السؤال:
الحلف بالطلاق وعدم الوفاء به، هل يوقع الطلاق؟
الجواب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد:
فإن الحلف بالطلاق محرم في شرع الله ودينه، فمن كان حالفا فليحلف بالله، لما جاء في السنة الصحيحة ومنها ما خرجه الشيخان عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)، ومما يتوجب علينا أن ننصح به بين يدي هذه الفتيا؛ أن نفراً من المسلمين لا يتورعون عن الحلف بالطلاق، فيحلفون به لغرض ولغير غرض، ولا يدركون مخاطر ما يترتب عليه، ولابد أن يقال لهؤلاء: اتقوا الله في زوجاتكم، ولا تحلفوا بطلاقهن؛ لأن أمر الطلاق عظيم، فهو فك رباط لا ينبغي فكه إلا لأسباب مشروعة. ولعظم شأنه ذكر الله أحكامَه في كتابه الكريم، وكثير من الرجال لا يدركون خطر الطلاق وما يؤول إليه في كثير من الأحيان؛ من الظلم، وبخس الحقوق، والتعدي على حدود الله، وإن من صور الاستخفاف بمسألة الطلاق أن يلجأ الأزواج إلى الحلف به لتعظيم الأمر الذي يحلفون من أجله، وقد يكون الحلف بالطلاق في أتفه الأمور، ومن ذلك أن يحلف الزوج على صديقه بالطلاق إذا لم يُجِبْ دعوته إلى طعام، أو يحلف على ولده أو عامله بالطلاق أن يفعل له كذا وكذا إذا لم يستجب لطلبه، وغير هذا من توافه الأمور.
وبناء على ما فات من تنبيه، فإن جواب السؤال عن الحلف بالطلاق يقع أولا يقع؟ نقول: إن للفقهاء المتقدمين والمتأخرين من أصحاب المذاهب أقوالاً عديدة حول ما يقع به الطلاق وما لا يقع بعد الحلف به، ولعل أكثر من تحدث في هذه المسألة بوضوح شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال -رحمه الله-: “فإن اليمين هي ما تضمنت حضاً، أو منعاً، أو تصديقاً أو تكذيباً”، وقد تحدث الفقهاء في مسألة الحلف بالطلاق، وفصلوا فيه، فقال كثير منهم بوقوعه، وقال آخرون: إن كان بصيغة التنجيز كقول الرجل لزوجته أنت طالق، وقع الطلاق، وإن كان بصيغة القسم كقول الرجل: [الطلاق يلزمني لأفعلن كذا] أو [علي الطلاق لأفعلن أو تفعلن كذا] فهذا يمينٌ فيه الكفارة، وإن كان بصيغة التعليق؛ كقول الرجل: [إن فعلت كذا فامرأتي طالق] فهذا إن كان قصده حضا أو منعا ونحوهما فهو يمينٌ كفارتها إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع أو كسوتهم أو عتق رقبة، وإن كان قصده إيقاع الطلاق عند حدثٍ علَّقَهُ به تعليقا مجردًا فهو طلاق. هذا هو الراجح والله تعالى أعلم.