الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالأصل أن الرخصة في الصلاة بالبيت حال نزول المطر الذي يبل الثياب، فهذه التي جاء بها النص، أما الوحل فمثلُه عند الجمهور، ولا أعلم فيه نصا ظاهرا إلا حديث ابن عباس في مسلم وقد كان في مطر، أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: “إذا قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم “، قال: فكأن الناس استنكروا ذاك، فقال: «أتعجبون من ذا، قد فعل ذا من هو خير مني، إن الجمعة عزمة، وإني كرهت أن أحرجكم فتمشوا في الطين والدحض»
والذي يظهر لي أن حكمه ليس بعام كالمطر، بل يمكن أن يتفاداه عامة الناس بعدتهم المعتادة، لكن أحوالهم في ذلك تتفاوت باختلاف مساكنهم قربا وبعدا من المسجد، فمن الناس من يشق عليهم ذلك فيكون لهم عذرا، ومنهم من لايشق عليه أو لا تتجاوز مشقته المشقة المعتادة لمثله، فهذا تلزمه أجابة النداء، ولعل مما يضبط ذلك النظر في حال المرء إذا كان يخف لأجل حاجياته وكماليات حياته في نحو طريق المسجد، فالمشقة غير معتبرة، وإن كان لا يخرج إلا لضرورة أو حاجة ملحة فالمشقة معتبرة.