د. سفر عبد الرحمن الحوالي
الأمة تواجه ثلاثة مشاريع مجتمعة وهي تحقق انتصارات هامة, وتحرز تقدماً نوعياً في كل ميدان, فالأمة في حالة نهوض وصعود وتمدد فيم خصومها في حالة التراجع.
وهذا التوصيف لا يمكن أن يدركه من يحصر نظره على جغرافية معينة، أو اتجاه فكري أو سياسي بعينه، بل يدركه من ينظر للأمة بأصولها الكبرى وقواسمها المشتركة التي جعلها الله معياراً خاصة بها .
* المشروع الأول هو المشروع الصليبي؛ الذي حط أمتعته على أرض الأفغان حاملاً في حقيبته المشاريع الصليبية الكبرى الطموحة من مسخ للهوية الإسلامية، وسرقة للثروات، والسيطرة على إمدادات الغاز، ونشر للتنصير والفساد الأخلاقي والتعليمي.
ونحن نرى بحمد الله هزيمة هذا المشروع الصليبي وتراجعه وإعلان فشله، فعلى أرض الهندكوش المخضبة بدماء المجاهدين تحطمت كل مؤامرات العالم الصليبي، وتراجع دول الناتو أمام صلابة المجاهدين وقوة إيمانهم، وعمق توكلهم وصدق يقينهم في وعد الله أمريكا اليوم تعقد الصفقات مع حركة طالبان من أجل خروج آمن لها.
* والمشروع الثاني يتجلى في صورة باطنية رافضية خبيثة؛ تدعي الإسلام، وتتمسح بآل البيت وتقترف كل رذيلة، وتقتحم كل بلية، وتمارس الفجور وعبادة القبور، وهذا المشروع الباطني ليس في طور التمدد بل هو في مرحلة الانحسار والتراجع رغم الهالة الإعلامية.
والدجل المذهبي الذي مورس ضد عقول الأمة ووعيها وعقيدتها، فتحت عباءة حب آل البيت، ومقاومة إسرائيل تمدد هذا المشروع على مدى ثلاثة عقود ليبتلع ثلاث دول عربية أصبحت في حوصلة المجوس وهي العراق وسوريا ولبنان.
ولكننا اليوم أمام حقائق جديدة تؤكد على تغير كبير في موازين الصراع، فالحكومة الرافضية الشيعية لم تعد قادرة على حماية المنطقة الخضراء، بعد اقتحام السجون، وضرب المقرات الأمنية، واحتلال المؤسسات الحكومية، وهاهي المناطق السنية تخرج من سلطة المالكي.
وفي سوريا المعقل الأهم ومربط المشروع الفارسي النظام يتراجع بشكل سريع، ويخسر مواقعه، حتى في المناطق التي تعد عمقه الاستراتيجي في اللاذقية وبانياس وطرطوس.
أما في لبنان فالدائرة تضيق على حزب الله، ومرحلة الترويع التي نشرها الحزب في صفوف أهل السنة، وحالة القتل على الهوية التي تفنن فيها حزب الله، وحسن نصر الله انتهت، فالحزب اليوم مشغول بتأمين نفسه وحماية ضاحيته !!
* أما المشروع الثالث فهو المشروع العلماني؛ وتتمثل حلقته الأقوى في مصر، فالصراع بين الإسلاميين والانقلابيين ليس صراعاً على برلمان أو كرسي رئاسة، أو تمثل حزبي بل هو صراع على هوية مصر، ودور الإسلام في صياغة منظومتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية.
وخطورة هذا الصراع ومحوريته أنه في مصر التي تعد الحاضنة والموجهة للأمة العربية والإسلامية، وفيها أكثر المصالح الاسترتيجية لإسرائيل والغرب، والنصر فيها لأي طرف سيكون على حساب القضاء على الطرف الآخر.
فعودة مصر لريادة الأمة وقيادتها واستقلال قرارها يشكل بالنسبة لإسرائيل بمثابة هزيمة عسكرية في تل أبيب ومهما دجل المدجلون والأفاكون أن المعركة ليست مع الإسلام وإنما مع فصيل سياسي ينتهج الإرهاب والعنف.
فإن حقيقة الصراع هو حول موقع الإسلام من الدولة المصرية، لكن الحقيقة غير ذلك، لذا ستكون المعركة قاسية جداً وخطيرة، ولاشك أن النصر سيكون لصالح الأمة ودينها وهويتها.
وحينها لن يكون النصر حكراً عليها فقط بل ستكون ثماره في فلسطين بشكل خاص، والله إذا أراد شيئاً هيأ له أسبابه، ونحن نعيش مرحلة النصر والعز والتمكين، وما نحن فيه هو صناعة ربانية للظروف المؤاتية لهذا النصر، والله غالب على أمره.
* هذا المقال أملاه الشيخ بعد الانقلاب في مصر