ثارت ثائرة الشعب السوداني لكلام كتبته امرأة تدعى "فاطمة الصادق" تزعم أنها صحفية، وتكتب بصحيفة الأهرام اليوم، بحيث جاء فيه: "في كل بيت سوداني زانٍ ومدمن وسكران وصايع!". عمّ المقال أرجاء البلاد وخارجها، وسريعاً دخل اسم الكاتبة ضمن قائمة الملعونين اجتماعياً وحصلت على شتائم بمقدار تعداد السودانيين وبيوتهم. لكن شركاءها في الجريمة نجَوْ، ولم تتم […]
ثارت ثائرة الشعب السوداني لكلام كتبته امرأة تدعى "فاطمة الصادق" تزعم أنها صحفية، وتكتب بصحيفة الأهرام اليوم، بحيث جاء فيه: "في كل بيت سوداني زانٍ ومدمن وسكران وصايع!".
عمّ المقال أرجاء البلاد وخارجها، وسريعاً دخل اسم الكاتبة ضمن قائمة الملعونين اجتماعياً وحصلت على شتائم بمقدار تعداد السودانيين وبيوتهم.
لكن شركاءها في الجريمة نجَوْ، ولم تتم الإشارة لهم – فيما طالعت من ردود على الأسافير – إلاّ قليلاً وعلى نحو خجول!
كيف ذلك ومن شركاؤها؟
حينما يغامر كاتب بنصٍ يجعل المجتمع يستعديه ويلفظه ويمقته، فذلك مرده لاحتمالين على الأرجح:
أنه غير قادر على تمييز الخطوط الحمراء.
أو يميزها لكن مهنيته الضعيفة تجعله يخطوها.
والاحتمالين واردين في حالة فاطمة.
فجراءة وبذاءة وخطورة ما قالت يوحي بأنها لا تدرك الخطوط الحمر للمجتمع السوداني، وربما أنها مدركة لها لكنها وقعت في المحظور لفقرها المهني.
(مثلاً إذا افترضنا حسن النية، وقدرنا أنها كانت تقصد تنبيه المجتمع لمهددات أخلاقيها ترى أنها آخذة في الانتشار لدرجة أنها قد تعم جميع البيوت السودانية، لو افترضنا ذلك وافترضنا أن معيار المهنية متوفر عندها بالمستوى المطلوب باعتبارها كاتبة، كانت ستكون جملتها كالآتي: الممارسات اللا أخلاقية آخذة في الانتشار لدى المجتمع السوداني، لدرجة أخشى أن تعم كل البيوت يوماً ما، إن لم نتحرك لصدها).
وبالطبع لن تثير جملة كهذه غضباً بهذا المستوى، بل على النقيض.
هنا يتولّد سؤال: من سمح لكاتبة تفتقر لأبجديات المهنة، من حيث القدرة التعبيرية وأخلاقيات المهنة، من سمح لها بحمل القيد الصحفي واحتراف الكتابة والعمل الإعلامي؟ من سمح لها، ولأمثالها هو المتهم الرئيس والأكبر. وذلك لا يعني تبرئة الكاتبة من جريرة ما فعلت بالطبع.
(الست) فاطمة أطلت علينا بداية عبر الصحافة الرياضية، ثم أهلها حسنها لتصبح نجمة قناة قوون الرياضية، ثم أهلتها شهرتها لولوج الصحافة السياسية الاجتماعية.
حتى أنها كتبت يوما تحت عنوان: ضرورة وحدة الصف الإسلامي. عشية مؤتمر الحركة الإسلامية الفائت، وهي التي تعلم سوى حديث الرياضة، وزيارة واحدة لصفحتها على الفيسبوك ستجعلك تدرجها ضمن حركة "التحرر الأخلاقي" على أقل تقدير، وإن كانت لك علاقة بالوسطين الرياضي والصحافي سيزيد (احترامك) لها.
الشريك الأصيل في جريمتها هو من (وهبها) القيد الصحفي وهي التي تغيب عنها أبجديات الصحافة كما رأينا. شريكها من نصَبَها وراء كاميرا لتصبح نجمة مجتمع تخاطب شعب الرياضيين عبر شاشة قوون، دون أن يتأكد من أهليتها المهنية وربما الأخلاقية.
وشريكها أيضاً من سمح لها بالكتابة في الشأنين السياسي والاجتماعي، وعلى الصفحة الأخيرة، وهي التي لا تعرف سوى حديث الرياضة الذي لا يدقق في كلماته الرقيب ولا المتلقي. شريكها الصحافة السودانية التي قللت من دور وصلاحيات المصححين اللغوين الذين من شأنهم وأد هذه الجرائم المهنية والأخلاقية قبل صدورها على ورق لا ينمحي.
فاطمة الصادق أجرمت، والإعلام والصحافة السودانيين هما شركاءها.