� السلام عليكم ورحمة الله..
المشايخ الأفاضل، هل يجوز الاحتفال بأعياد الكريسماس، ورأس السنة؟
وجزاكم الله خيرًا.
✍ وعليكم السلام ورحمة الله..
لا، ذٰلك لا يجوز، لارتباطه بعقائد النصارىٰ الباطلة، وذٰلك محرم بالإجماع، والأدلة علىٰ ذٰلك كثيرة..
● نقل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في [اقتضاء الصراط المستقيم] اتفاق الصحابة، وسائر الفقهاء بعدهم، أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يُظهرون أعيادهم في دار الإسلام.
ثم قال -رحمه الله-: (فكيف يسوّغ للمسلمين فعلها؟ أو ليس فعل المسلم لها أشد من فعل الكافر لها، مظهرًا لها؟!).
ويدخل في هـٰذا الاتفاق عدم مشاركة أهل الكتاب والمشركين أعيادهم واحتفالاتهم من باب أولىٰ، وهـٰذا الاتفاق لم يُخرق بصورة ظاهرة إلا في العصور المتأخرة، بعد عصر الاستعمار (الاحتلال) حين أعمل الغرب (الاحتلال الفكري الثقافي) في الشعوب المسلمة، وحين ظهر تأثر هـٰذه الشعوب بهـٰذا الداء.
لذٰلك لم يجد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- حرجًا في نقل هـٰذا الاتفاق عن العصور السابقة، ذكر ذٰلك في [مجموع فتاويه] قائلاً: (وما ذكره أهل العلم من الاتفاق علىٰ حظر مشاركة الكفار من مشركين وأهل كتاب في أعيادهم).
ونقل هـٰذا التحول النوعي -من التأثر بمظاهر المشركين وعاداتهم- الشيخ أحمد شاكر فقال في [تعليقه علىٰ المسند]: (ولم يختلف أهل العلم منذ الصدر الأول في هـٰذا -أعني في تحريم التشبه بالكفار- حتىٰ جئنا في هـٰذه العصور المتأخرة، فنبتت في المسلمين نابتة ذليلة مستعبدة، هجيراها وديدنها التشبه بالكفار في كل شيء!)
● من أدلة الكتاب في تحريم الاحتفال بأعياد المشركين:
§ قوله تعالىٰ: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾ [الفرقان: 72].
فسرها جمع من السلف، أي الذين لا يحضرون أعياد المشركين، منهم: ابن عباس، والضحاك، ومجاهد، وطاووس، وابن سيرين، والربيع، وجماعة من المفسرين..
والعيد هو: (اسم لما يعود من الاجتماع العام، علىٰ وجه معتاد)، ذكر ذٰلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في [اقتضاء الصراط المستقيم]:.
وقال النووي -رحمه الله- في [شرحه علىٰ مسلم]: (سُمي عيدًا: لعوده، وتكرره، وقيل: لعود السرور فيه).
§ قوله تعالىٰ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ [البقرة: 208]
روىٰ الطبري -رحمه الله- في [تفسيره] عن سبب نزول الآية، عن عكرمة أنه ذكر أنها نزلت في نفر من اليهود كانوا قد أسلموا فقالوا: (يا رسول الله، يوم السبت يوم كنا نعظمه، فدعنا فلنُسبت فيه، وإن التوراة كتاب الله، فدعنا فلنقم بها بالليل) فنزلت الآية.
فترك أعياد اليهود والنصارىٰ من الدخول في السلم كافة.
● من السنة:
§ كان من هدي النبي r مخالفة أهل الكتاب في كثير من أمورهم، حتىٰ قالوا: (ما يريد هـٰذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه) [رواه مسلم]، وكذا كان من هديه مخالفة المشركين عامة. ومن ذٰلك مخالفته r لأعيادهم.
وقد وردت أحاديث كثيرة في هـٰذا المعنىٰ منها:
§ قَدِمَ رسول الله r المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: «ما هـٰذان اليومان؟» قالوا: (كنا نلعب فيهما في الجاهلية)، فقال رسول الله r: «إن الله قد أَبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحىٰ، ويوم الفطر» [أخرجه أبو داود، والنسائي، وأحمد، وصححه الحاكم، والنووي، وابن حجر، وغيرهم..].
قال ابن حجر في [الفتح]: (استنبط منه كراهة الفرح في أعياد المشركين، والتشبه بهم).
§ جاء في الحديث أن رجلاً نذر أن ينحر إبلاً ببوانة، فسأل النبي r عن ذٰلك، فقال رسول الله r: «هَلْ كانَ فيها وَثنٌ مِنْ أوثانِ الجاهليةِ يُعبَدُ؟» قالوا: (لا)، قال r: «هلْ كانَ فيها عيدٌ مِنْ أعيادِهم؟» قالوا: (لا)، قال النبيُّ r: «أَوْفِ بنَذرِكَ، فإنه لا وَفَاءَ لنذرٍ في معصيةِ اللهِ، ولا فيما لا يَملِكُ ابنُ آدَمَ». [أخرجه أبو داود، وصححه النووي، وابن حجر].
قال شيخ الإسلام في [الاقتضاء]: (هـٰذا يوجب العلم اليقيني، بأن إمام المتقين r كان يمنع أمته منعًا قويًا عن أعياد الكفار، ويسعىٰ في دروسها وطمسها بكل سبيل).
● من آثار السلف الصالح:
§ قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t: (اجتنبوا أعداء الله في عيدهم) [أخرجه البيهقي في سننه الكبرىٰ]. قال شيخ الإسلام: (فكيف بمن عمِلَ عيدهم؟!)
ولا يُعلم لأمير المؤمنين مخالف من الصحابة.
د. محمد عبد الكريم.
أ.د. علاء الدين الأمين الزاكي.
د. مدثر أحمد إسماعيل.
أ. أيمن ميرغني.