إدارة الأخبار
قال محللون سياسيون فلسطينيون، إن مغادرة القيادي البارز في حركة “حماس”، “إسماعيل هنية”، قطاع غزة، جاءت بغرض الاستعداد للتنافس على رئاسة المكتب السياسي للحركة، خلفاً لخالد مشعل.
ورأى المحللون في أحاديث منفصلة لـ”الأناضول” أن هنية سيشارك في الانتخابات الداخلية للحركة، التي يُعتقد أنها ستجري في شهر إبريل من العام القادم، مشيرين إلى أنه يمتلك حظوظا كبيرة، بالفوز برئاسة الحركة، نظرا لما يمتلكه من تأييد داخل أُطرها.
وغادر هنية، مساء أمس الإثنين قطاع غزة، عبر معبر رفح المصري، متوجها إلى السعودية لأداء فريضة الحج، بحسب مصدر في حركة حماس.
لكن مصادر مقربة من حركة حماس، قالت، إن على هنية، أو أي قيادي آخر يرغب في تولي منصب رئاسة المكتب السياسي للحركة، أن يقيم خارج فلسطين، كي يكون قادرا على التحرك بحرية، وأن يتواجد في مكان آمن نسبيا بعيدا عن خطر الاستهداف الإسرائيلي.
وفي ضوء ذلك – تابعت المصادر ذاتها- وبما أنه من الصعب على هنية مغادرة غزة مجددا في ضوء القيود المصرية على حركة المسافرين في معبر رفح مع قطاع غزة وتوتر العلاقات بين القاهرة وحماس، فمن المرجح أن يبقى في الخارج لحين إجراء الانتخابات، كما أنه، وفي حال انتخابه رئيسا لحماس، سيبقيم في الخارج بشكل دائم.
وأعلنت حركة “حماس” في مطلع أبريل 2013 عن انتخاب هنية، نائبًا لرئيس مكتبها السياسي خالد مشعل.
وتجري الانتخابات الداخلية لحركة حماس كل 4 سنوات، بطريقة سرية، ويتم خلالها اختيار أعضاء ورئيس المكتب السياسي، ولم يعلن حتى اليوم عن الأسماء المتنافسة على شغل تلك المناصب بشكل رسمي من جانب الحركة.
ويقول تيسير محيسن، المحلل السياسي، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، إن مغادرة هنية قطاع غزة، إلى الخارج تأتي أيضا تمهيدا لاختياره رئيسا لحركة حماس.
وأضاف محيسن: “من الواضح أن هناك توجهاً لدى حركة حماس لانتخاب هنية لرئاسة المكتب السياسي”.
ولا يحق لخالد مشعل، الذي يترأس حاليا المكتب السياسي لحركة حماس، بحسب قوانين ولوائح الحركة الداخلية الترشح لولاية ثالثة.
وتوقع محيسن أن ينجح هنية في قيادة الحركة، والسير على خطى مشعل في زعامة حماس، مضيفا: “يتمتع هنية بقبول كبير في الداخل والخارج، وهو من الشخصيات القادرة على إثبات حضورها على صعيد العلاقات الدولية، وحشد الدعم السياسي والمالي للحركة”.
من جانبه، توقع طلال عوكل المحلل السياسي، والكاتب في صحيفة “الأيام” الفلسطينية الصادرة من الضفة الغربية، هو الآخر، أن يترأس هنية زعامة حركة حماس.
ويقول عوكل، إن كثير من المؤشرات تدلل على نجاح هنية في أن يكون على رأس الهرم السياسي لحماس.
وتابع:” شغله لمنصب نائب رئيس الحركة، يؤهله نحو قيادة الحركة، كما أن تواجده في قطاع غزة، في الظروف السياسية المعقدة التي عاشتها الحركة داخليا وخارجيا، إضافة إلى ما يحظى به من قبول واسع لدى كثير من الأطراف الفلسطينية، وحتى خصومه، تجعلنا أمام زعيم جديد لحماس”.
