جاء في الحديث الصحيح: (إن بين يدي الساعة ثلاث سنوات خداعات: يكذب فيها الصادق، ويصدق فيها الكاذب، ويخون فيها الأمين، ويؤتمن فيها الخائن، ويتحدث الرويبضة، قيل: وما الرويبضة يا رسول، قال: الرجل التافه يتحدث في أمر العامة)، صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .جاء رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه […]
جاء في الحديث الصحيح: (إن بين يدي الساعة ثلاث سنوات خداعات: يكذب فيها الصادق، ويصدق فيها الكاذب، ويخون فيها الأمين، ويؤتمن فيها الخائن، ويتحدث الرويبضة، قيل: وما الرويبضة يا رسول، قال: الرجل التافه يتحدث في أمر العامة)، صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
جاء رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقال: (يا رسول الله لقد ذهب مالي وسَقِم جسمي، فقال له ـ صلى الله عليه وسلم ـ: لا خير في عبد لا يذهب ماله ولا يسقُم جسمه، إن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، وإذا ابتلاه صبر).
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إن الله إذا أحب عبداً صب عليه من البلاء صباً، وثجَه ثجاً).
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (أشّد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل).
يا خالد الحبيب إذا لم تكن هذه الأحاديث تعنيك فمن تعني من أهل زماننا!! هذا الزمان الذي عناه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ت بكلماته الواثقة الموثوقة..
نظر الله إليك أيها الخالد الحبيب فوجد أن وزنك عنده ثقيل، ومعدنك أصيل من الذهب المجمر يزداد بالنار وهجاً ولمعاناً، وكان ذلك البلاء المبين، والخطب الجليل، والزلزال المدمر، والليل الطويل..
يا خالد إن الهيئة الخيرية بالكويت نظرت في كل أهل السودان واختارتك أنت لتكون ممثلها في السودان، وقبل ذلك اختارك د. يوسف الحجي لتكون مديراً لمكتبه بالكويت، وكان يثق فيك أكثر من ثقته في بعض أهله، ثم أرسلك من بعد ذلك لتكون مديراً للهيئه الخيرية في جزر القمر، ويومها كنت شاباً تشتهى الدنيا وتشتهيك، والمال يجري من بين يديك بملايين الدينارات الكويتية، وكنت خير سفير لرسول الله في أموال المسلمين، ولم تشتك منك الهيئة وعلى رأسها الدكتور يوسف الحجي يوماً واحداً، ولم تتهمك بخيانة الأمانة وتبديد أموال المسلمين وملايين الدينارات كانت تجري تحت يديك.. ولكنك.. ولكنك كنت ترى أن الخيانة كفراً، ثم بعد ذلك جاءت وزارة الإرشاد في عهد الوزير أزهري التيجاني فلم يجد رجلاً أفضل، ولا أطهر يداً وأنقى سريرة، ولا أزهد في الدنيا بحذافيرها من خالد سليمان، فاختارته مسؤولاً عن الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية، ويومها أموال عظيمة كانت تجري بين يديه، ومن فوقه وعن يمينه وعن يساره، ولكن وبكل أسف !! لم يتسلم وزير الإرشاد شكوى واحدة تكشف له خيانة خالد وسرقته لأموال المسلمين، بل ما كنت أعلمه يقيناً أنه كان شوكة في حلق المفسدين، وقد تضجر منه من تضررت مصالحه فأصبحوا يكيدون له بالليل والنهار.
ولما مرت الأيام بهذا التقي النقي الطاهر وتقدم به العمر، أرسلته الوزارة ليكون مسؤولاً لها عن الأوقاف في تلك البلاد، ولم تجد أنزه ولا أشرف منه لهذه المهمة، وألقته في اليم وقالت له: (إياك إياك أن تبتل بالماء)، وأنت تنتزع أوقاف السودان المنهوبة الضائعة إلى حضن البلاد!!
كم من الأوقاف يا وزارة الإرشاد وأنا أخاطب السيد أزهري التيجاني وقتها، كم من الأوقاف يسألك المولى التي استردها خالد في زمانه؟ وكم قيمتها بالريال السعودي اليوم!!
تكلم يا أزهري فقد حان وقت الكلام والأسد محبوس في عرينه، وأنت في مأمن مما أصاب خالد.. تكلم حتى نشهد لك بها ونحن الآلاف من المحبين لخالد، الشاهدين على فضله وأمانته ورجولته وغيرته على الدين والعرض.
