الإمام ابن القيم الجوزية
مراتب الهداية العامة والخاصة
المرتبة الأولى: مرتبة تكليم الله عز وجل لعبده
المرتبة الثانية: مرتبة الوحي المختص بالأنبياء
المرتبة الثالثة: إرسال الرسول الملكي إلى الرسول البشري
المرتبة الرابعة: مرتبة التحديث
المرتبة الخامسة: مرتبة الإفهام قال
المرتبة السادسة: مرتبة البيان العام
المرتبة السابعة: البيان الخاص
المرتبة الثامنة: مرتبة الإسماع
المرتبة التاسعة: مرتبة الإلهام
المرتبة العاشرة من مراتب الهداية
مراتب الهداية الخاصة والعامة وهي عشر مراتب:
المرتبة الأولى: مرتبة تكليم الله عز وجل لعبده: يقظة بلا واسطة بل منه إليه وهذه أعلى مراتبها كما كلم موسى بن عمران صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه قال الله تعالى 4:163 {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} فذكر في أول الآية وحيه إلى نوح والنبيين من بعده ثم خص موسى من بينهم بالإخبار بأنه كلمه وهذا يدل على أن التكليم الذي حصل له أخص من مطلق الوحي الذي ذكر في أول الآية ثم أكده بالمصدر الحقيقي الذي هو مصدر (كلم) وهو (التكليم) رفعا لما يتوهمه المعطلة والجهمية والمعتزلة وغيرهم من أنه إلهام أو إشارة أو تعريف للمعنى النفسي بشيء غير التكليم فأكده بالمصدر المفيد تحقيق النسبة ورفع توهم المجاز قال الفراء العرب تسمى ما يوصل إلى الإنسان كلاما بأي طريق وصل ولكن لا تحققه بالمصدر فإذا حققته بالمصدر لم يكن إلا حقيقة الكلام كالإرادة يقال فلان أراد إرادة يريدون حقيقة الإرادة ويقال أراد الجدار ولا يقال إرادة لأنه مجاز غير حقيقة هذا كلامه وقال تعالى 7:142 {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْك} وهذا التكليم غير التكليم الأول الذي أرسله به إلى فرعون وفي هذا التكليم الثاني سأل النظر لا في الأول وفيه أعطى الألواح وكان عن مواعدة من الله له والتكليم الأول لم يكن عن مواعدة وفيه قال الله له 7:143 {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} أي بتكليمي لك بإجماع السلف.
وقد أخبر سبحانه في كتابه أنه ناداه وناجاه فالنداء من بعد والنجاء من قرب تقول العرب: إذا كبرت الحلقة فهو نداء أو نجاء وقال له أبوه آدم في محاجته "أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده؟" وكذلك يقوله له أهل الموقف إذا طلبوا منه الشفاعة إلى ربه وكذلك في حديث الإسراء في رؤية موسى في السماء السادسة أو السابعة على اختلاف الرواية قال: "وذلك بتفضيله بكلام الله" ولو كان التكليم الذي حصل له من جنس ما حصل لغيره من الأنبياء لم يكن لهذا التخصيص به في هذه الأحاديث معنى ولا كان يسمى (كليم الرحمن) وقال تعالى 42:51 {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فيوحي بإذنه ما يشاء {ففرق بين تكليم الوحي والتكليم بإرسال الرسول والتكليم من وراء حجاب.
من كتاب مدارج السالكين