثلت في مخالفة قانون الخدمة المدنية القومية في المادة 27/1، والدستور وتوجيهات رئيس الجمهورية في الخطابين المشار إليهما وهي تغول الوزير على صلاحية وسلطات وكيل الوزارة وإسنادها إلى مدير إدارة؟..
وفيما يلي نورد نص القرارين الوزاريين المخالفين للقانون والدستور اللذين أصدرهما الوزير السابق وبموجبهما أصبح مدير وقاية النباتات يتمتع بوضع استثنائي جدًا لا ينطبق على أي إدارة في مؤسسات الحكومة مركزيًا أو ولائيًا:
الوكيل على الرف
وفي يوم 26 يناير 2011 أصدر وزير الزراعة الدكتور عبد الحليم المتعافي القرار رقم «5 » 2011 النمرة 48 ــ ب ــ وبموجب هذا القرار فوّض مدير الإدارة العامة لوقاية النباتات بكل صلاحيات (وكيل الوزارة) الذي أشير إليه في القرار بـ "رئيس الوحدة" ومعلوم أن رئيس الوحدة في قانون الخدمة المدنية القومية لعام 2007 هو وكيل الوزارة.
وبهذا القرار تم فصل ميزانية الإدارة، فأصبحت إدارة استثنائية لها ميزانية منفصلة ليس للوكيل سلطات عليها ولا إشراف، وأصبح مدير الإدارة بهذا القرار يتصرف بمفرده في الإدارة والمال، وهذا الأمر مخالف تمامًا ويتعارض بشكل واضح مع نص المادة 27/ 1 من قانون الخدمة المدنية 2007، ومخالف للدستور، ومخالف لتوجيهات رئيس الجمهورية الواردة في الخطاب الذي سبقت اللإشارة إليه..
بدون وجه حق
بتاريخ 5 /9/2010 النمرة 48 ــ ب ــ أصدر الدكتور عبد الحليم المتعافي قرارًا وزاريًا رقم «15» لسنة 2010 أتبع بموجبه إدارة وقاية النباتات له شخصيًا وأصبح الوزير هو المشرف المباشر عليها بدلاً من الوكيل، وهو بذلك سحب هذه السلطة من وكيل الوزارة.
وبحسب مسؤولين بالوزارة أن الوزير بهذه الخطوة تغول على سلطات الوكيل وتجاوز قوانين ولوائح الخدمة المدنية التي تنص على أن الوكيل هو المسؤول الإداري في الوزارة الأول فهو مسؤول عن الجوانب الإدارية والمالية، وأما الوزير فسلطاته سياسية، وأن الوزير لا يملك قرار إتباع مدير وقاية النباتات له شخصيًا ولا سحب هذه السلطات من الوكيل..
وهنا برز سؤال وقتها: لماذا أتبع الوزير هذه الإدارة بالذات تحت إشرافه المباشر؟ وتقول المصادر ذاتها إن هذا الإجراء ترتب عليه أن المدير أصبح يدير الإدارة بمزاجه وينقل ويصرف المال ويدير بصفة غير قانونية، وأن الإدارة الآن بها مجموعة من المعاشيين في الدرجات العليا أبقاهم بالعمل رغم بلوغهم سن المعاش، وقد انتهت مدتهم منذ 2012 ونزلوا المعاش والآن يعملون بالحوافز ويصرفون استحقاقاتهم، دون صفة قانونية…
وتأسيسًا على ما سبق، واستنادًا إليه فإن هناك سُنة سيئة ابتدعها الوزير المتعافي، وتجاوزًا واضحًا للقوانين كما أشرنا، وهناك أوضاع خاطئة ومخالفة صريحة خلقت وضعًا ظالمًا يتكئ عليه خضر جبريل بموجب هذه التجاوزات.
إذ أن قرار الرئيس استبقى خضر جبريل الموظف المعاشي في الإدارة ولم "يستبقِ" معه المخالفات التي ارتكبها المتعافي لتعزيز أوضاع صاحبه آنذاك، وإذا كانت رياح التغيير قد اقتلعت "المتعافي" فمن المنطقي أن تقتلع كذلك كل ما صنعه بالباطل..