الحمد لله، وبعد: فعليكم السلام ورحمة الله، وبخصوص ما سألت عنه فالذي يظهر أن عامته اليومَ ليس مختصًا بالكفار، ولم يعد له تعلق بشعائر دينية، فالبدلة مثلاً، يلبسها المسلم والنصراني واليهودي والبوذي والملحد الذي لادين له، والأصل في اللباس الحِلُّ، بناءً على الأصل العام في الأشياء، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لبس لباس قومِه وكانوا مشركين، وكذلك لم يأمر من أسلم من أجناس الأرض بترك ما يلبسه بنو جنسهم، ولهذا لبس مسلموا بلاد الهند والسند ما كان يلبسه أقوامهم المشركين من اللباس المعروف حتى يوم الناس هذا، وكان صلى الله عليه وسلم يقضي في الجهاد بالسَّلَب للقاتل، ولم ينه عن انتفاع السالب به، مع كون عامة المقاتلين كفارًا، وإنما نهى عن أشياء مخصوصةٍ. فما لم يكن منها فلا ينهى عنه إلاّ إن اشتمل على محظور من جهة أخرى؛ من نحو عدم ستره للعورة، أو تحجيمها؛ كالبناطيل –وهي في حقيقتها سراويلات قد لبسها العرب وعرفوها- الضيقة أو الرقيقة، أو اشتمل على محظور آخر؛ من نحو إسبال لابسه، أو رسوم لشعائر كفر؛ كالصلبان بأشكالها المعروفة، وكآلهة المشركين، وكالتصاوير لذوات الأرواح، وما لم يشتمل على محظور فالأصل فيه الحل، وغاية ما يمكن أن يقال فيما دخل فيه؛ اشتباه الكراهة، ولا شك أن الأولى لبس القمص التي يسمونها اليوم بالثياب أو الجلاليب إذ لا شبهة فيها، ولما فيها من اعتزاز باللباس المختص بالمسلمين، ولكونها أحبَّ الثيابِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث أم سلمة بسند صالح، والله أعلم.