وقد يترك هنية فراغا، كما يقول عوكل، في حال مغادرته بشكل دائم لقطاع غزة.
وأضاف:” الحركة كتنظيم، وكمنهج لن تتأثر، لكن بما كان يتمتع به هنية من صفات مهمة، كشخصيته الوحدوية الجامعة لكافة الأطياف، ستترك خلفها مساحات، قد يصعب على الآخرين أن يكونوا بديلا عنها”.
وفي ذات السياق، يرى د. مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، أن هنية يسير بخطى واثقة نحو زعامة حماس.
ويضيف:” قد يكون العائق الوحيد وجوده في قطاع غزة، ولكن في حال قررت الحركة بقائه في الخارج، وإقامته هو وعائلته في إحدى الدول الصديقة لحماس، ستكون كل الفرص متوفرة أمامه للنجاح”.
واستدرك بالقول:” هو أنسب شخصية لقيادة حماس، هنية من المؤسسين الأوائل، وقادر بما لديه من نهج براغماتي (عملي)، والقبول المحلي والعربي، أن يكون أبرز وجوه حماس”.
ويرى أبو سعدة أن هنية، الذي تولى شؤون غزة وإدارتها بعد فوز حركة حماس في الانتخابات البرلمانية العام 2006، وسيطرتها عسكريًا على القطاع في العام 2007، استطاع أن يلعب دور “الزعامة” للحركة، ويكون ممثلها في كثير من المناسبات.
وتابع:” هذا بالتأكيد من شأنه أن يترك فراغا، لكن حركة حماس عوّدتنا على تدافع الأجيال، وهي قادرة بنهجها المؤسساتي أن تكمل مسيرتها بعيدا عن الأشخاص”.
وينحدر هنية، الذي ولد عام 1963، لأسرة فلسطينية لاجئة، ويقيم في مخيم الشاطئ (ولد فيه) للاجئين الفلسطينيين، غرب مدينة غزة.
وحصل هنية على درجة البكالوريوس في اللغة العربية، من الجامعة الإسلامية بغزة، وبدأ نشاطه السياسي داخل “الكتلة الإسلامية” الذراع الطلابية لجماعة الإخوان المسلمين، والتي انبثقت عنها لاحقًا حركة حماس.
واعتقل في السجون الإسرائيلية؛ أكثر من مرة، حيث سجن 18 يومًا في عام 1987، ثم اعتقل عام 1988 لمدة ستة أشهر، أما المرة الثالثة فكانت الأطول؛ حيث اعتقل عام 1989 وأمضى ثلاث سنوات في السجون الإسرائيلية بتهمة قيادة جهاز الأمن الخاص بحركة حماس.
وفي 17 ديسمبر عام 1992 أبعدت إسرائيل هنية إلى جنوب لبنان مع العشرات من قياديي حركة حماس؛ حيث استمر إبعاده لمدة عام.
وخلال الانتفاضة الأولى (1987-1994)، اشتهر هنية كأحد قادة حماس الشباب، وذاع صيته كخطيب مفوّه.
وعقب إفراج إسرائيل عن مؤسس الحركة أحمد ياسين؛ عام 1997، شغل هنية منصب مدير مكتبه.
وتعرض هنية لمحاولة اغتيال إسرائيلية، بينما كان برفقة الشيخ ياسين في 6 سبتمبر عام 2003، عندما ألقت طائرة حربية إسرائيلية قنبلة على منزل في غزة، غير أن هنية والشيخ ياسين وسكان المنزل نجوا من القصف.
وخلال الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2006، ترأس هنية، كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحماس، والتي حصدت غالبية المقاعد، ليكلفه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بتشكيل الحكومة.
غير أن الرئيس محمود عباس أصدر قراراً بإقالته من رئاسة الحكومة في 14 يونيو العام 2007 إثر سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، عقب معارك مسلحة بين مسلحي حركتي فتح وحماس.
ومنذ ذلك الوقت، يشغل هنية منصب قائد حركة حماس في قطاع غزة، ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة.
المصدر: وكالة الأناضولِ