المشرف العام الشيخ الدكتور

محمد عبدالكريم الشيخ

جنوب السودان.. مفاوضات تحسمها المعارك

جنوب السودان.. مفاوضات تحسمها المعارك

تبدو سيطرة قوات رياك مشار على المناطق الغنية بالنفط، شريان حياة الاقتصاد لجنوب السودان، ورقة سيكون لها ثقل حاسم في المفاوضات بين طرفي النزاع التي تجرى الخميس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

"سيطرة مشار على عاصمتي ولاية الوحدة وجونغلي الغنيتين بالنفط يضعه في موقف أقوى من موقف حكومة الرئيس سلفا كير ويلقي بالعبء كله عليها لتقديم تنازلات أثناء مفاوضات أديس أبابا"، حسب الصحفي مصطفى لوال.

وقال لوال في اتصال معه من جوبا عاصمة جنوب السودان أن "الحكومة موقفها الأضعف في المفاوضات لأن سيطرة مشار على هاتين المنطقتين تجعله يتحكم في النفط الذي يمثل ريعه 98 % من دخل جنوب السودان".

وكان سلفا كير قد أعلن حالة الطوارئ في ولايتي الوحدة وجونغلي النفطيتين التي سيطرت على عاصمتيهما قوات مشار، نائبه السابق والمنشق عن حكومة جوبا.

وكان مشار قال في تصريحات خاصة إن قواته تتجه صوب جوبا بعد استيلائها على مدينة بور الاستراتيجية، وعلى عاصمتي كل من ولاية الوحدة وجونغلي النفطيتين.

وأضاف أن قواته ستضمن حماية شركات النفط واستمرار إنتاجه وتستطيع تصديره ودفع رسوم العبور إلى السودان، لكنه اقترح أن يتم وضع العائدات في حساب مغلق حتى يكون بعيدا عن الصراع مع حكومة جوبا.

واشترط مشار للتفاوض مع حكومة جوبا إطلاق معتقلين سياسيين من الحركة الشعبية اعتقلوا في 16 ديسمبر، حين بدأت المواجهات بين الطرفين والتي خلفت أكثر من ألف قتيل وفقا لتقديرات الأمم المتحدة وأثارت مخاوف بدفع البلاد لحرب أهلية.

وانطلقت الخميس في أديس أبابا مفاوضات لحل الأزمة في البلاد بوساطة الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق إفريقيا "إيغاد"، وقد وصل إليها وفد حكومة جوبا برئاسة وزير الخارجية السابق نيال دينج، فيما توجه وفد مؤلف من قيادات ميدانية موالية لمشار وقيادات سياسية عبر كينيا.

"ورقة الضغط الدولي والإفريقي ستلعب دوراً أيضاً في المفاوضات بعد التهديدات بوقف المساعدات في حال عرقلة المفاوضات والمماطلة فيها، وهو دعم حيوي"، في رأي الصحفي.

فقد حذر البيت الأبيض الأحد من أن أي محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة في جنوب السودان ستؤدي إلى وقف الدعم الأميركي لجوبا، وذلك بعد إصابة أربعة عسكريين أميركيين إثر إطلاق نار على طائرتهم أثناء إجلائها رعايا أميركيين من جنوب السودان.

لكن لوال يرى أن "هناك نقاط مبهمة تجعل من الصعب إيجاد أرضية للتفاوض حيث لم يحدد مشار مطالبه الأخرى بخلاف الإفراج عن المعتقلين. فهل يريد العودة إلى منصبه كنائب للرئيس أم أن يكون له نفوذ على المناطق التي استولى عليها؟".

ويذكر لوال أن "موضوع الخلاف الأساسي بين كير ومشار كان حول الديموقراطية واتهام الأخير لرئيسه بالتسلط ورفض الانتقال الديموقراطي داخل حركة تحرير جنوب السودان وأنه كان يطالب بالتصويت المباشر العلني على انتخابات رئاسة الحركة على عكس ما يريده كير، فهل سيقبل كير وهل يمكن في حالة قبول هذا المطلب أن يعود الوضع إلى ما كان عليه ويتعاون الاثنان بعد هذا القتال؟".

واختار مشار ريبيكا نياندنغ، أرملة جون غارانغ، الزعيم التاريخي الراحل لحركة تحرير جنوب السودان لتقود وفد المتمردين في المفاوضات، في خطوة لها دلالات رمزية لكونها من قبائل الدنكا، مما قد يساعد مشار في دفع الاتهامات الموجهة إليه بأن النزاع عرقي في الأساس وأن قواته مشكلة كلها من قبيلة النوير التي ينتمي إليها والمنافس التاريخي للدنكا.

المصدر: أسكاي نيوز عربية