س : هل يجوز إعطاء الزكاة لكافر؟
ج : الأصل المتفق عليه بين العلماء هو عدم جواز إعطاء الكافر من الزكاة، قال ابن قدامة في المغني: لا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلافًا فِي أَنَّ زَكَاةَ الأَمْوَالِ لا تُعْطَى لِكَافِرٍ. وقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لا يُعْطَى مِنْ زَكَاةِ الأَمْوَالِ شَيْئًا. وَلأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمُعَاذٍ : أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ, وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ. فَخَصَّهُمْ بِصَرْفِهَا إلَى فُقَرَائِهِمْ (يعني : فقراء المسلمين) , كَمَا خَصَّهُمْ بِوُجُوبِهَا عَلَى أَغْنِيَائِهِمْ. أ.هـ
وخُصَّ من هذا العموم صِنفٌ واحد هم المؤلفة قلوبهم؛ لقوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. {التوبة:60}.
هذا هو الحكم في الصدقة الواجبة ويدخل فيها زكاة الفطر. أما صدقة التطوع فمن العلماء من منعها مطلقا ومنهم من أجازها مطلقا، ومنهم من فرَّق بين المحاربين فمنع من التصدق عليهم وبين المستأمنين والمعاهدين فجوَّزوا التصدق عليهم، وهذا أوسط الأقوال وأرجحها، كما صرح بذلك العلامة ابن عثيمين، يقول الله -جل وعلا- في كتابه العظيم في سورة الممتحنة: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) سورة الممتحنة. فأخبر سبحانه وتعالى أنه لا ينهانا عن هذا، يقول (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ), البر منها الصدقة، وقد قدمت أم أسماء بنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنها – على النبي – صلى الله عليه وسلم – في المدينة في أيام الهدنة تسأل بنتها الصدقة والمساعدة، فاستأذنت أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك فأذن لها أن تتصدق عليها وتحسن إليها، وقال: “صِليها“.