السؤال:
أحيانا أتبادل مع صديقاتي صورًا وفيديوهات هزْلية مصحوبةً بالموسيقي، فهل يجوز ذلك؟ لأني أخاف أن تكون سيئاتٍ جاريةً بالنسبة لي، علما بأنني أرسلها أحيانًا بدافع التسلية فقط، وليس من باب الاستهزاء، فدلوني جزاكم الله خيرا على الفعل الصحيح .
الجواب:
الواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يكون حريصًا على ما ينفعه، ويجتهد في اجتناب الحرمات واتقاء الشبهات، وأن لا يتوسع في المباحات لدرجة الإسراف.
ومما ينبغي التنبه له: التعامل مع الأجهزة الذكية من هواتفَ وحواسيب تحوي برامج وتصاوير وأصواتًا، فتعاطيها يكون بحيطة وحذر، لأن التساهل والتوسع فيها يفتح بابًا من الهوى والشهوات؛ قل أن يسلم من غوائلهما أحد.
والمزاح في الشريعة جائزٌ، بل مستحب، لو استوفى الشروط، والهدف منه تَطْيِيب نفس المخَاطب ومؤانسته، كما صرح بذلك النووي، قال الملا علي القاري: (صرَّح العلماء بأنَّ المزَاح – بشرطه – من جملة المستحبَّات)، ومن شروطه:
1/ ألا يكون كذبًا، لحديث (ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له، ويل له). أخرجه الترمذي، وأبو داود، وأحمد، وحسنه الألباني. ولحديث أبي هريرة: قالوا: يا رسول الله إنك تداعبنا. قال: (نعم غير إني لا أقول إلا حقا). أخرجه الترمذي في السنن والشمائل، والبغوي، وأحمد، وقال الترمذي: ” حديث حسن صحيح “.
2/ ألا يكون بمحرمٍ، كالموسيقى مثلا.
3/ ألا يكون فيه تعييرٌ لأحد، لأنه من التنابز المحرم، وقد يكون غيبةً، أو بهتانًا، أو سبًا لجماعة أو شخص.
4/ عدم الإفراط فيه، لئلا يسقط الوقار.
5/ ألا يُرَوَّعَ فيه مسلمٌ، للحديث (لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يروِّع مُسْلِمًا) رواه أبو داوود.
6/ ألا يكون فيه استهزاء بشيء من الأمور الشرعية، سواء كانت في أصول الديانة كالاستهزاء بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى، أو بالملائكة عليهم السلام، أو بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بالشعائر كالصلاة والصيام وغيرهما، أو بالسنن والأوامر والنواهي، كالحجاب، واللحية، وتقصير الثياب، وغير ذلك، للآية: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ) سورة التوبة، الآية 65.
فنقول للسائلة: لا ينبغي لك أن تتهاوني في تبادلك مع صديقاتك الصور الهزْلية والأصوات الموسيقية، ومن باب سد الذرائع ولأن المقاطع المذكورة فيها تجاوزٌ لحدود الشرع، نفتيك بالمنع، والمرء مأمور بأن يتقي الله حق التقوى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ] سورة آل عمران، الآية 102، واكتفي بما تحققت مصلحته لدينك ودنياك، والله تعالى أعلم.