وأخيراً لما تقدم العمر بخالد وهو في منتصف الخمسينيات، وهو في مدينة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقد أسرنيّ بحديث ونحن في المدينة المنورة، بأنه يريد أن يموت ويدفن في البقيع، ولو أسعفته الظروف سيتخذ بالمدينة المنورة منزلاً يَختم فيه حياته، وقد ذهبت إليه في منزله في المدينة وهو يسكن في شقه فوق مكتبه… ولم أجد في بيته شيئاً، والله ثلاجته خالية من متاع الدنيا.. ومكتبه خال من بهرج مكاتب الكبارات، وصلاة فجره في المسجد النبوي، ومن بعدها كل الصلوات.
أيها القراء الكرِام، وفي المدينة المنورة فجأة يتحول خالد إلى وحش كاسر، ولص فاجر، وسفيه عابث بالمال، يا سبحان الله.. يا سبحان الله، ما لم يفعله خالد وهو شاب يفعله وهو كهل مقبل على الآخرة، مدبر عن الدنيا.
ومن يعرفونه اليوم جلهم صامتون لأن الحديث حول هذا الموضوع مكلف!! وليتهم يكتبون حتى يعرف الناس من هو خالد.. أمجرم هو أم تقي نقي؟
أنا أتحدى كل من عَرف خالد من كبار وصغار وقدامى الحركة الإسلامية ومستجدين، أن يحدثنا عن جريمة واحدة، أو انحراف واحد، أو سوء خلق لخالد حتى ندعم به حيثيات الاتهام.
والله ثم والله، وأنا أشهد بذلك لخالد في الدنيا ثم في الآخرة، أن الفساد لو مرَّ بالسماء وخالد يقف في بقعة من بقاع الأرض، لتنحى الفساد عن تلك البقعة ليسلك مسلكاً آخر.
إن الحركة الإسلامية أمّرته على منطقة الجريف وكذلك المؤتمر الوطني، ولكنهم إلى يومنا هذا لم يأتوا بدليل واحد على خيانة أمانة، أو سوء خلق، كذلك فإني على يقين لا يتطرق له الشك بأن كل الأموال التي تحدث عنها المراجع ذهبت في استرداد تلك الأوقاف المنهوبة المغتصبة، وعندما يتحدث أزهري التيجاني ويشهد بما يعلم، ويحدثنا عن الأوقاف التي استردها خالد يومها، سيعرف الجميع أين ذهبت تلك الأموال.
أما عن حياة خالد وصلته بالدنيا، فما نعرفه ويعرفه أصدقاؤه وأهل الجريف جميعاً أنه:
كان له بيت في الجريف فباعه ليشتري أرضاً أو بيتاً واسعاً، ولكن الوزارة لم تعطه راتباً لزمان طويل، فصرف كل أموال البيت الذي باعه على مأكل أولاده، وإيجار المنزل، ورسوم المدارس، فضاع البيت وضاع ثمنه، ودخل بيت الإيجار ولم يخرج منه إلا للسجن عشر سنوات وغرامه ثلاثة ملايين ريال!!
ولو حول هذا المبلغ لصالحه الخاص لرأينا عمارة شاهقة في قلب أحياء الخرطوم الراقية كما فعل أولو النهى من اللصوص!!
هذا ما نعرفه عن هذا الطود الشامخ، وإن كانت لنا وصية لأخينا الحبيب خالد سليمان فهي الصبر الجميل، ثم عليك بسهام الليل التي تصيب ولا تخيب، فإن الظلمة لا ترديهم إلا تلك السهام، وكأني بك يا خالد وأنت تأتي يوم القيامة ومعك هؤلاء الخصوم وهم حفاة عراة عزلاً، يرفلون في ثوب الظلم الذي ألبسوك له، وهم يومها كما قالت الآية: (يومئذٍ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثاً)، فالظلم ظلمات، وكل ما نرجوه من قضاة الاستئناف ألا يتعجلوا في قراءة هذا الملف الشائك، ويتدارسونه بينهم، وبعد ذلك: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير).
لك الله يا خالد وهو أنيس كل مظلوم، وأنت في سجنك وكل الأكف مرفوعة تدعو لك الله بأن يعجل فرجك، ويشفي صدور قوم مؤمنين.
أخوك/ كمال عثمان رزق