أكثر من 100 شيخ من شيوخ معسكرات النازحين، واللاجئين الدارفوريين يمموا وجههم تجاه مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور للمشاركة في مؤتمر العودة الطوعية الذي تنظمه مفوضية العودة الطوعية التابعة للسلطة الإقليمية لدارفور بالتعاون مع الولاية فيما قاطعت عدد من المعسكرات الفعالية خاصة معسكرات اللاجئين الموجودة بتشاد، والتي حضر منها ممثلين لثلاثة من سبعة جملة […]
أكثر من 100 شيخ من شيوخ معسكرات النازحين، واللاجئين الدارفوريين يمموا وجههم تجاه مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور للمشاركة في مؤتمر العودة الطوعية الذي تنظمه مفوضية العودة الطوعية التابعة للسلطة الإقليمية لدارفور بالتعاون مع الولاية فيما قاطعت عدد من المعسكرات الفعالية خاصة معسكرات اللاجئين الموجودة بتشاد، والتي حضر منها ممثلين لثلاثة من سبعة جملة مخيمات اللجوء هناك.
المؤتمر الذي استمر ليومين بمشاركة المنظمات الدولية العاملة في الإقليم، وشهد افتتاحه قيادات السلطة بجانب ولاة ولايات دارفور، وانعقد بالرغم من عدم إعلان منظمة الصحة العالمية دارفور خاليةً من الحمى الصفراء؛ ذلك الوباء الذي تأجل بسببه انعقاد مؤتمر العودة الطوعية في وقتٍ سابق، كما أنه جاء في وقت شهدت فيه ولايات دارفور تفلتات أمنية تمثلت في الصراع القبلي في منطقة "السريف" بشمال وجنوب دارفور، بالإضافة إلى المعارك التي دارت بين القوات المسلحة والحركات في منطقة "أبقى راجل" القريبة من نيالا، وعملية تحرير السجناء من "سجن برام" بواسطة مسلحين.
التحديات الأمنية لم تكن وحدها التي واجهت تنظيم المؤتمر حيث كان ضعف الترويج الإعلامي، وعدم مشاركة 31 نازحاً تم اختطافهم بواسطة حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد، بينما كانوا في طريقهم من زالنجي إلى نيالا للمشاركة، وتحديات أخرى ألقت بظلالٍ سالبة على جو الاحتفال، ففي الوقت الذي يفترض أن يركز فيه الإعلام المحلي والإقليمي على مؤتمر العودة الطوعية تحولت الأنظار نحو المختطفين الذي أفرج عنهم بعد يومين من انتهاء الجلسات دون أن يصابوا بأذى.
بالرغم من العقبات التي اعترضت سير مؤتمر العودة الطوعية إلاّ أن الجلسات جاءت عاصفةً، وعلى غير المتوقع؛ فالنازحون واللاجئون الذين كانوا يتوجسون في السابق عن قول رأيهم بشفافية أمام المسئولين خوفاً من الاعتقال أخرجوا هذه المرة الهواء الساخن من صدورهم، وأجمعوا في حديثهم على ضرورة توفير الأمن والخدمات في أماكن العودة، بجانب طرد من اسموهم المستوطنين الجديد الذين سكنوا المناطق التي نزح عنها السكان، كما أكدوا على ضرورة أن يتم تعويضهم تعويضاً فردياً وجماعياً عن الأضرار التي لحقت بهم.
ليأتي حديث قيادات السلطة، وفي مقدمتهم رئيسها د. التجاني السيسي على ذات النسق من الصراحة، وقال للحاضرين إنهم لن يعملوا لاعادتهم إلى مناطقهم كي يقتلوا ويشردوا مرة أخرى، بل سيعمل الولاة على توفير المتطلبات التي تضمن لهم عودة آمنة ومستقرة.
النازحة فاطمة حسن من معسكر "قريضة" طالبت بتوفيق أوضاع النازحين قبل العودة بصورة مرضية، مشيرةً إلى نقص في معينات الأيواء خاصة المشمعات التي أبانت أنّها لا تفي بحاجة الأُسر التي تقطن المعسكرات منذ عشر سنوات، وتابعت: " نحن كنساء نعاني من عدم توفر سيارات الأسعاف ونطلب من المسئولين عن الصحة الإنجابية توفيرها لنا ".
من جانبها قالت عواطف عبدالرحمن أمينة المرأة بمعسكر "سلكي" للنازحين بولاية جنوب دارفور أن أوراق مؤتمر العودة الطوعية خاطبت مشاكل دارفور من جذورها، معبرةً عن أمانيها بأن يوفر مؤتمر المانحين الدعم، وقالت الخوف تتوفر الدعومات وما يتحقق الهدف.
وأشارت إلى وجود نزوح جديد بسبب القتال بين الحكومة والحركات المسلحة والاقتتال القبلي، كاشفة عن أنها زارت ضمن وفد معسكرات اللاجئين بتشاد لاقناعهم بالمشاركة في مؤتمر العودة الطوعية، وأنها ورفاقها نجحوا في ذلك حيث حظي المؤتمر بمشاركة اللاجئين.
وفي مقدمة توصيات مؤتمر العودة الطوعية وإعادة التوطين لقضايا النزوح واللجوء، دعوة الدولة لإتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة والحاسمة لوقف مظاهر التفلتات المسلحة، وضرورة تكوين لجنة عُليا وآليات لتنفيذ برنامج العودة الطوعية، في إطار شراكة تضم أصحاب المصلحة وفي مقدمتهم النازحون واللاجئون، كما طالبت التوصيات بوضع الخطط والبرامج الكفيلة بإستيعاب الشباب في مشروعات إنتاجية، وتدريبهم ورفع قدراتهم وبسرعة الإجراءات بإنشاء الشرطة المجتمعية، من خلال التشاور مع قيادات النازحين واللاجئين والإدارة الأهلية. وأمنت التوصيات على أهمية قيام هيئات ومؤسسات تدعم الخطط والبرامج المتعلقة بإعادة تأهيل المتأثرين بالحرب، وبتأهيل الإدارة الأهلية بما يمكنها من لعب دورها كمؤسسة أهلية في حفظ الأمن والتصالحات.
المراقبون يرون أن من نجاحات المؤتمر كسر الحاجز بين النازحين واللاجئين من جانب وقيادات السلطة الاقليمية لدارفور الذين يُتهمون بأنهم ظلوا بعيدين عن الأوضاع على الأرض منذ توقيع وثيقة السلام بالدوحة، حيث تعرفوا على مواقف القادة والمسئولين عن قرب، وفي المقابل خبِر ولاة الأمر احتياجات أهاليهم، أضف إلى أ، الفعالية أبرزت صوت أصحاب المصلحة الذين لم يسمع لهم صوت في المحافل السابقة، ليبقى التحدي الذي يواجه القائمين على أمر إعادة توطين النازحين واللاجئين الاستجابة إلى مطالبهم، وإلاّ فإن أي حديث عن القضية سيكون محض استهلاك سياسي لا يُقدّم ولا يُؤخر.