أ. عمر الشامي الكناني
استهلاك ممنهج، أم مناهج مستهلكة؟
(أ)
ومذ أن وطئت قدماي الصغيرتان ودلفتا إلى المدرسة التي لم تنعم بعدة أشهر دراسية متتابعة، حتى أُغلقت المدرسة وأوصدت أبوابها بتلك الطبلة الصفراء.
حينها عرفت بعد جهد جهيد أن سببًا وأزمةً معينة، أدت إلى إغلاق المدارس.
(ب)
ومع تتابع السِّنين شيئا فشيئا دخلت المرحلة الثانوية.
عبرت إلى الثانوية عَبر دراسة مختلفة، ومناهج متعددة، متنقلا من دولة عربية إلى جارتها، بيد أني حتى لحظة تحرير هذة الأسطر لم أدر ما هي العملية التعليمية.
ما ماهيتها؟
حدودها؟ أركانها؟
وهلم جرا
أهي استهلاك ممنهج؟
مثلما نستهلك البيض والدجاج من البرازيل
أم مناهج مستهلكة؟
(ج)
وافتح كتاب صغيرتك وقلِّبه، ثم ادلف إلى حقيبتها التي ربما كان وزنها يضاهي وزنها – أي الصغيرة -.
مناهج مكدسة، وكتب تحشو الحقيبة التي ستكون غالبا تحمل ماركة (باربي)؛ تلك الفتاة الكرتونية المتبرجة،
وتلك حقيقة أخرى
واسأل قلبك الحي بطريقة الشقيقات الخمس التي يدرسها طلاب السنة الأولى في مجال الإعلام.
لماذا باربي وليست سمية؟ هل نضب معيننا من الأسماء؟
ماذا يعني مدلولها لتلك الصغيرة ؟
أين يحدث ذلك ؟
متى حدث الاستلاب؟
من المستهدف الأول ؟
القارئ الكريم!! أجب، وفسر، وعلل، و انظر، وقلب، وبعثر، واضرب أخماسا بأسداس.
(د)
وادلف إلى كتب الرياضيات أو مايسمى بالعلوم التطبيقية، ستجد هبنقيةً – نسبة إلى هبنقة – وما أدراك ما هبنقة؟
هل تعلم أن بني يعرب أصبحوا هبنقاتٍ بين الأمم
وحتى لا تغضب وتدعو الله أن يجمد العروق في دم …………….
انظر إلى ما يسمى بحساب المثلثات، وحيث الظا، والظتا، والقا، والقتا، والجا، والجتا.
"وكأنك يا أبو زيد ما غزيت"
هل وجدتم في حياة العمل أو العطالة شيئا استعصى على الناس حلُّه، وأخرس الألسن، فجاء أحدُهم وحلَّه بنظرية الـ(ـجتا)؟؟
(هـ)
مناهج أرهقت عقولنا وعقول صغارنا، ألم نستفد منها؟ والعرض مستمر.
إن مناهجنا تعاني عدم مواكبة، وحتى من دعا إلى التجديد، دعا إليها بشنشنةٍ نعرفها من أخزم.
وحداثة تذكر بالحدث الأكبر.
ومواكبة تعني ثقافة الاستهلاك في صورة ممجوجة.
ومناهج يريدون أن تواكب – حيث زعمهم – باضمحلال اللغة العربية، ومناهج التربية الاسلامية، فهذبوها زعما وجعلوها الاخيرة.
وهناك بعض المدارس في الخرطوم، تمنع تدريس المواد الإسلامية، وما قضية مدرسة الاتحاد العليا منكم ببعيد.
وانظر في جدول ابنتك، وتفحص موضع مادة الرياضيات والفيزياء مقابلَ حصة القرآن، ومقابل اللغة العربية.
إنها ليست مسأله مباراة، هزم فيها الهلال أو المريخ أو الاهلي أو الزمالك.
بل مسأله مناهج، تربي التلميذ لعدة ساعات يوميا، وأسبوعيا، وشهريا.
حتي ينضج الطالب، ويحدثك عن سهول سنت لورنس وجغرافية الأمريكيتين.
متناسيا أغوار الأردن وبتراءها ..
تاركا جبال الهدا وسحرها بالطائف الميمون.
جاهلا بنواعير حماة.
غير عالم بمسجد الزيتونة.
وليس بمقدوره أن يعطيك جملة مفيدة عن مدينة كسلا الخضراء وجبال التاكا بالسودان.
القارئ الكريم!! هلا جلست مع صغارك ورممت ما أنتجته المناهج
كيلا ينطبق عليك قول القائل: فاقد الشىء لا يعطيه