المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

ما حكم تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة؟

السؤال

الجواب

س: فضيلة الشيخ حفظه الله، أود أن أستفهم من فضيلتكم، هل في الدين بدعة حسنة؟

جزاكم الله خيرا، أفيدونا أفادكم الله.

ج: لا مجال لتقسيم البدعة الشرعية إلى حسنة وقبيحة، لأنّ هذا التقسيم مما لا دليل عليه بل الدليل  على خلافه لقوله عليه الصلاة والسلام : (( فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )).يقول الإمام الشاطبي رحمه الله بعد أن رد تقسيم البدعة الشرعية وبالغ في ذلك فقال رحمه الله تعالى: ” والجواب أنّ هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليه دليل  شرعي بل هو في نفسه متدافع لأنّ من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده إذ  لو كان هناك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثم بدعة،  ولكان العمل داخلا في عموم الأعمال المأمور بها أو المخير فيها ، فالجمع بين عدِ تلك الأشياء بدعاً وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين متنافيين “

ثم إنّ الزعم بأن في الدين بدعة حسنة مؤداه أن الله تعالى لم يكمل دينه, ولم يتم النعمة على الأمة  وهو على خلاف قول الله تعالى :] الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً [، فالدين الذي رضيه الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- هو الدين الذي رضيه الله تعالى لنا ومن ادعى واستحدث قربة لم  يفعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو بين أمرين أحلاهما مرٌ : إما أن يزعم أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم-علم هذه العبادة ولكنه لم يخبر عنها وهذا اتهام  للرسول -صلى الله عليه وسلم- بالخيانة في التبليغ .  وإما أن يزعم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يعلم أنّ هذه عبادة وقربة وأنّ هذا المسكين علم شيئاً لم يعلم المصطفى -صلى الله عليه وسلم- به وهذا اتهام لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالجهالة والضلالة! وهذا منطق عقل صحيح أخذ به الصحابة رضوان الله عليهم في ردِ البدع التي ظهرت في زمانهم فهذا عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-  يقول لقوم رآهم على هيئة جديدة في الذكر والعبادة :”ويحكم هؤلاء أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متوافرون ،وثيابه لم تبل, وآنيته لم تكسر والذي نفسي بيده , إنكم لعلى ملة أهدى من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة !!؟ قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير, قال : وكم من مريد للخير لم يصبه , إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدثنا أن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم , وايم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم , ثم تول عنهم ، فقال عمرو بن سلمة :رأينا عامة أولئك الحلق  يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج. وقـال ابن الماجشون رحمه الله تعالى : “سمعت مالكا رحمه الله تعالى ” يقول :”من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا -صلى الله عليه وسلم-  خان الرسالة لأن الله  يقول :] الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [ فما لم يكن يومئذٍ ديناً فلا يكون اليوم دينا ” ولهذا  كان مالك رحمه الله كثيراً ما ينشد :

وخير أمور الدين ما كان سنة       وشر الأمور المحدثات البدائع