المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

مكر ودهاء

مكر ودهاء

في بيانها حول مفاوضات أديس قالت الحكومة إنها "تفاجأت" بالروح العدائية النافرة من رئيس وفد الحركة الشعبية، ــ يا سلاآآآآآآآآم، حنتفاجأ طوالي كدي ــ.

البيان ذكر أيضاً أن رئيس الوفد ياسر عرمان قال إنهم جاءوا لإثبات موقف الحركة بشأن اتفاق "نافع ــ عقار"، وإن مرجعيتهم الوحيدة هي ذلك الاتفاق، ولن يعترفوا بغيره ولن يناقشوا أي شيء سواه.

عرمان حسب البيان قال إنّ الاتفاق "الإنساني" بين الحكومة والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، الحركة ليست معنية به ولن يصدر إقرار منها بشأنه.

الناظر بعين المتفحص إلى موقف الحركة الشعبية لا يلاحظ أنه بدا على درجة عالية من الدهاء السياسي، والتكتيك والخداع، وفي مقابل هذه الإستراتيجية التفاوضية الماكرة نجد إستراتيجية "النيَّة البيضا" و "السن البيضا" و "العمة البيضا" و "المركوب الأبيض".

وهي إستراتيجية خاصة بالمفاوض الحكومي، فقد عايشناها في نيفاشا، ومن قبل في "الأبوجات" و"النيروبيات"، و"الأديسات".

مهلاً، أنا لا أتجنى ولا أسخر من وفدنا الحكومي ولا استخف به، فقط انظروا إلى لغة الغضب التي كُتب بها  البيان الحكومي بعد انهيار الجولة و"الفواق" من الصدمة.

البيان الحكومي بدا معبراً عن صدمة غير متوقعة، "يا سلاآآآآآآآآم".

وقد عبر عن ذلك بعبارة "تفاجأنا بالروح العدائية النافرة" من جانب رئيس الحركة، ومتى كانت روح الحركة تتسم بالحميمية والود.

بعد أن أقسمت الحكومة بالله أنها لن تفاوض "قطاع الطرق" كان لا بد أن يستخدم "عرمان" تكتيكاً معيناً عن طريق المهادنة وإبداء الرغبة في التفاوض مؤقتاً لاستدراج الحكومة إلى طاولة المفاوضات.

ومن ثم "يفاجيء" "الجماعة" بحكاية التمسك باتفاق "نافع ــ عقار"، ويرفض اتفاق الحكومة مع الأطراف الدولية لإيصال المساعدات الإنسانية.

انظروا إلى هذه الإستراتيجية القائمة على الدهاء السياسي والتكتيك ورفع سقوف التفاوض عبر مراحل محددة:

أولاً: إبداء مرونة حتى يطمئن الخصم ويعمُّ الاسترخاء الأمني جسده تماماً، ويدرك أن غريمة ليس لديه سقف عالٍ.

ثانياً: مباغتة الخصم برفع سقف المطالب لأعلى درجة و"صعقه" بهذه المطالب ومفاجأته من حيث لا يحتسب.

ثالثاً: استخدام بعض أوراق الضغط في مواجهة الوسطاء أنفسهم، ولعل ذلك يبدو جلياً في تنصل "القطاع" من اتفاق القضايا الإنسانية وهو الأمر الذي يهم المجتمع الدولي بالدرجة الأولى.

رابعاً: ومن غير المستبعد أن تصعِّد الحركة عملياتها العسكرية لتعزيز الموقف التفاوضي ليكون جنباً إلى جنب مع العمل السياسي، يا له من دهاء ومكر وتكتيك.

من المؤسف أن تعلن الحكومة أن الصيف الحالي هو صيف القضاء على التمرد نهائياً ولا تفعل!!

ومن المؤسف أن يعلن ياسر عرمان قبل بدء الجولة أنهم جاءوا بقلب وعقل مفتوحين ولا يفعل!!!

وفي مقابل هذا المكر والدهاء، جاء المفاوض الحكومي بـ "عقل وقلب" مفتوحين بينما أغلق الطرف الثاني الطريق أمام الحل.

المصدر: الانتباهة