جمال محمد علي
مناهج الثقافة الفاعلة هي الثقافة التي ترقي الأخلاق وتعدل السلوك وتعمق الفكر وتوسع المدارك وتنفع الناس في الدنيا والآخرة، عديدة منها : الديانات السابقة، ووحي الله للأنبياء والرسل، ونتائج التفكير الموضوعي المجرد، و تجارب الأمم والشعوب وخبراتها النافعة، والديانات الوضعية والمبادئ الأخلاقية السامية[1]، وجاء اختيارنا للثقافة الفاعلة المستمدة من القرآن والسنة في هذه الدراسة لاعتبارات عديدة أهمها:
أولاً: لا أجر ولا ثواب للإنسان في الآخرة إن لم يتعبد الله بالإسلام ، أما ما عداه فنفعه في الدنيا ثناء من الناس أو متعة أو رفعة أو ثراء أو دعة ورفاة أو سيادة وزعامة وغير ذلك .
ثانيا : الإسلام هو المنهج الوحيد القادر على إحداث تأثير ايجابي كبير في جميع مجالات الحياة في العقيدة والعبادة والمعاملة والأخلاق والسلوك وتنظيم شئون الفرد والأسرة والمجتمع والدولة البشرية بينما تحدث الأديان السماوية الأخرى ذات التأثير في بعض جوانب الحياة أما الأديان الوضعية والفلسفات الأرضية فقد تحدث تطوراً في جانب بينما تحدث تردي في جانب آخر[2].
ثالثاً: الإسلام هو الدين السماوي الوحيد الصالح لكل زمان ومكان فقد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن تخصص الديانات الأخرى بأزمنة وأمكنة محددة بينما جعل الإسلام الدين الخاتم لجميع المخلوقات المكلفة وإلى قيام الساعة .
رابعاً : تكفل الله بحفظ القرآن الكريم وهيأ للسنة من يحفظها بينما تعرضت الديانات السماوية السابقة الأخرى لحملات واسعة من التحريف.
خامساً : تعتبر الفلسفات الوضعية نظريات نسبية عرضة للخطأ والصواب ولا يمكنها التمدد على جميع الأمكنة والأزمنة، وأذكر عندما كنت طالباً في الجامعة أن درسنا احدى نظريات علم النفس وكانت تحدد سمات المجرمين والجانحين وقد تضمنت أوصافا تنطبق على الأستاذ المحاضر نفسه.
سادساً: في القرآن والسنة دعوة للإلتزام بالمناهج الوظيفية الأخرى متى ما حققت للمسلم خيراً في الدنيا والآخرة .
سابعا : إنّ كان المسلم في حاجة للمناهج الوظيفية الأخرى لخير دنياه فإن ملتزمي المناهج الأخرى في حاجة للإسلام ( قرآن وسنة) لخيري الدنيا والآخرة، قال تعالى "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"[3].
ثامناً : أحدث الإسلام تأثيرا إيجابيا منقطع النظير في مجتمعات الجزيرة العربية مما كان له الأثر في تشكيل مجتمع الصحابة الأول وهو أرفع مثال للنقلة التي يمكن أن يحدثها منهج وظيفي تغييري في حياة الأمم وخير ما يعبر عن تلك النقلة مرافعة جعفر بن أبي طالب أمام النجاشي[4].
[1] د.اسحق أحمد فرحان،التربية الإسلامية أهدافها وسماتها وتحديات العصر لها، وزارة الأوقاف عمان 1968م ص 30.
[2] عبود عبد الغني، في التربية الإسلامية، دار الفكر العربي القاهرة 1977 ص 228
[3] سورة آل عمران الآية 58
[4] صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم الطبعة الأولى، نشر أولى النهى للإنتاج الإعلامي، ت 2001م ص 92 .